"المجلس الأطلسي": عُمان تدير أزمة "كورونا" بوسائل ناجعة.. وتضع صحة المواطن أولية قصوى

◄ ترؤس جلالة السلطان لاجتماع "اللجنة العليا" يعكس الحرص الحكومي على حل الأزمة

◄ عُمان أخذت زمام المبادرة في وقت مبكر للغاية لكبح جماح الفيروس

◄ قرارات "اللجنة العليا" تساعد على تحقيق التباعد الاجتماعي والحد من تنقلات الأفراد

◄ السفير الأمريكي السابق لدى السلطنة: الإجراءات العُمانية "مثيرة للإعجاب" وحققت نتائج إيجابية على أرض الواقع

◄ عُمان تسجل أدنى معدل إصابات ووفيات بين دول الخليج

◄ تحديات اقتصادية في ظل أزمتي كورونا والنفط.. لكن صحة الإنسان أولوية لدى حكومة السلطنة

 

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

نَشَر الموقعُ الإلكترونيُّ للمجلس الأطلسي "ذي أتلانتيك كاونسيل" تقريرًا -بقلم مارك جي سيفرز السفير الأمريكي السابق لدى السلطنة- وهو أحد أبرز أعضاء هذا المجلس، وكاتب رئيسي فيه.

ويقول السفير الأمريكي السابق في هذا التقرير، إن العاصمة مسقط تنعم بالهدوء الشديد بعد أسبوعين من الجهود المكثفة لمؤسسات الدولة العمانية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"؛ حيث لاقى الأمر عناية كبيرة من أعلى جهة في الدولة، كما تم تشكيل اللجنة العليا للتعامل مع التطورات الناجمة عن الفيروس.

وأكد التقرير أن السلطنة أخذت زمام المبادرة في وقت مبكر للغاية، وأعلنت وقف دخول المسافرين من الصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا في 2 مارس، وهي الدول التي شكلت بؤرا لانتشار المرض في بدايته، وحثت الحكومة كذلك على تعزيز التباعد الاجتماعي بين أفراد المجتمع من المواطنين والمقيمين. كما اتخذت الحكومة العمانية خطوات إضافية؛ منها: إلزام جميع العائدين من الخارج بالعزل الذاتي لمدة 14 يومًا، فضلا عن وقف جميع الرحلات التجارية في 29 مارس باستثناء الرحلات من وإلى محافظة مسندم.

وأثنى التقرير على ما أعلنته اللجنة العليا بتقليل أعداد الموظنفي في الوحدات الحكومية والوزرات إلى 30% فقط من إجمالي الموظفين، علاوة على إغلاق المدارس والمحلات التجارية والمراكز التجارية، باستثناء محلات المواد الغذائية والتموينية والبنوك، فيما تقدِّم المطاعم الوجبات السريعة من خلال طلبات التوصيل وطلبات السيارة. كما أعلنت سلاسل المتاجر الكبرى عن خدمة توصيل الطلبات للمنازل؛ مما أدى لتزايد الضغط على هذه الخدمات إدراكا من المجتمع بأهمية الخطوات الاحترازية.

وثمَّن التقرير ترؤس حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- اجتماع اللجنة العليا، وتفضُّل جلالته بالتبرع بمبلغ 10 ملايين ريال عماني، وهو ما تبعته سلسلة من التبرعات إلى الصندوق الخاص بمعالجة الأزمة. وسارت البنوك أيضا على ذات النهج، وأعلن عدد كبير من البنوك والشركات الكبرى عن تبرعات سخية للصندوق، لدعم جهود وزارة الصحة في مواجهة فيروس كورونا.

لكنَّ الخطوة الكبرى التي أشاد بها التقرير: ما أعلنه البنك المركزي العماني عن توفير أموال لدعم القطاع المصرفي، كما أعلنت الحكومة عن حزمة من الإجراءات للحد من أعباء الشركات، بما في ذلك تأجيل الضرائب والرسوم وإيجارات المصانع في المناطق الصناعية، علاوة على محفزات اقتصادية أخرى.

