"كورونا".. دروس في الجانب الرياضي

حسين بن علي الغافري

HussainGhafri@gmail.com

 

لا تزال جائحة كورونا تلقِي بظلالها على كافة أخبار العالم؛ فلا حديثَ يعلو فوق صوت كورونا، وما يخلّفه من أضرار بشرية واقتصادية، صوته صار أقوى في كافة بقاع الأرض؛ كونه قلَّص الحركة المعتادة والروتين اليومي إلى درجات تصل إلى الأدنى، كلُّ ذلك خوفا من طائلته وتضاعفه، وباتت الدعوات والأصوات والنداءات واحدة: البقاء في المنزل قدر الإمكان وعدم المخالطة أو التنقل، فإنْ لم تكن هناك استجابة فرض حظر التجوال. في وقت مماثل، تتسارع كافة الدول لدراسة هذا الفيروس العجيب والبحث عن لقاح فعَّال من أجل الاستثمار في مجال العقاقير أولا، وبهدف إنقاذ الأرواح والتصدي الحقيقي لمثل هذا النوع من الوباءات الفتاكة.

العالم الرياضي تعطَّل تماما في مثل هذه الظروف الاستثنائية، ومن كان يتصور أن تتوقف الرياضة كليا ودوران المستديرة يمضي عليه قرابة الشهر من الآن دون أن تسمع لصافرة الفوز أو الخسارة، وصيحات الفرح من هذا الجمهور أو دموع الحزن من الآخر. الرياضة لم تكتفِ -كما ذكرنا- بتوقف وانتهى الأمر، على العكس؛ فالخسائر فادحة والتبعات ستكون ثقيلة جدًّا؛ فجميع الأندية تسعى للبحث عن موارد مالية لتغطية رواتب النجوم، وتعويض خسائر توقف البث الفضائي أو إيقاف بيع المنتجات والسياحة الرياضية المتمثلة في زيارات الملاعب والمدن الرياضية وتوافد الجماهير. هي أيام مُؤكد أنها ستكون درسا حقيقيا لمواجهة أزمات ومخاطر من هذا النوع سيسجلها التاريخ وتدونها الكتب، وسيتعلم الإنسان ويأخذ العبر في التعامل مع توقفات جادة للغاية ومؤثرة، ستتعلَّم إدارات الأندية ومسيروها سبل تحقيق توازن في ظروف مماثلة ولمدد زمنية كافية دون أن يتبعها ضرر أو أزمات، وهذا النوع من الدروس له من الأهمية الكثير، ولجان إدارة الأزمات ستكون ضرورية في أي مؤسسة عامة أو خاصة.. فكيف لا تكون في مؤسسات رياضية لها ثقلها وميزانياتها المالية تماثل ميزانيات دول. وهذا أهم درس يجب أن نتعلمه من فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" من خلال إدارة الأزمة باحترافية والاستعداد المسبق لها والتفاعل معها بما يقلل الضرر البشري والخسارة المالية حتى تعبر بسلام ووفقا للحسابات والتوقعات المرسومة.

من بين الدروس التي حملها "كورونا": التفاعل الإيجابي؛ فأي مقتدر سواء من نجوم العالم الرياضيين أو أصحاب الثروات، عليه واجب المشاركة مع زملائه أو وطنه أو مؤسسته، عليه أن يتفاعل ويتشارك معهم في تسيير هذه الأزمة بأقل ضرر، وأن يقدم ما يستطيع لغيره ومما يملك حتى لا تتعطل حياة الناس، وقد قرأت من فترة أنَّ لاعبي برشلونة الإسباني ساهموا بأكثر من نصف رواتبهم للنادي في هذه الظروف، أضف إليهم أسماء أخرى من رياضيين وشاغلين للمناصب الرياضية كانوا سبَّاقين في أن يكونوا عونًا لهم.. وهذا أيضا من الدروس المهمة التي كشفها الفيروس.. "التعاون" مبدأ لا خيار.

سيعبُر هذا الوباء بمشيئة الله، وستنجلي هذه الظروف الصعبة، ومعها سنتذكر هذه اللحظات التي سيدونها التاريخ، ومع عبوره سنكون على موعد مع أن نستحضر العبرة والعظة، ونستخلص الدروس الكثيرة التي لا يكفي مقال لحصرها.. فمجالات التعلم الحياتية واسعة، ومن لا يتعلم ولا يستنبط الفهم من هذه الأيام، فمتى سيتعلمها؟