التحول الرقمي في ظل "كورونا"

 

محمد بن حمد الندابي

mohdalnedabi@hotmail.com

 

جاءت جائحة وباء كورونا (كوفيد-19) وألزمت نحو مليار شخص حول العالم البقاء في منازلهم واللجوء إلى الخدمات الرقمية والتأقلم مع التكنولوجيا للتكيف مع الظروف الاستثنائية السائدة، مما يعد فرصة لإعادة النظر في أمور الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية والاقتصادية، وكما يقال الفرص تولد من رحم الأزمات، فظهر تغير في نمط الحياة للمستهلكين وعاداتهم وسلوكهم وهذا ما يسمى تعزيز الوعي المعرفي بالثقافة الرقمية، فعلى ضوء ذلك برز دور قطاعات حيوية في قيادة التحول الرقمي لتتيح استمرارية الأعمال وتوفير الخدمات وأبرز تلك القطاعات التي سارعت بالتنفيذ:

القطاع المالي والمصرفي وخدمات التأمين؛ حيث تم تسخير التقنيات الحديثة في إنجاز المعاملات سواء كان بالتطبيقات الإلكترونية والدفع الإلكتروني للنقود وغيرها من وسائل التعاملات الرقمية المصرفية.

قطاع التعليم؛ حيث انتقل التعليم بالاستعانة بمنصات التعليم الرقمي لاستكمال عملية التعليم عن بعد لبقية العام الدراسي.

قطاع الأعمال؛ إذ مارس كثير من الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص العمل من منازلهم بواسطة التقنيات الحديثة وحتى عقد الاجتماعات والمؤتمرات المرئية المباشرة.

قطاع المراكز التجارية الافتراضية؛ تسببت كثرة الطلب على نقاط البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية ومراكز التسوق الافتراضية إلى الاستعانة بتطبيقات شراء المواد الغذائية وطلبات المطاعم والمستلزمات الصحية وغيرها، وذلك لتوفر خيارات التوصيل، وكذلك البث المباشر عبر الانترنت للأفلام كبديل عن دور السينما وحصص التمارين الرياضية مقابل صالات الرياضة.

قطاع البحث العلمي والابتكار التكنولوجي؛ نشط الاجتهاد باستخدام الذكاء الاصطناعي والمختبرات الطبية إلى إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة فيروس كورونا سواء على الصعيد الطبي والكيميائي للبحث عن أدوية ولقاحات أو على صعيد الابتكار والاختراع لخلق حلول تقنية من أدوات وأجهزة طبية ومعملية أو تطبيقات تسهل على الناس التأقلم مع الحدث.

هنا تظهر أهمية التحول الرقمي في نجاح الأعمال وتعزيزها ورفع كفاءة الموارد العامة وتحسين الخدمات وتعزيز النمو الاقتصادي المتمثل في زيادة الاستثمار في تقنية المعلومات من أجل خفض التكاليف وزيارة الإيرادات.

لذا فإن أكبر دوافع ومحفزات التحول الرقمي هي الاستجابة للمتغيرات وابتكار الحلول للتحديات، وطلب تخفيض الميزانيات بسبب الأزمات الاقتصادية ووجود مخاوف مالية، والتقدم الكبير في وسائل الاتصال والتطبيقات الذكية.

حسب التقرير السنوي لهيئة تقنية المعلومات في سلطنة عمان لعام 2018، فإن الوفر في التحول الرقمي لبعض الخدمات في المؤسسات الحكومية المتحولة هو 142.700 مليون ريال عماني، إضافة إلى وجود بعض الأنشطة الرقمية في مرحلة البناء في عام 2019م لعديد من المؤسسات الحكومية، كما يوجد قائمة بمؤسسات في مرحلة إعادة هندسة الإجراءات، كما أطلق الصندوق العماني للتكنولوجيا مبادرة تخصيص مليون ريال عماني للشركات التي تقدم حلولا فورية تخدم المجتمع للتغلب على تحديات انتشار فيروس كورونا وتحقيق استدامة للاقتصاد العماني، وتصدر الصندوق مرتبة الصناديق في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالاستثمار في رأس المال الجريء للاستثمار في الشركات الناشئة وتقدم السلطنة إلى المرتبة الرابعة إقليميا، كما اطلق مجلس البحث العلمي برنامج بحثي لفيروس كورونا كوفيد19 يهدف إلى دعم وتوجيه المشاريع البحثية للتركيز على إجراء بحوث تطبيقية ذات صلة وثيقة ومباشرة مع جائحة كوفيد19.

وكما يقال "ربّ همة أحيت أمة"، وأيضا "رب همة أوصلت إلى القمة"، فماذا نحن فاعلون في فترة الرخاء فيما بعد كورونا؟ علينا أن نمضي نحو العمل بنفس الوتيرة والسرعة من أجل بناء اقتصاد رقمي والاستثمار في زيادة سعة البحث العلمي والابتكار التكنولوجي.

تعليق عبر الفيس بوك