بداية النهاية

◄ نُؤمن بأننا نحن أبناء المُجتمع العُماني الواعي والذين ظنَّ فينا ولاة أمرنا وقادتنا كل ظنون المسؤولية وتحملها قادرين على أن نكون عند حسن ظنهم بنا

ناجي بن جمعة البلوشي 

عندما تقرر اللجنة العليا المُكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) السماح بفتح المزيد من الأنشطة الاقتصادية ورفع القيود عنها مع حرصها على إلزام الجميع بارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة، فهذا يعني أن تركيزها على الثابت لديها من قاعدة وهو الحرص على اتباع أسلوب التباعد الاجتماعي كخيار لابد منه ولا مفر عنه.

فما صاحب السماح منع كل أشكال الاحتفالات المعتادة في الأعياد والتقارب الاجتماعي والابتعاد عن كل أنواع التجمعات، وهنا نفكر ملياً بأن الحكومة الرشيدة تخاطب الجميع بلغة ومفهوم واحد دون النظر إلى من يكون في تكوينات المجتمع إن كان عاملا أو صاحب عمل أو مواطنا أو مقيما، هذه المخاطبة التي في محتواها تجديد الثقة بينها وبين المجتمع العماني وإصرارها على مبدأ أنتم أحرص منِّا على أنفسكم وصحتكم، مع تكليفها بمهام المراقبة لشرطة عُمان السلطانية والتي بدورها لن تتمكن من ضبط كل شبر من عُمان ولن تكون أداة مُراقبة لكل فرد أو بيت أو سكة أو حي ومن فيه، مع اعترافنا لها وللتاريخ في قيامها بواجبها الوطني على أكمل وجه وأفضل حال في كل عمر النهضة العمانية المجيدة.

وإذ إنها هنا تقوم بذلك الواجب الذي كلفت به من أجلنا بل وتريد لنا منه السلامة والعافية فكان الأولى لنا كأناس واعين نحمل العقل والإحساس وتحمل المسؤولية بكل ما في هذه الكلمة من اعتبار أن نكون أحرص من موظفيها وأفرادها ومنتسبيها على أنفسنا إلا إذا كنَّا خارج نطاق الإنسانية والشعور بالمسؤولية.

وما كان مقالنا هذا إلا تذكير لكل من يُبيت النية لمخالفة التعليمات والقرارات واختلاس نفسه إلى نفسه، فنقول له ضع نفسك ومكانك مكان فرد من أولئك الرجال الناذرين أنفسهم لصالح عافيتنا وصحتنا تاركين أبناءهم وأهليهم تحت رحمة الظروف، ألا يجدر بك أن تبصر في أبنائك وأهل بيتك والعافية التي أنت فيها وتقارنها بذلك الحريص الذي وكِّل بمُراقبتك ومتابعة تحركاتك وتصرفاتك، هذه التحركات والتصرفات التي يمكن أن تستبدلها بالامتثال والاستجابة لقرارات اللجنة المكلفة فكل ما وصلت إليه الأمور اليوم من ارتفاع في أعداد المصابين إنما بتحركات وتصرفات أفراد بيننا كانوا يخالفون تعليمات وقرارات اللجنة، وعلى الرغم من أنَّ هذه التصرفات المتواجدة بيننا محسوبة لأفراد منِّا إلا أننا نُؤمن بأننا نحن أبناء المُجتمع العُماني الواعي والذين ظنَّ فينا ولاة أمرنا وقادتنا كل ظنون المسؤولية وتحملها قادرين على أن نكون عند حسن ظنهم بنا، وإلا فما لنا لا نبصر ونعقل فيما يكون عليه غيرنا اليوم من حظر للتجول والمكوث داخل المنازل وعدم الخروج منها لأي سبب من الأسباب، بينما نحن هنا في سلطنة عُمان سمح لنا كل ما لم يسمح لغيرنا الذين يسيرون معنا في نفس الظروف، هذا يعني أنه من مجرد امتثالنا للقرارات والتعليمات دون اختلاس وخلوة فإننا نسير إلى بداية النهاية.

هذه البداية التي نعنيها هي أن الوباء المنتشر بيننا سيزول وينتهي لتعود الحياة إلى طبيعتها لكن هذا لن يحدث إذ لازال بيننا أحد يفكر في أنه أفضل حالاً من غيره وسوف يقوم باللازم حين يكون فيه شيء من الأعراض المسببة لمرض كورنا فيكون بهذا في خلوة من أمره ومنها ينشر الوباء بين المجتمع والأفراد الأصحاء لنظل على هذا الحال زمناً طويلاً، بينما عند اتخاذنا الكمامة والعادات الصحية والتباعد الاجتماعي وسيلة نجاة وخلاص من قيود ما نحن فيه الآن وسنتخطى المرحلة بأقصر مدة زمنية، فالقاعدة الصحيحة دائماً تقول في المثل العماني "قطعها من الجوس"، هذا المثل الذي يعني مختصرا لاتضع لأي الأسباب ثغرة أو لا تكون ممن يسوفون الأمور بكلمة سوف وسوف، كأن تقول سوف التزم بالتعليمات بعد العيد وسوف التزم بالقرارات بعد أن أمرض أو يمرض أحد من أهلي أو غيرها من كلمات التسويف.

كونوا كما ظنَّ فيكم ولاة أمركم وعلى رأسهم مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وانهوا هذه المُعاناة خلال عشرة أيام من تاريخ اليوم لنفرح جميعنا في 29 مايو 2020، بفتح كل أبواب الحياة التي نحبها، وليكن لنا موعد في ظفار المجد خاصة صلالة الحالمة نتمتع بما بها من خيرات وجمال رباني فموعد موسم الخريف فلكياً 20 يونيو من كل عام وهو موعد مناسب للقائنا هناك.