الشائعات وأثرها النفسي وقت الأزمات والكوارث

إعداد: المستشار. طلال السويدي

متخصص في مجالات القيادة وإدارة الأزمات

@Talal_AlSwidi

Talal0999@gmail.com

 

تعد الشائعات من اهم أساليب ترويع الأفراد والمجتمعات النفسية والاجتماعية حيث أنها لا تقتصر على زمان أو مكان معين، بل حيثما وجد المجتمع البشري ظهر خطر الشائعات خاصة في الأزمات.

تختلف الشائعات عن الأساليب الأخرى في أن الوسيلة التي تحملها وتنقلها، وتزيد من حدتها وفعاليتها المجتمع المستهدف نفسه، فما أن تصل الاشاعة الى بعض افراد المتجمع المستهدف حتى يقومون بترويجها الى كل من يعرفون، ووصل الأمر للبعض ليس للنقل فقط بل الإضافة عليها، وربما اختلق أجزاء كثيرة من تفاصيلها مما يجعل من الاشاعة أعظم وأقوى وسيلة إعلامية بالنسبة لموجة الاشاعة، مما يساعد على سرعة نقلها وكذلك على زيادة فعاليتها وتأثيرها الى الافراد أو المجتمعات المستهدفة، لأن الفرد قد يسمع هذه الاشاعة من صديقه، أو من داخل مجتمعه، حيث تستعمل الاشاعات بفاعلية وقت الحروب وكذلك وقت السلم " الحرب الباردة ".

الإسلام في عرضه للحقائق لا يثبتها عن طريق التخمين أو الحدس، ولا يوضحها بأسلوب التدليس والمغالطة، بل يبني حقائقه على العلم الموصل إلى اليقين، وعلى الصدق المؤدي للثقة،

ولقد ذم القرآن الكريم الذين يقولون بغير علم بقولة تعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) ( سورة النور: الآية 15)

والإسلام لا يرضى اختلاق الكذب والشائعات الكاذبة، لأن فيها ضرر وفتنة وتضليل للناس، ومن ذلك قول الله تعالى (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وأولئك هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( سورة الحج : الآية 27 )

إن الله عز وجل قد صرح بتفسيق من يشيع الكذب بين الناس، حيث قال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات : الآية 6 )

فالإشاعة ليست مرضاً من عهد حديث، بل لها جذور في التاريخ وقد لجأ إليها واستخدمها الأفراد والجماعات والدول والقادة، فكفار قريش أتهموا الرسول صلى الله وعليه وسلم بالكذب والسحر والكهانة وأشاعوا تلك في الناس، وفي وقتنا الحاضر من يصدره أعداء المملكة العربية السعودية وولاة أمرها وعلمائها من كذب محض واشاعات بقصد النيل من بلد التوحيد.

 الاشاعة في اللغة: شاع الخبر بمعنى أذاعه وانتشر وظهر وافترق، وهي الخبر ينتشر غير متثبت منه.

 الاشاعة في الاصطلاح: كل قضية أو عبارة يأو معلومة جري تداولها شفيهاً وتكون قابلة للتصديق دون أن تكون هناك معايير مؤكدة لصدقها ولا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها وتنتشر على طريق النقل الشفوي " الكلمات المنطوقة".

دوافع الشائعات:

الشائعات من أخطر وأفتك أساليب الحرب النفسية لأنها تدنس بطريقة أشبه بالسحر وسط الجماهير، ولأنه من الصعب معرفة مصدرها ولأن ضحاياها يسمعونها من أصدقائهم مما يعطيها صورة الخبر الصادق بل إن ضحاياهم يكونون أحياناً هم مروجوها. ويمكن تلخيص أهداف الشائعات في عصرنا الحاضر وخاصة في الحرب النفسية ومنها:

  • التأثير على المعنويات وتفتيت قواه العامة للوصول به إلى الإرهاب النفسي.
  • استخدمها للتمويه والتعمية كستار لإخفاء حقيقة ما.
  • تمرير فكرة، أو بيع منتج بأسعار خيالية، أو تغيير سلوك وقيم مجتمع.