وأبدى السفير الأمريكي السابق لدى السلطنة إشادته بهذه الإجراءات، ووصفها بأنها "مثيرة للإعجاب"، والتي أسهمت في تحقيق نتائج إيجابية منها أن الحالات المسجلة (حتى وقت كتابة التقرير 1 أبريل) وصلت إلى 210 حالات إصابة (ارتفعت يوم السبت 4-4-2020 إلى 277 حالة منها حالة وفاة واحدة).

ومضى التقرير مشيدا بالإجراءات الحكومية لمواجهة كرورونا؛ منها: غلق ولاية مطرح بالكامل، مع ظهور مؤشرات على النقل المجتمعي للفيروس بين الأشخاص الذين لم يسافروا إلى الخارج ولم يتعاملوا مباشرة مع حالات مصابة. وقال إن مطرح من بين أهم الولايات العمانية التي تمثل منطقة جذب سياحي، وتضم ميناء السلطان قابوس، وسوق مطرح، والمتحف الوطني وغيرها من المواقع الشهيرة.

وأشار التقرير إلى قرار تفعيل نقاط السيطرة والتحكم لحركة تنقل المواطنين والمقيمين بين محافظات السلطنة، ويجري تنفيذها من قبل شرطة عمان السلطانية وقوات السلطان المسلحة، بهدف الحد من تحركات الأشخاص بين المحافظات، فيما عدا حالات الطوارئ والضروريات.

ومن بين الخطوات الرائدة التي قامت بها السلطات المحلية، حسب التقرير، أنه تم استدعاء عدد من الأفراد الذين ثبت ترويجهم لأخبار غير صحيحة وشائعات عن الوضع الصحي في عمان، وتمت محاكمتهم بتهم نشر أخبار كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وثمَّن التقرير قيام شركات الاتصالات ببث رسائل توعوية بدلا من نغمة الرنين عند إجراء الاتصالات عبر الهواتف المحمولة، لتذكير الجميع بأهمية الجلوس في المنزل وعدم الخروج إلا في الضروريات القصوى. ومن أبرز ما رصد التقرير كذلك، أن المراكز التجارية في عمان جاهزة لتلبية الطلب المتنامي من قبل المستهلكين.

غير أنَّ التقريرَ رصد التحديات الاقتصادية التي تواجهها عُمان جراء الأوضاع الحالية، إلى جانب تراجع أسعار النفط، وقال التقرير: "إن تفشي الفيروس التاجي والنزاع المستمر حول أسعار النفط بين السعودية وروسيا أدى إلى الضغط على الاقتصاد والمالية العامة".

وتطرق التقرير كذلك إلى تصريحات معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة، التي شدد فيها على أهمية التباعد الاجتماعي والبقاء في المنزل قدر الإمكان، وأشار إلى أنه من المستحيل التكهن بالوقت الذي تستغرقه السيطرة على الفيروس التاجي.

ويرى التقرير أنه في الوقت الذي تسعى فيه عمان لكبح جماح الفيروس، فإنها سيرت رحلتين جويتين لجلب معدات وإمدادات طبية من الصين، وسط إشادات من وسائل الإعلام المحلية بقدرة الصين على إدارة الأزمة، وانكفاء الولايات المتحدة على نفسها في محاولة لمواجهة كورونا داخل أمريكا.

وثمَّن التقرير آلية إدارة الحكومة لأزمة كورونا، وقال: "عُمان تدير أزمة الفيروس التاجي بشكل فعال، مسجلة أقل عدد من الوفيات والمصابين بين دول الخليج، كما أنه من المرجح أن الضوابط المفروضة على حركة السكان بين الولايات، والتوجيه المستمر للمواطنين والمقيمين بالبقاء في المنزل والحفاظ على التباعد الاجتماعي، ستسهم في نتائج إيجابية، خاصة وأن أكثر من نصف عدد الحالات الإجمالية تقع في محافظة مسقط".

واختتم التقرير بالتأكيد على أن الأسابيع المقبلة ستشهد تنفيذا صارما للإجراءات، والتي ربما ستكون لها تداعيات مؤلمة على الاقتصاد، لكنها ستسهم في السيطرة على انتشار الفيروس وحماية الصحة العامة، والتي تحتل الآن صدارة الأولويات بلا منازع.

مارك جيه سيفرز.jpg
 

تعليق عبر الفيس بوك