دعوات مكثفة لعقد اجتماعات "غير عادية" لإنجاز الخطوة

"المساهمة العامة" تسابق الزمن لتعديل النظام الأساسي للتوافق مع قانون الشركات التجارية

◄ القانون الجديد يتضمن أحكاما خاصة لحماية رأس مال الشركات

◄ تآكل رأس المال بنسبة 25% يستلزم إجراءات مناسبة لتدارك الوضع

◄ حل مجلس الإدارة وتعيين "مجلس مؤقت" في حالة المخاطرة بمصالح المساهمين

◄ لـ"سوق المال" الحق في التفتيش على الشركات المساهمة "في أي وقت"

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تُسَابق الشركات المُساهمة العامة الزمنَ لتعديلِ النظامِ الأساسيِّ لها وفقًا لمتطلبات قانون الشركات التجارية الجديد، لاسيما مع انتهاء المهلة المتاحة للشركات لتوفيق أوضاعها لتتماشى مع القانون، وتعكف الشركات في الوقت الراهن على دعوة مساهميها لاجتماعات جمعيات عمومية غير عادية، لإنجاز هذه الخطوة الضرورية.

وألزم المرسوم السلطاني رقم 18/2019 الشركات التجارية القائمة "في تاريخ العمل بهذا القانون" توفيق أوضاعها خلال سنة واحدة من تاريخ العمل به، وهذا التاريخ وفق المادة الخامسة من المرسوم بعد 60 يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية والذي كان 17 فبراير 2019، وهكذا فإن الموعد المحدد لانتهاء توفيق الأوضاع يفترض أن يكون 17 أبريل من العام الجاري، ولكن نظرا للظروف الراهنة، ومع قرار وقف عقد الاجتماعات، لم تتمكن العديد من الشركات من عقد جمعياتها العمومية، كذلك فإنَّ اللائحة التنفيذية للقانون -والتي على الهيئة العامة لسوق المال إصدارها- قد تأخرت في الصدور نظرا للأوضاع الراهنة؛ حيث كان يفترض أن تصدر قبل 17 فبراير الماضي.

 

اللائحة التنفيذية

وكانت الهيئة قد انتهتْ من إعداد المسودة النهائية للائحة التنفيذية، وعرضتها على المعنيين والجمهور قبل أكثر من 6 أشهر، لكنها حاليًا تنتظر الموافقات النهائية للصدور قريبًا، وأعطى قانون الشركات التجارية الجديد للهيئة العامة لسوق المال سلطة مركزية كاملة في تنظيم أعمال الشركات المساهمة العامة، بداية من تأسيسها والإشراف على أعمالها الإدارية؛ بما يضمن أنها تسير وفق قواعد إدارية سليمة وبما يحمي حملة الأسهم. ووفق تصريحات سابقة لسعادة عبدالله بن سالم السالمي، فإنَّ هذا الإجراء يحدُّ من ازدواجية السلطات، ويحدد صلاحيات الجهات الأخرى التي تخضع لها الجهة المصدرة للورقة، فضلا عن أهمية مركزية السلطة في تسهيل الإجراءات لتأسيس الشركات المساهمة العامة دون الحاجة إلى مراجعة أكثر من جهة.

وتضمَّن القانون أحكامًا خاصَّة لحماية رأس مال الشركة المساهمة العامة؛ ضمانا للمتعاملين مع تلك الشركات وحماية للمستثمرين فيها؛ حيث ألزم القانون مجلس إدارة الشركة بأن يتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية رأس المال في وقت مبكر دون انتظار تراكم الخسائر لتصل إلى نسبة 75% من رأس المال كما كان معمولا به من قبل، فألزم المشرع المجلس بأن يتَّخذ الإجراءات المناسبة في حالة وصول نسبة تآكل رأس مال الشركة إلى 25% تداركا للوضع، وفوق ذلك فقد ألزم مجلس الإدارة بدعوة الجمعية العامة إلى الانعقاد للنظر فيما آلت إليه الشركة لبحث المشكلة والخروج بالإجراءات والحلول المناسبة، في حالة لم تحقق إجراءات المجلس النتائج المرجوة في المحافظة على رأس مال الشركة واستمرار عملية تآكل رأس المال وبلوغه نسبة 50%، على أن تنعقد الجمعية خلال 30 يوما على الأكثر من تاريخ تحقق المجلس من نسبة الخسارة، وحماية لحقوق المستثمرين والمتعاملين في الشركة التي تعاني من تآكل في رأس مال أجاز النص القانوني للهيئة المبادرة إلى دعوة الجمعية العامة غير العادية للشركة في حالة إخلال مجلس الإدارة عن القيام بالدعوة للجمعية.

