الرياضة العالمية.. قراءة بعد "كورونا"

 

حسين بن علي الغافري

 

لازالت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" تلقي بظلالها وارتداداتها على العالم أجمع، وتواصل تعطيل أهم أركان الحياة اليومية والاقتصادية؛ مع اقترابنا من تسجيل مليونين ونصف المليون حالة إصابة بالفيروس عبر العالم. وضع صعب ومرحلة صعبة ومواصلة هذه الأزمة لن يكون فيها رابح إطلاقا على جميع المستويات -بشكل رئيس - حتى تنكشف هذه الغمة وتعود الحياة إلى طبيعتها. ومع انتهاء حالة الركود الكبيرة وبدء خروج الناس إلى أعمالهم ومصالحهم ستبدأ الحياة تعج كما كانت عليه في السابق مع تحديات كثيرة وخطوات بطيئة نوعا ما حتى تقف بعض الأعمال على أقدامها جراء التوقف السابق ومحاولة تخفيف وطأة الخسائر خصوصا في المشاريع الصغيرة والمتوسطة. مرحلة "كورونا" لن تكون مرحلة عابرة كما يحللها الخبراء والمهتمون، وإنّما ستؤثر على قادم الوقت على المشاريع والدول وستغير آلية العمل، سيتعلم منها من أراد الاستفادة. فمثل هذه الظروف الصعبة بحد ذاتها فرصة استثنائية لتصحيح المسار والتعلم.. فالحياة تجارب!

على الجانب الرياضي، ستكون أزمة كورونا ليست سحابة صيف عابرة دون شك. فمجال الرياضة والاحتراف عالم واسع ومتشعب. من خلاله ستكون هناك فواتير صعبة وخسائر فادحة على الجميع والتبعات المالية لاحظناها على المدى القريب من خلال تخفيف عدد من الأندية لمرتبات لاعبيها إلى أرقام تقارب السبعين بالمئة، رغم أنّها أندية عالمية تتعاطى مع أرقام تفوق مئات الملايين وتنفق في الأسماء الكبيرة أرقاما فلكية جنونية. هذه الأزمة ستعبر بمشيئة الله ولكن تبعاتها قد تطول إلى أعوام وتمتد إلى مواسم عديدة. ونحن على أعتاب بدء سوق الانتقالات الصيفية لا أتوقع أن تكون بتلك الحرارة والأرقام الفلكية الكبيرة كما حدثت في الأعوام الماضية، وسنشهد عمليات تبادل أوسع بين الأندية مع فوارق مالية معقولة. ولعل موقع "سوق الانتقالات" خفض القيمة المالية في أسواق اللاعبين إلى أرقام تصل لـ 35% بسبب ما حملته الأزمة من تدهور اقتصادي في عالم المستديرة والرياضة بصفة عامة. لذلك فإنّ المزايدة في الأسعار كما كانت بعيدة نسبيا في ظل هذه الظروف ومعها تبدأ حلول في تصحيح الأوضاع وترتيب الأولويات وتجنب الدخول في مديونيات ثقيلة قبل الإنفاق السخي والدخول بشراهة في سوق الانتقالات.

بعد كورونا ستتغير مختلف المعطيات العالمية.. ستتغير الكثير من آليات العمل وتكون الأولوية فيها للديناميكية والسهولة وتقليل الاعتماد على القوى البشرية، بحيث تكون الفرصة مناسبة لخلق مجالات أخرى تكون حاجز صد لأزمات أخرى، تكون الحاجة فيها إلى الآلة والتكنولوجيا بشكل أوسع. ورياضيا تكون الفرصة مواتية لبناء قواعد متينة تتعاطي مع مثل هذه التوقفات وعدم التعطل.  "كورونا" مدرسة معاصرة، تعيشها البلدان قاطبة على كافة المستويات والقطاعات، أمّا ما سيكون بعدها فإنّ الوضع يعتمد على حسن القراءات الفاحصة.. والرياضة وكرة القدم جانب ليس ببعيد من هذا وذاك.

 

HussainGhafri@gmail.com