"كورونا" يختبر قبضة بوتين على الدولة الروسية.. والاقتصاد الخاسر الأكبر

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

في غضون شهرين، أطاح "كوفيد -19" بأجندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السياسية والنموذج الاقتصادي الذي يدعم نظامه، وتحويل 2020 من عام كان من المقرر أن يشهد دخوله في عقد آخر من الحكم، ليكون عقدا مهددا ومقوضا لتفوقه السياسي والاقتصادي، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ويقول أحد السفراء الأجانب في موسكو "من الواضح تمامًا أن هذا العام لم يخطط له على الإطلاق فيما يتعلق ببوتين". وأضاف "لقد كان للوباء تأثير أكبر بكثير مما كان يأمل، وستكون التداعيات الاقتصادية من كل هذا أكبر".

وأصاب الفيروس أكثر من 135000 روسي وأودى بحياة ما يزيد عن 1300 شخص، مما يجعل البلاد سابع أكثر الدول تضررا، وفقاً لبيانات من جامعة جونز هوبكنز. وتنحى ميخائيل ميشوستين رئيس وزراء روسيا مؤقتا بعد إصابته بالفيروس.

وأثار الفيروس صدمة اقتصادية ذات شقين من المتوقع أن تقلص الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة تصل إلى 6% هذا العام، وفقًا لتوقعات البنك المركزي. وإضافة إلى الإغلاق الوطني لمدة ستة أسابيع وتدابير الحجر الصحي الخانقة التي تسببت في اختناق الصناعة المحلية، ساهم الوباء في تخفيض سعر النفط إلى أكثر من النصف، مما يعرض الحياة المالية في البلاد للخطر.

وتوفر أرباح مبيعات النفط والغاز حوالي 50% من إيرادات الميزانية الموحدة لروسيا أي حوالي 130 مليار دولار. ومنذ أن تراجعت أسعار النفط، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قرار بوتين السيئ الشروع في حرب أسعار مع المملكة العربية السعودية لإيذاء منتجي الوقود الصخري الأمريكي، يتم استنزاف صندوق حرب بقيمة 165 مليار دولار لحماية الاقتصاد بما يصل إلى 300 مليون دولار يوميًا، وفقا للبيانات الحكومية. وحذر وزير المالية الروسي من أن الحكومة يمكن أن تحرق ما يقرب من نصف مدخراتها بحلول نهاية العام.

وترى الصحيفة أن حتمية دعم الميزانية تعني أن التدابير المالية الموعودة لدعم الأشخاص والشركات المتضررة من الوباء والتباطؤ الاقتصادي والتي لا تتجاوز 40 مليار دولار أو 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي؛ هي أقل بكثير من تريليونات الدولارات التي تم التعهد بها في دول أخرى. وصوت المشرعون الروس في مارس لرفع حدود اقتراض الدولة.

ويُواجه بوتين أزمة مُتعددة الأوجه هزت سلطته والعقد الاجتماعي غير الرسمي الذي يدعم حكمه: توفير الأمن والاستقرار الاقتصادي للناخبين مقابل قيود على حرياتهم السياسية.

وعلى الرغم من محاولات إبعاد نفسه عن الأزمة من خلال تفويض قرارات صعبة إلى حكامه الإقليميين، فقد انخفضت شعبية بوتين إلى أدنى مستوى لها منذ 6 سنوات. وأحد مقاييس الثقة العامة فيه هو 28%- وهو أدنى مستوى منذ عام 2006- قبل 18 شهرا فقط من الانتخابات البرلمانية الروسية.

وطوال معظم شهر مارس، ومع انتشار الفيروس بسرعة عبر دول أوروبية أخرى، أصر المسؤولون الروس على أنَّ عدد الإصابات كان منخفضًا، وترك بوتين القضية ليتم التعامل معها من قبل الوزراء والمسؤولين والمساعدين.

ومن المتوقع أن يكون التأثير على السكان شديدًا. وتوقع خبراء الاقتصاد في بنك ألفا أن تتراجع الدخول الحقيقية في روسيا بنسبة 5% هذا العام. وانخفض الدخل بنسبة 7.5% بالفعل عما كان عليه في عام 2014، قبل أن دفع غزو روسيا لشبه جزيرة القرم إلى فرض عقوبات غربية على موسكو.

ويقدّر أليكسي كودرين رئيس لجنة المراجعة الروسية ووزير المالية السابق، أن الأزمة قد تشهد تضاعف معدلات البطالة إلى 10%. وانخفض الإنتاج الصناعي بالفعل بنسبة 2.5% في مارس، ومن المرتقب أن يواصل الانخفاض ​​في أبريل، حيث تكافح المصانع والمناجم والمصانع الرئيسية للعمل في إطار إجراءات الحجر الصحي وبدون مقاولين أجبرتهم الحكومة على الإغلاق.

من المُثير للقلق بالنسبة للكرملين، أن بيانات العدوى تظهر أن انتشار المرض ينتشر بشكل أسرع في المدن الإقليمية والمناطق الريفية البعيدة عن موسكو، والتي تفتقر إلى كل من المستلزمات الطبية في العاصمة والقوة المالية.

تعليق عبر الفيس بوك