أساليب الحرب النفسية:

الدعاية: وتقوم على استخدام وسائل الاعلام الحديثة من نشر وترويج للأفكار والمعتقدات والاخبار التي تود نشرها وترويجها، بغرض التأثير في نفسية الافراد والمجتمعات وخلق اتجاهات معينة لديهم.

افتعال الازمات وعقد اجتماعات: عبارة استخدام حادث أو حوادث معينة قد تكون بسيطة، ولكن يتم استغلالها بنجاح من أجل خلق أزمة تؤثر في نفسية الطرف الآخر وتسفيد منها الجهة المستخدمة لهذا الأسلوب.

إشاعة الرعب والفوضى: وهذه وسيلة مهمة تستخدم بواسطة استغلال عاطفة الخوف، لإرهاب الشعوب واخضاعها من خلال استخدام الوسائل المتخلفة لخلق الفوضى، مما يسهل عليها السيطرة والتغلب عليها.

الاشاعة: هي عبارة نوعية او موضوعية مقدمة للتصديق تتناقل من شخص لآخر. وهي تعتمد على المبالغة في اخبار معينة والترويج لها ونشرها في نطاق واسع أو خلق أخبار لا أساس لها من الصحة، والهدف التأثير على الرأي العام تحقيقاً لأهداف سياسة أو اقتصادية أو عسكرية. لذلك الاشاعة لا تعتمد على الخيال، بل على جزء من الحقيقة من أجل إمكانية تصديقها.

أنواع الشاعة:

تختلف أنواع الاشاعات باختلاف الأهداف والغرض من ترويجها، وتتنوع حسب موضوعها أو الاثار المترتبة عليها، أو الدوافع التي من من وراءها، أو حسب سرعتها وزمان انتشارها، مما يصعب معه تقديم حصر منضبط عن الشائعة وانواعها لاختلاف اثارها ودافعها والبيئات واثارها النفسية.

  1. سرعة السريان : والمعيار هو الزمن ويندرج تحته الشائعات بالآتي
  • الاشاعة البطيئة: تلك الي تحتاج لفترة زمنية طويلة حتى تنتشر بين الناس أو المجتمعات، ولعل هذا النوع من اخطر الأنواع، لأن الجهات التي تصدرها تلبسها ثوباً من السرية، الأمر السرية، الذي يقلل من حجم انتشارها، وفي المقابل يرفع معيار مصداقيتها وتأثيرها.
  • الاشاعة العاطفية: والمقصود بها التي تنتشر لفترة زمنية محدودة، ثم تختفي أو تغطس، ولكنها تبقى مرشحة للظهور مع توفر الأجواء لها في المستقبل، وغالباً ما ينتعش مثل هذا النوع فترات الحروب، والكوارث التي تضعف فيها المجتمعات وتتفكك ويقل فيها الوعي الفكري وتخلل أسس النموذج المعرفي لدى الناس.
  • الاشاعات المندفعة: ولا تختلف عن سابقاتها إلا بقصر الفترة الزمنية التي يستغرقها انتشارها، مثل الانباء التي تتحدث عن قرب وقوع اجتياح أو مجاعة أو وباء، وتستخدم أحيانا لجس نبض الناس وردود افعالها تجاه فكرة ما.
  1. الاشاعات حسب الموضوع: وتختلف الاشاعات في أنواعها بحسب محتواها، حيث منها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسة.
  • الدوافع والبواعث: منع هذا النوع من الاشاعات مرتبط بسيكولوجية الانسان، فأي حاجة بشرية يمكن أن تكون دافعة لانبثاق الاشاعة.
  • الاشاعات والخوف: الانسان عندما يتسلل إليه الخوف يكون مهياً لاستقبال الأوهام، ويفسر الأمور بما لا يتحمل، ويسغ له خوفه تصديق كل ما يقال، ومن مخاطر هذا النوع أنه يؤدي الى زعزعة ثقة الفرد بنفسه، وبث النظرة الانهزامية في النفوس.
  • اشاعات الحقد: وينتج عنها غالباً اقاصيص ملفقة عارية عن الصحة.
  • اشاعات الآمال والطموح: وهي التي تقوم على أساس زرع بذور التفاؤل، وانتظار الفرج.

