خبراء: الوباء يحطم النظام العالمي ويفاقم انعدام الثقة مع "أحلك السيناريوهات"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

في حين أن جائحة الفيروس التاجي تعيث فسادًا في معظم أنحاء العالم، بدأ القادة السياسيون ورجال الأعمال يفكرون بالفعل فيما قد يبدو عليه العالم بمجرد أن يهدأ من أسوأ تفشٍ لمرض خلال التاريخ المسجل في العالم.

وبحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج الإخبارية فإنّ التوقعات ليست جيدة؛ فالحكومات المنهارة والمجاعة والاقتصادات المنكوبة وانتشار المتطرفين، تصورات ضمن أحلك السيناريوهات بعد الجائحة. ومع ذلك، فإنّ التوقعات الأقل مأساوية ذات طابع كئيب، مع انهيار التحالفات السياسية؛ إذ من غير المرجح أن تنتعش الاقتصادات بسرعة كافية لتخفيف تأثير مئات الملايين من الوظائف المفقودة.

وتبخرت إلى حد كبير الآمال في أن تضع الدول للحظات خلافاتها جانبا، من اجل التوحد في جهود مكافحة الفيروس التاجي.

وقال ريتشارد فونتين الرئيس التنفيذي لمركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن "هذا الوباء أشبه بكويكب يضرب الأرض، وهنا يمكن تخيل حجم التهديد المشترك". وأضاف "لكن لم يكن هناك تعاون هادف فحسب، بل أصبح مجرد عامل آخر للمنافسة بين الدول".

ومن المتوقع أن تكون إحدى المعارك الأولى حول التوصل إلى أي علاج أو لقاح دائم. وانفجر المسؤولون الفرنسيون الأسبوع الماضي غضبا عندما قال الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي العملاقة للأدوية ومقرها باريس إن الولايات المتحدة قد تحصل على اللقاح المحتمل للشركة أولاً لأنّ أمريكا ساعدت في تمويل البحث. ويؤكد العديد من قادة العالم أنّه يجب النظر إلى أي لقاح على أنّه "منفعة عامة"، على الرغم من أنّ بعض السكان سيحصلون عليه في وقت متأخر.

ولم تحضر الولايات المتحدة اجتماعا افتراضيا بقيادة أوروبا في 4 مايو لجمع مليارات الدولارات للقاح، ولم يتمكن الأعضاء الدائمون الخمسة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الاتفاق على قرار يحث على وقف عالمي لإطلاق النار؛ لأنّ الولايات المتحدة اعترضت جزئياً على إشارة إلى منظمة الصحة العالمية، التي يقول الرئيس دونالد ترامب إنّها "مقربة جداً" من الصين.

وعلى مستوى أعمق، ثمة قلق واسع النطاق حول رفض إدارة ترامب المتكرر للتراجع في حملة "أقصى ضغط" للعقوبات الاقتصادية ضد إيران وفنزويلا، على الرغم من الوضع المأسوي الذي يعانيه سكان تلك الدول مع احتدام عدوى الفيروس.

ونتيجة لذلك، ستكون إحدى الضحايا الواضحة للفيروس جيوسياسيًا هي الثقة في الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، وقد ازداد الازدراء للمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية فقط خلال التفشي.

وسوف تشعر العديد من الدول، بعد أن شاهدت استجابة شعار "أمريكا أولاً" للوباء، بالقلق من الاعتماد المفرط على واشنطن. ولم يتمكن أكبر اقتصاد في العالم، وموطن كثير من الجامعات والباحثين، من تأمين ما يكفي من الاختبارات والمعدات الطبية للتعامل مع الفيروس، الذي أودى بحياة أكثر من 86000 أمريكي.

كما أنّ هناك أضرارًا أخرى محتملة طويلة الأمد؛ حيث أعلنت الجزائر التي تعتمد على النفط في معظم عائداتها أنّها خفضت ميزانيتها إلى النصف وسط انخفاض أسعار النفط الخام. ويخشى بعض الخبراء موجة جديدة من المهاجرين الفارين عبر شواطئها على البحر المتوسط ​​إلى أوروبا.

ومن المتوقع أن يمحو الوباء 8.5 تريليون دولار من الناتج العالمي ويمكن أن ينقل 130 مليون شخص إلى دائرة الفقر المدقع، وفقًا للأمم المتحدة. وقد ناشدت أكثر من 100 دولة بالفعل صندوق النقد الدولي للمساعدة؛ حيث يقضي الفيروس التاجي على مصادر الدخل الرئيسية مثل السياحة والسفر.

وقد تركت تلك الفوضى بعض البلدان تتطلع إلى استغلال الفرص، بينما تشتت انتباه بكين وواشنطن، وهو ما وصفه رئيس الوزراء الأسترالي السابق كيفين رود بـ"الفوضى القادمة بعد كوفيد-19" في مقال نشر في 6 مايو.

وفي ظل تراجع شعبية الرئيس فلاديمير بوتين في الداخل، فإنّه يستخدم الفوضى التي يسببها الفيروس التاجي لتعميق نفوذ حكومته في سوريا وليبيا.

تعليق عبر الفيس بوك