سيعبرُ الوطن

 

سعود بن جابرالبوسعيدي

في هذه اللحظات الصعبة التي يمر بها وطننا الغالي والعالم أجمع، يتذكر الطبيب أكثر من أي وقت مضى حجم مسؤوليته الكبيرة تجاه المرضى والمجتمع والوطن، إن لحظة القسم الطبي التي عاهد الله فيها أن يصون حياة الإنسان في كل الظروف والأحوال بعيدًا عن كل الاعتبارات الأخرى لهي أكثر العبارات التي تتردد في ذهنه لحظة العمل والفحص والتطبيب هذه الأيام. 

لا شك أنَّ هذه الفترة تحمل أياماً فارقة وخالدة في المسيرة المهنية لأي طبيب باعتبارها الطارئ على كل المستويات وباعتبارها تحديا طبيا يواجه أطباء العالم بأسره كون الفيروس ناشئا جديدا غير معروفة طرق علاجه ودواؤه الدقيق حتى الآن. إن الصباحات التي تطل علينا هذه الأيام كأطباء تحملنا مسؤولية أكبر للبذل والعطاء، وتدفعنا دفعاً للعمل بإخلاص أكثر وبهمم أكبر كي يتشافى ويتعافى الوطن.

لطالما كانت ابتسامات الشفاء على وجوه المرضى نقاط القوة لدينا كأطباء، ولطالما كانت التوازنات الأثقل التي واجهنا بها مشوارنا العملي والمهني، وستظل هذه الابتسامات رهاناتنا الصعبة أمام كل مرض وضد أي جائحة.

سيذكر المؤرخون والقاصون فيمن يأتون بعدنا أن أحداث سنة ٢٠٢٠ وقعت في عام الكورونا، فالواقع الاستثنائي الذي يعيشه الناس هذه الأيام من الناحية النفسية والاجتماعية والاقتصادية واقع مختلف وجديد. فالناس اعتادت الخروج واللقاءات، والجلوس على المقاهي والشاشات، وفي لحظة عمر تغير كل شيء إلى نداءات طارئة على نشرات الأخبار وبطائرات الدرونز -هذه المرة- إلى الجلوس في البيت وعدم الخروج وعدم المصافحة ولاءات أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هنا.

قد تتضاعف لدى الشخص في ظل الظروف الراهنة مشاعر الخوف والقلق من المستقبل، وقد تتطور لديه أفكار سلبية متضخمة عن المرض جراء المتابعة التفصيلية لأعداد الحالات وتفاصيل الفقد والموت الناتجة عن هذه الجائحة، التوجه الصحيح في هذه الحالة هو أخذ الاستشارة النفسية من مكانها الصحيح وكسر حاجز الصورة الذهنية المتضخمة ومناقشة الأمر مع مختص نفسي، ولقد تم تخصيص خط الدعم النفسي بمستشفى المسرة لتقديم استشارات نفسية في ظل جائحة كورونا. 

الذي يبعث على الفخر في وطننا الغالي هذه الأيام هو صورة التكاتف المسؤول الذي غيَّر السيناريو المتوقع للمرض وأدى وبشكل ملحوظ إلى تسطيح معدل انتشاره في منحيات التوقع إلى مستويات مقبولة نستطيع من خلالها العمل بشكل أكبر على السيطرة عليه والحد من انتشاره وتفشيه. 

الرجوع للتاريخ يعلمنا أن وطننا الغالي واجه تحديات صعبة وربما أصعب بكثير من التحدي الحالي، ولكن بفضل اللحمة الوطنية والجهود المؤسساتية عبرت عُمان بأبنائها إلى بر الأمان، فالشخصية العُمانية أثبتت عبر التاريخ أنها شخصية مسؤولة وقت الأزمات والمحن وشخصية تتسامى على كافة الاعتبارات حينما يكون الداعي عمان.

تعليق عبر الفيس بوك