الابعاد الاجتماعية والنفسية للإشاعة واثرها على المجتمع:

تستند الاشاعة على استراتيجية وتكتيك معينين، وليس عملاً فوضوياً بقوم به فرد أو مجموعة لتحقيق مقاصد قريبة أو بعيدة، وتستخدم الاشاعة في المجال الاستراتيجي ضمن مفهوم عام يكون بمثابة الدليل لاستخدامها، كما تستخدم الاشاعة في للمجال التكتيكي وذلك كما تقتضي ظروف الوضع الراهن ومعطيات الوقائع والزمان ومكان محددين، وذلك لتصيب وتبلغ الأهداف المرسومة لها بدقة، فالإشاعة أصبحت علماً مت العلوم المنضبطة ذات المناهج القواعد والاسس.

          إن المجتمع الذي ينتشر فيه الشائعات معرض لأن يكون حاضنة لانتشار تدني المعنويات كونها تؤسس حواجز تحجب الحقائق فيحدث غموضاً وبلبلة تحول دون التعرف على صحة وحقيقة الشائعة مما يجعلها خبراً صادقاً تتناقله وسائل الاعلام مما يولد مناخاً للناس ويؤثر في مصداقية الرأي العام، يفسح المجال لانتشار الأكاذيب والاخبار المبنية على مقاصد سيئة ويبث طاقات سلبية في المجتمع، تشل حركته وفاعليته وانتاجه، ويمكن أن تكون مخلخلة للتنظيم الاجتماعي من تحليل العلاقة بين الاشاعات والتنظيم الاجتماعي ومن عدة جوانب:

  1. إن الاشاعات كثيراً ما تكون سبباً في تعثر العمل الجماعي بما يعرقل الإنجاز والتطور بأكمله.
  2.  تلعب الاشاعات دوراً بارزاً في مظاهر العزلة التعقيد التي تسود النظام الاجتماعي.
  3. يتحدد استقرار التنظيم بمدى التوافق بين الميكانزمات الاجتماعية ورغبات المجتمعات في تقبل مراكزهم وأدوارهم الاجتماعية، حيث أن وضوح الأدوار يحدد الاطار التنظيمي، والاشاعات كفيلة بأن تمس ذلك كله بالنظر إلى اختلاف الأهداف والوسائل من ناحية، وأن الاشاعات كثيراً ما تكون تعبيراً عن مشاعر التنافس والغيرة والحسد وغيرها من ناحية أخرى.
  4. خلق عدم الثقة بين الافراد وقياداته
  5. التأثير في العقيدة وزعزعتها لدى أفراد المجتمع المستهدف بالإشاعة ولبث روح الفرقة والتناحر بين المجتمع الواحد عقائدياً وطائفياً لتحقيق الهدف المبتغى من وراء الاشاعات.

وسائل الوقاية من الاشاعة:

  • نشر الحسابات في مواقع التواصل الجهات والمنظمات والهيئات التي تأخذ منها المعلومات، وتحديثها بشكل مستمر.
  • عدم ترديد الاشاعات وتكذيبها من خلال التوعية المستمرة.
  • اقتفاء خط سير الاشاعة إلى جذورها والتخطيط الشامل لدرئها.
  • تحليل الاشاعات لمعرفة أهدافها ودوافعها ومصدرها ومن يقف وراءها أو المستفيد منها ليكون الرد عليها علمياً وواقعياً ومنطقياً.
  • نشر الحقائق دائماً للجماهير في كل ما يتصل بحياتهم لأن الاشاعات انما تسري وتنمو في المجتمع المغلق.
  • عقد مؤتمر يومي عند الازمات لنقل الجديد والمستجد من معلومات وأحداث.

 

**********************************************************

المصادر: مواقع إلكترونية وبحوث

تعليق عبر الفيس بوك