"المتحف الوطني" يضم 200 مخطوطة للمصاحف تتميز بزخارفها وأشكالها الهندسة

 

مسقط - العمانية

تزخر قاعة "عظمة الإسلام" بالمتحف الوطني بمسقط، بالعديد من الكنوز التي تُثري الزائر للمتحف، وتعرِّفه بإسهامات العمانيين في العديد من مجالات العلوم؛ حيث تضمُّ القاعة من بين المعروضات العديد من المصاحف العمانية المخطوطة التي أولاها النُّساخ والخطاطون العُمانيون أهمية كبيرة، وتسابقوا في إتقانها وإبداعها وتتميز بجمال الخط، وحسن تجليدها وزخرفتها وتذهيبها.

وفي دار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة، هناك عدد كبير من المصاحف المخطوطة تتجاوز 200 مصحف، يقول عنها محمد بن فايل الطارشي رئيس قسم تسجيل المخطوطات بالوزارة: إنَّ من بينها "مصاحف متميزة بطابعها الزخرفي وأشكالها الهندسية والنباتية التي تتسم بالواقعية والتواضع وبالألوان الزاهية، والتي حاول الخطاطون والنساخون العمانيون أن يبذلوا قصارى جهدهم في نسخ هذا النوع من المخطوطات بالخط العماني المميز، الذي يجمع بين خط النسخ، وخط الثلث الذي يعمد لاستخدام الخطوط المتشابكة في بداية المخطوط ونهايته".

وأشار إلى أن "بعض المصاحف المحفوظة في مكتبة وزارة التراث والثقافة ورد بعضها إلى الوزارة؛ ومنها مصاحف عمانية كُتبت بأيدي نُساخ عمانيين، وبعضها مصاحف غير عمانية وهي مصاحف مغاربية فارسية وتركية، وعليها تقييدات ووفيات الملاك وواقفين عمانيين، وتم حصر وتوصيف وفهرسة المصاحف وقدرت بأكثر من 300 مصحف ومخطوط وربعة قرآنية (الختمة، عدد أجزاء القرآن تجزئة 30 جزءا) وكان يقيد عليها كثير من تواريخ الوفيات، ويتضح من خلال هذه التقييدات أن هذه الختمة تقرأ على روح الأموات ويكتب خاتم القرآن هذا التقييد، وكانت أيضا هذا الختمة تؤجر لمن يقرأها على روح الميت، وقد وقفت على كثير من تلك التقييدات وبعضها به ثمن الاستئجار. وأضاف: لقد قُمت بدراسة مصاحف امتدت من القرن الحادي عشر إلى الرابع عشر الهجريين، وأقدم المنسوخ منها مصحف نسخ سنة 1054هـ بيد سالم بن ربيع بن راشد البهلوي محفوظة بمكتبة وزارة التراث والثقافة برقم حفظ 15، إلا أنه يوجد ما هو أقدم منها، وهي اقدم النسخ المؤرخة من المصاحف العمانية المخطوطة في خزانة أبي الحكم أحمد بن عبدالله الحارثي، ونسخ سنة 1028هـ بيد الناسخ الخطاط احمد بن عبدالله الخليلي، وأحدث هذه المصاحف مصحف نسخ سنة 1332هـ، بيد زهران بن خلفان بن سرور اليعربي، محفوظ بمكتبة وزارة التراث والثقافة برقم حفظ 4393".

وقال إنَّ دراسته "قسَّمت المصاحف موضوع البحث إلى مصاحف تامة معروفة الناسخ بالتصريح أو القرائن ويقدر عددها بأكثر من 50 مصحفا، ومصاحف غير تامة مجهولة الناسخ والتاريخ وهي الأكثر، ويقدر عددها بأكثر من 250 مصحفا، أما المصاحف غير التامة ناقصة الأول والآخر وفقدت جلودها الأصلية واستحدثت لها جلود حديثة، فإن هذا النقص تم بفعل كثرة الاستخدام لهذه المصاحف وحوادث الزمن من القدم والتآكل والرطوبة والارضة أو بفعل السطو والاستيلاء على بعض تلك الأوراق خصوصا التي تحتوي على بيانات النسخ، فنجد كثيرا هذه المصاحف مبتورة الاخر، وكذلك تعمد بعض النساخ عدم كتابة اسمه وبيانات نسخه".

وأوضح محمد بن فايل الطارشي رئيس قسم تسجيل المخطوطات بوزارة التراث والثقافة، أنَّ هذه المصاحف التي تتبع دراستها اتخذت شكلين وعائيين هي المصاحف والأرباع حيث بلغ عدد المصاحف 260 مصحفا، إضافة لـ40 ربعة قرآنية وختمة، وأغلب تلك المصاحف تأخذ الشكل العمودي؛ بحيث يكون ارتفاع المصحف أكبر من عرضه، وتوجد أشكال أخرى للمصاحف؛ ومنها: الشكل السفيني، ويكون العرض أكبر من الطول، وهي مصاحف غير موجودة لدينا وظهرت في القرون الهجرية الأولى.

ومن المصاحف العمانية بدار المخطوطات مصحف "الريامي"، الذي لا يجد المتصفح له أي نقش أو زخرفة وهو مصحف كتبه الأديب النسَّابة عامر بن سليمان الريامي من علماء القرن الثالث عشر الهجري وفرغ من كتابته في منتصف ذي الحجة 1240هـ، ويجد القارئ التلوين والزخرفة في صفحتيه الأوليين فقط، لكنها زخرفة هادئة كأنما هي قطعة نسيج من التراث العماني القديم. أما خط الناسخ، فغير مميز، لكنه واضح ومقروء، متباعد الأسطر، ولا يجد المتصفح له أثرًا لزخارف تذكر، بل تخلو صفحات المصحف عادة من التأطير ولون الخطاط بالأحمر أسماء السور التي يحيطها بإطار أحيانا وأحيانا دونه.

ومن بين مصاحف الدار أيضا مصحف حمل اسم "مصحف الوايلي"، وهو من بين النماذج التي تظهر فيه بساطة مخطوطات المصاحف العُمانية وخط المصحف الناسخ سليمان بن مطر الوايلي، وفرغ منه في يوم الاثنين 2 جمادى الأولى 1291هـ، ولا يجد المتصفح لهذا المصحف أي زخارف تذكر سوى إطار من خطين متوازيين باللون الأحمر أحيانا، وهذا النمط من المصاحف شائع بكثرة عند أهل عُمان، وهو ينطلق من مبدأ يعتبر مكمن الجمال ليس في الزخارف والنقوش والزينة، إنما في البساطة التي تكسب القارئ الراحة والسكينة وفي وضوح الخط وضبط الشكل الذي يعينه على قراءة صحيحة متقنة للقرآن الكريم وله أمثلة كثيرة في مخطوطات الدار.

تعليق عبر الفيس بوك