الرياضة العالمية.. بعد شهر من "كورونا"

حسين بن علي الغافري

HussainGhafri@gmail.com

 

ما زال فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" يُواصل مسلسل الرعب والانتشار في المنطقة والعالم. أكثر من ثلاثة أشهر مضت منذ انطلاق شرارته الأولى في الصين نهاية العام المنصرم، ومنها إلى أوروبا وآسيا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية. العالم لا يزال يصارع هذه الجائحة التي باتت محل استفهام في مصدرها وشرارتها الأولى، والأسباب التي أوجدتها وخلقتها في نظريات مختلفة قد تظهر مع الوقت.. إلا أن الشغل الشاغل الآن هو محاولة الحد من انتشاره، وفي الوقت ذاته البحث عن لقاح يعالجه.

انتشار الفيروس عطل عددًا كبيرًا جدا من روتين الحياة اليومية.. عطل كذلك الرياضة واقتصادها، وباتت في ظروف استثنائية لم تحدث سابقًا إلا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولو أنَّها لم تعطل كل الأحداث المحلية في بعض الدول، وجرت الأمور طبيعية. اليوم وفي عصر المال والأعمال، فإنَّ الأضرار التي أوجدها الفيروس صعبة جدًّا في توفير السيولة المالية.. صعبة في توفير مستحقات جميع العاملين في الأندية بصفة مباشرة أو غير مباشرة، فضلاً عن اللاعبين النجوم. ولعلَّ من الحلول السريعة: التضحية بالرواتب العالية مثلما تصرَّف برشلونة باتفاق نجومه في المساهمة بـ70 بالمائة من المستحقات تقديرًا للنادي والظروف التي يمر بها. بادرة تبدو طيبة للغاية، ومساهمة إنسانية تستحق الثناء، ولعلنا سنسمع في القريب العاجل عن إجراءات مماثلة من أندية أوروبية أخرى.. ولكن: هل تبدو الصورة واضحة في استئناف البطولات المحلية؟

كما هُو واضح، فإنَّ مُستقبل الرياضة -خصوصا كرة القدم- وحتى شهر إضافي، ضبابي للغاية.. المملكة المتحدة ما زالت الأرقام فيها كبيرة جدًّا، والأعداد تتضاعف، في إيطاليا أيضًا الوضع سيئ للغاية، وإسبانيا كذلك، ولا ننسى فرنسا. كلها تأويلات توحِي بأن مستقبل البطولات المحلية هذا العام غامض حتى اللحظة، ولا بارقة أمل توحي بعودة طبيعية. ولو أنَّ رابطة الدوري الألماني اقترحت أن يعود الدوري الألماني بمختلف فئاته مطلع مايو المقبل شريطة عدم تواجد جمهور.. وهو حلٌّ يبدو مقبولًا نوعًا ما في ألمانيا نظرًا لقلة اللاعبين المتأثرين بالفيروس، أو الملازمين للحجر المنزلي. ولكن في إيطاليا الحل صعب نظرًا لانتشاره في أسماء معروفة وبأندية منافسة، وهي الحال ذاتها في إسبانيا وإنجلترا. عمومًا الوضع يوحي بأنَّ فترة التمديد لشهر إضافي قادمة مع فرصة استئناف منتصف مايو أو نهايته. حيث إنَّ جميع المسابقات والبطولات قد تأجَّلت للعام المقبل من بطولة كوبا أمريكا واليورو والأولمبياد الصيفية وبطولة ويمبلدون لكرة التنس وغيرها من المنافسات الكبيرة.

الحلُّ قد يكون استمرارَ البطولات المحلية في الصيف لمدة شهرين أو شهر ونصف مقبل. على أنْ يتم التأخير لأسبوع أو أسبوعين لانطلاق الموسم المقبل. هي فرضيات، شريطة أن لا يتضاعف انتشاره، وإلا فإنَّ الوضع صعب لهذه الحلول. وإلا فإنَّ لا حل آخر غير الإلغاء الكلي. إجمالاً، وبغض النظر عن موقف استكمال البطولات الأوروبية والعالمية، وعودة الرياضة إلى الدوران مجددًا، فإنَّ الفاتورة قد تكون مكلفة جدًا للرياضة وسوقها المالي. خسائر مُكلِّفة جراء التوقف؛ وبالتالي لا أموال لحقوق النقل، ولا في الحضور الجماهيري أو البطولات القارية والمحلية، فضلا عن توقُّعات بأنْ تكون السوق الكروية للانتقالات منخفضة نسبيًا، وليست كما كانت في آخر الأعوام من صفقات وصلت مائة مليون يورو وأكثر.. الرياضة وعالمها بحاجة إلى وقت كافٍ لاستعادة التوازن مجددًا.