 

تدابير احترازية

ويُجيز القانون الجديد في حالة قيام الشركة بالإضرار مصالحهم، اتخاذ العديد من التدابير الاحترازية؛ منها ما يصل إلى حل مجلس الإدارة وتعيين مجلس إدارة مؤقت لإزالة أسباب الخطر أو منع الشركة من مزاولة بعض أغراضها حتى زوال أسباب الخطر، أو منع الشركة من مزاولة كل أغراضها لمدة محددة يجوز تمديدها لحين زوال أسباب الخطر أو الضرر، وأجاز القانون الجديد للمساهمين -إضافة إلى الحقوق العديدة التي منحها القانون للمساهمين- الذين يملكون نسبة لا تقل عن 5% التقدم للهيئة لاستصدار قرار بوقف قرارات الجمعية العامة للشركة الصادرة إضرارا بهم، على أن يراعى في ذلك الطلب الإجراءات والمواعيد التي حددها القانون.

ووفق تصريحات سعادة عبدالله السالمي عند صدور القانون، فإنه ونظرا لما تمثله الجمعيات العامة للشركات المساهمة العامة من أهمية؛ باعتبارها السلطة العُليا التي يتخذ من خلالها القرارات الحاسمة في مصير الشركة، وإيمانا من المشرع بأهمية تفعيل دور هذه الجمعيات؛ فقد حظر القانون بصيغته الجديدة على النائب الذي يتم توكيله بالحضور والتصويت على مقررات الجمعية العامة أن يكون نائبا عن أكثر من مُساهم إذا كانت النسبة التي يملكونها تتجاوز نسبة 5% من رأس المال.

وفي السياق ذاته، حظر القانون على أعضاء مجلس الإدارة أن يكونوا نائبين عن المساهمين في حضور الجمعيات العامة، وتأتي هذه المعالجات التنظيمية بهدف الحد من الظواهر التي أفرزها التطبيق السابق في تمركز التمثيل في حضور الجمعيات العامة والتصويت على مقرراتها لدى فئة بسيطة من الحضور، وفي بعض الأحيان يكون ذلك التمركز لدى أعضاء مجلس الإدارة، وبهذا يضفي القانون نحو تحرير القرارات التي تتخذ من الجمعية العامة من مركزية التصويت وتتيح الفرصة لمزيد من المشاركة في توجيه مسار الشركة.

 

صلاحية التفتيش

وأعطى القانون الهيئة صلاحية التفتيش على الشركات المساهمة العامة والشركات التابعة لها في أي وقت؛ بمراقبة مدى التزامها بأحكام القانون حسب جدول زمني تضعه الهيئة، كما أتاح القانون الجديد للشركاء والمساهمين التقدم بخطاب مكتوب للهيئة يتضمَّن الطلب بتفتيش على الشركات التي يُسهمون فيها إذا كان لديهم من الأدلة الجدية عن وجود مخالفات. وحدد القانون الإجراءات والخطوات التي يجب على الهيئة القيام بها اتجاه ذلك الطلب وما يستجد عنه من نتائج.

