المتاحف في يومها العالمي

 

 

ردينة بنت عامر الحجري **

** مديرة متحف المدرسة السعيدية للتعليم

 

في 1977 قررت الجمعية العمومية للمجلس العالمي للمتاحف أن يكون الثامن عشر من مايو من كل عام هو اليوم العالمي للمتاحف (ICOM)، كما قرروا أن يحمل كل عام شعارًا جديدًا يعزز من أهداف هذا اليوم ومن غيايات وجود متاحف، ومن أهمها الجانب الاجتماعي والانساني فيها، حيث يرون أن المتاحف يجب ألا تعتبر مكانا لحفظ الآثار والمقتنيات القديمة بل ينبغي أن تكون مصدرا ثقافياً ومعرفياً للطلبة والباحثين ومخزونا اجتماعيا يوثق ذاكرة وتاريخ الانسانية بما يجعلها مرتبطة ومتفاعلة مع المجتمعات تفاعلا تنمويا متنوعا وشاملا، ولهذا كان شعار هذا العام 2020 هو "المتاحف من أجل المساواة: التنوع والشمول".

إذ أنّ المعرفة هي مقصد إنساني عام، والتاريخ توثيق للذاكرة والأحداث بكل ما بها من ظلم وباطل ومن عدل وإحسان، دون إطلاق أحكام غيبية على تفاصيل مسالكه العجيبة، التي يريد البعض أن يعيش حاضره فيها ويهندس مستقبله عليها، وكأنّه أصبح عالقًا فيها في بؤرة الماضي لا يستطيع أن يتخلص منها قط بينما تمضي الشعوب المتقدمة إلى بناء مستقبل جديد ومليء صفحات بيضاء بإنجازات تقف على أكتاف ما أنجز السابقون من علوم واختراعات ومبادئ ومفاهيم، إنّ المتاحف لم تجعل لكي نعيش في أمجاد التاريخ ولا أن نعذب أنفسنا بمخازي الماضي، بل علينا أن نتعلّم منه أن التمييز العنصري والتفضيل العرقي والأنانية هو ما يقود العالم إلى التقاتل والتنافر والتناحر والذي لا ينتج عنه إلا التخلف والدمار، وإن ما تحتاجه الإنسانية اليوم هو المساواة؛ بالاعتراف بالتنوع البشري في الأجناس والأعراق (وليس التمييز) والإقرار بضرورة أن تشمل المعارف والعلوم جميع الناس.

وإذ إننا في سلطنة عُمان نشارك المجتمع الدولي بهذه المناسبة، ونحن نواجه الإجراءات المشددة لمكفاحة فيورس كورونا بالعزل والحجر الصحي ومنع التجوال وإغلاق كثير من المؤسسات التي من ضمنها المتاحف، فإنّه حتما علينا ألا نبقى مكتوفي الأيدي، بل يمكننا الاستفادة من هذه الظروف الاستثنائية للخروج من عباءة الأسلوب التقليدي للمتاحف وتسلق جدرانها والذهاب بما لدينا من ثقافات ومعارف وتاريخ إلى الجمهور في منازلهم وأمكان عملهم وقراهم عبر استخدام التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال المرئي التي تصل لجميع أنحاء العالم، وبالحضور الفعّال في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء عن طريق إيجاد حسابات خاصة بالمتاحف للتعريف بها وبموجودتها، أو عن طريق التفاعل مع أبنائنا الطلبة والطالبات وشغل أوقات فراغهم بمواد وأنشطة  تنافسية ومسلية تبحر بهم إلى عوالم معرفية متنوعة وشاملة وإنسانية.

تعليق عبر الفيس بوك