نحو عملة بديلة للدولار

فايزة الكلبانية

فرضت جائحة كورونا على العالم نظاما عالميا جديدا تبدو ملامحه في الأفق، وهذا العالم يتشكل بأدوات جديدة ودماء جديدة، بأفكار خلاقة واقتصاد جديد يختلف عن مرحلة السنوات الماضية، حيث سيطرت الولايات المتحدة على العالم. 

والمتابع لمراحل إنشاء الدولار الأمريكي يجد بأنه تأسس في عام 1792م، وحينها كان عباره عن عملة ورقية، ينقسم لثلاث فئات متفاوتة القيمة؛ كانت الفئة الأولى تعد الأغلى وتمت صناعتها من الذهب، والفئة الأقل منها من حيث القيمة كانت مصنوعة من الفضة، أما الفئة الأخيرة تمت صناعتها من النحاس، وحينها تم اعتماد هذه العملة "الدولار الأمريكي" كعملة رسمية يتم التعامل بها في الولايات المتحدة. وفي العام 1861م، في ظل الحرب الأمريكية الأهلية بين الشمال والجنوب، ارتأت حكومة الشمال بأنها بحاجة لكميات أكثر من المال لتخوض هذه الحرب مع الجنوب، ولا بد من توفيره دون الحاجة لخسارة ما تملكه من الذهب والفضة لكون الدولار في ذلك الوقت عند طباعته لا بد أن ان يتم إيداع الذهب عوضا عنه، ومن هنا تم إنشاء العملة الورقية من الدولار الأمريكي بالشكل المتعارف عليه اليوم باللون الأخضر، وبدأوا في طباعة الدولار مع نهاية الحرب الأمريكية، حيث يوجد حوالي 461 مليون دولار أمريكي تمت طباعتها حينها.  

وتم حينها فك ارتباط الدولار بالذهب، وجاءت رئاسة نيكسون الذي قام بطباعة الدولارات بدون أن يشترط إيداع مقابله ذهب وواصلوا طباعة أوراق الدولار وكان أيامها لا يساوي الورق من الدولار الشيء الكثير لكونه لا يتم استبداله بالذهب، كما ارتبطت هذه المسألة بارتفاع أسعار النفط، حيث تم فرض أن يكون كل التعاملات بالدولار بالتحديد في مسألة بيع النفط، وهكذا اتفقوا مع مختلف الدول المنتجة للنفط، ومن هنا عاش الدولار معتمدا على "الصيت والسمعة"، في قوته، وليس على الإنتاج في طباعته مما سبب تضخما، ونتيجة لأن الدول اعتمدته كعمله رئيسية فصار له وجود وقوة أكبر في السوق ولكن لم يتم حينها تغطيته بالذهب.

وكان الفارق عندما  حضرت 44 دولة من مختلف دول العالم لاتفاقية بريتون وودز Brettom Woods ، والتوقيع على عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية خلالها  بهدف تنظيم التجارة العالمية، وفيها تم اعتماد الدولار الأمريكي كمرجع أساسي لتحديد سعر العملات الأخرى، ومن خلال هذه الاتفاقيه تم تأسيس أنظمة الصرف الأجنبي وتأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما جعل الدولار كما يصفه البعض وكأنه "الملك" يعمل كمرجع لتحديد قيمة عملات الــ 44 دولة الحاضرة للمؤتمر والموقعة على الاتفاقية، وجعلت الدولار يفرض هيمنته وسيطرته أمام العملات إلى اليوم.

اليوم ومع صعود قوى جديدة في العالم الاقتصادي، وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد، ومن المتوقع مستقبلا أن تكون الاقتصاد الأول عالميا، بفضل طريقة تعاملها مع أزمة كورونا والسيطرة عليه وخرجت بأقل الخسائر في حين الاقتصاد الأمريكي لا يزال يترنح تحت ضربات كورونا، وبما أن كل العالم يتحول نحو الثورة الصناعية الرابعة، فاليوم العالم فعلا بحاجة ضرورية وبقوة لعملة جديدة لا ترتبط بالدولار وقد تكون العملة الرقمية هي الحل، سواء كان البتكوين أو ليبرا أو أي عملة أخرى قد تظهر في الأسواق، وهذا ما سنشهده في المرحلة المستقبلية.