وكانت المادة 148 من القانون قد منحت الجهة المختصة (وهي الهيئة العامة لسوق المال في حالة الشركات المساهمة العامة) الحق -إذا ارتكبت الشركة ما يضر بمصالح المساهمين فيها أو المتعاملين معها أو دائنيها، أو إذا قام خطر يهدد استقرار سوق رأس المال- بأن تتخذ واحدا أو أكثر من عدد من التدابير التي تشمل توجيه تنبيه إلى الشركة يتضمن أسباب الخطر أو الضرر، والعمل على إزالتها، كما تشمل تعيين عضو مراقب في مجلس إدارة الشركة للمدة التي تحددها الجهة المختصة، ويكون لهذا العضو المشاركة في مناقشات المجلس، وتسجيل رأيه فيما يتخذ من قرارات دون أن يكون له صوت معدود، إضافة إلى الحق في إلزام رئيس مجلس إدارة الشركة بدعوة الجمعية العامة أو المجلس إلى الانعقاد لاتخاذ ما يلزم نحو إزالة أسباب الخطر، أو الضرر في المدة التي تحدد لإزالتها من قبل الجهة المختصة، وتصل الصلاحيات المتاحة للهيئة إلى حل مجلس الإدارة وتعيين مجلس إدارة مؤقت لإزالة أسباب الضرر، وتسيير أعمال الشركة لحين اختيار مجلس إدارة جديد، بل وكذلك منع الشركة من مزاولة بعض أغراضها، أو منع الشركة من مزاولة كل أغراضها لمدة محددة يجوز تمديدها لحين زوال أسباب الخطر أو الضرر.

 

حقوق المساهمين

ونظَّم القانون الجديد أيضا آليات وإجراءات مالية للحفاظ على حقوق المساهمين وخصص فرعا لتفصيل مسألة توزيع الأرباح والخسائر، وبين أن توزيع الأرباح السنوية أو المرحلية يكون بقرار من الجمعية العامة العادية بناء على أحدث البيانات المالية المدققة، مع جواز تحويل جزء من الأرباح الصافية إلى أسهم تخصص للمساهمين بموافقة الجمعية العامة العادية، ويترتب على ذلك زيادة رأس المال المصدر بقيمة هذه الأسهم.

ومنعت المادة 130 توزيع أرباح على المساهمين في عدد الحالات؛ منها: إذا ما ترتب على التوزيع المساس بقدرة الشركة على أداء ديونها والتزاماتها المالية في مواعيدها، أو إذا كان التوزيع ناتجا عن أرباح صورية، أو في حال ما لحقت بالشركة خسارة، ولم تتم تغطيتها بالكامل، وأتاح لدائني الشركة أن يطلبوا من المحكمة المختصة إبطال أي توزيع يتم بالمخالفة لذلك، ويكون أعضاء مجلس الإدارة الذين اقترحوا التوزيع أو وافقوا عليه مسؤولين بالتضامن قبل الدائنين في حدود ما يحكم ببطلان توزيعه من الأرباح.

ونصَّ القانون على عدم جواز إجراء أي توزيع إلا من الأرباح الصافية بعد خصم جميع التكاليف اللازمة وتجنيب الاستهلاكات والمخصصات والاحتياطيات التي يجب تجنيبها بما في ذلك ما تخصصه الشركة من الأرباح لزيادة رأس مالها، وبين أنه على مجلس إدارة الشركة أن يقتطع نسبة عشرة في المائة من الأرباح الصافية لكل سنة مالية -بعد خصم الضرائب- لتكوين احتياطي قانوني إلى أن يبلغ ثلث رأس مال الشركة على الأقل، ويجوز استخدام هذا الاحتياطي في تغطية خسائر الشركة، وفي زيادة رأسمالها عن طريق إصدار أسهم، ولا يجوز توزيعه كأنصبة أرباح على المساهمين إلا في حالة قيام الشركة بتخفيض رأس مالها على ألا يقل الاحتياطي القانوني عن ثلث رأس المال بعد التخفيض، كما يتيح للشركة تكوين حسابات احتياطية اختيارية لا تجاوز عشرين في المائة من الأرباح الصافية لكل سنة مالية بعد خصم الضرائب والاحتياطي القانوني، ويجوز بقرار من الجمعية العامة العادية توزيع أنصبة الأرباح من هذا الاحتياطي.

وتلزم المادة 134 الشركة المساهمة العامة أن تودع أنصبة الأرباح التي لم يتسلمها مستحقوها في الصندوق الذي ينشأ بقرار من الجهة المختصة لهذا الغرض، على أن يبيِّن هذا القرار المدة التي يجب أن تودع هذه الأموال خلالها وإجراءات ذلك والمصروفات التي تستلزمها إدارة هذه الأموال خصمًا من قيمتها إلى أن يتم صرفها لمستحقيها.

تعليق عبر الفيس بوك