وقفة إجلال لـ"حرَّاس الوطن"

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

(1)

تحيَّة لكل مُؤسَّسة في السلطنة تقف في خندق واحد لمواجهة جائحة كورونا، تحيَّة لكل يد بيضاء تمد يدها لتخفِّف من عبء المعاناة، تحيَّة لأولئك الساهرين على أرواحنا، وممتلكاتنا، وأولئك الذين يُضحُّون بحياتهم وأوقاتهم لأجلنا، تحيَّة لهم أينما كانوا، وأينما توجهوا، وحيثما حلُّوا، فقد أثبتوا أن عُمان قلعة حصينة، وأن أيادي شعبها قادرة على صنع المستحيل، بوعيهم وعلمهم وإدراكهم، وتحمُّلهم المسؤولية.

(2)

في الوقت الذي يجلسُ الكثيرُ منا في بيوتهم، آمنين مطمئنين، تجازف مجموعة أخرى بحياتها في سبيل هذا الوطن، يخرجون للمعركة ضد "كوفيد 19" يوميًّا، يضحون بحياتهم وراحتهم لأجلنا، إنَّهم الفئات الطبية بمختلف تخصصاتهم، الذين يواجهون خطر العدوى يوميا، ورغم ذلك يستبسلون في الذود عن حياض الآخرين.

الأطباء المتخصِّصون الذين يقفون في خط المواجهة الأول، وبجانبهم الممرضون الذين يعملون كخلية نحل لا تكل ولا تمل، يقطع بعضهم الطريق يوميا بين ولاياتهم وأماكن عملهم بمسقط، ويواجهون المرضى الذين يحملون هذا الفيروس بقلب شجاع، ووطنية عالية، وإيمان عظيم.. ألا يستحق هؤلاء منا التقدير والاحترام؟! ألا يستحقون أوسمة الفخر والشجاعة والتفاني أكثر من غيرهم؟!

يعملُ بعض الأطباء والممرضين فوق طاقتهم، ويشمِّرون عن سواعد العطاء دون مِنَّة أو تململ، يعملون تحت ظروف قاهرة، وضغوط نفسية وجسدية بالغة الحساسية، ورغم ذلك لم يتوانوا يومًا عن أداء الواجب، ولم يتراجعوا إلى الخلف، بل واصلوا جهدهم بكل ما يملكون من طاقة، إنَّهم جند ظهرت أهميتهم الآن بشكل أكبر، رغم أن أهمية الطبيب والممرض لا تنقطع، ولكن في الصعاب تظهر معادن الناس، وفي الشدائد تبين أهميتهم أكثر.

(3)

فئة أخرى تستحقُّ منا كل تقدير هم رجال قوات السلطان المسلحة، وشرطة عُمان السلطانية، الذين يتحمّلون عبئا آخر في هذه الأزمة: انضباطهم، ونقاط تواجدهم، وتعاملهم الراقي مع الآخرين يدعو فعلا للفخر، فعند مداخل ومخارج محافظة مسقط، وفي ولايات العزل يقف هؤلاء الجنود بكل انتباه وبسالة، يحاولون توجيه الناس إلى الفعل الصحيح، ويحذرونهم من الاقتراب من أماكن الوباء، ولا يسمحُون في حالات كثيرة لمن لا يملك عذرا مهمًّا بالمجازفة والدخول لمناطق الحظر.. فمن لا يقدِّر أو لا يفهم أهمية التباعد الاجتماعي فعلى هؤلاء الرجال أن يعلِّموه.

(4)

فئة ثالثة تستحقُّ الإشادة هم فئة الإعلاميين العاملين في هذه الظروف الصَّعبة، رغم الأعباء النفسية والجسدية، لكنهم يعملون بجهد لتوصيل المعلومة الصحيحة للآخرين، والبحث عن خبر مُضيء يرفدون به الناس، ليبشروهم لا لينفِّروهم، ورغم الضائقة المالية التي سببتها جائحة كورونا لكل الصحف الورقية في العالم، إلا أنَّ الصحافة العُمانية استطاعت أن تكيِّف نفسها مع هذا الظرف الاستثنائي، ولعل الكثير من الأفكار دارت في أذهان المسؤولين عنها للاستمرار في الإصدار الالكتروني الذي هو تحوّل قد لا يكون منه بُد بعد سنوات قليلة، ولعل هذه الفترة هي تجربة لأصحاب الصحف لرؤية الوضع بشكل عملي وأوضح، في ظل التحوّل للعمل الإلكتروني ذات يوم.

(5)

هناك فئات كثيرة تستحقُّ الشكر والتقدير في هذه الظروف الاستثنائية (اللجنة العُليا المكلفة بمتابعة تطورات الجائحة، الادعاء العام، الموظفون الذين ما زالوا يمارسون عملهم، الهيئة العامة لحماية المستهلك، وزارة البلديات الإقليمية وموراد المياه، بلدية مسقط، الجمعيات الخيرية، والناس الذين يطبِّقون الحجر بحذافيره... وغيرهم)، كلٌّ يؤدي دوره على أكمل وجه، ليثبت العُمانيون أنهم قادرون على إدارة الأزمات الطارئة بكل كفاءة، وهم قادرون على إدارة شؤون بلادهم وأنفسهم بعيدا عن المشككين بذلك.

مرة أخرى.. كل التقدير والتبجيل والاحترام لكل فئة تشارك بأي جهد في التصدي لهذه الجائحة، في حرب قد تبدو صعبة وطويلة ومنهِكة لكل البلاد، لكننا سننتصر بإذن الله، ونخرج من هذه الأزمة أكثر قوة وتماسكا.

حفظ الله عمان وسلطانها وأهلها، والساكنين على أرضها من كل سوء ومكروه.