"جارديان": وباء "القلق المالي" أشد فتكا من "كورونا"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة ذا جارديان البريطانية إن العالم يشعُر بالقلق من جائحة واحدة وليس اثنتين، جائحة كوفيد 19، التي تجعلنا قلقين لأننا، أو الأشخاص الذين نحبهم، في أي مكان في العالم، قد يصبحون قريبًا مرضى بشكل خطير وحتى يموتون. لكن الجائحة الأكثر قلقًا منبعها العواقب الاقتصادية لما يحدث.

وفي مقال لروبرت شيلر بالصحيفة، يقول إن الوباءين مُترابطان، لكنهما ليسا على نفس الدرجة من الهلع، فقد انتشرت قصص الخوف، وكثيراً ما نفكر فيها باستمرار، فمثلا تهاوت سوق الأسهم، على ما يبدو استجابة للأخبار المتداولة حول كوفيد 19، وقد تستنفد هذه الأسهم مدخراتنا مدى الحياة ما لم نتخذ بعض الإجراءات، ولكن، على عكس كوفيد 19، مصدر قلقنا هو أننا غير متأكدين من الإجراء الذي نتخذه فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية.

وأضاف شيلر: "ليس خبراً سارًّا عندما يكون هناك وباءان ينتشران في آن واحد، فإغلاق الأعمال التجارية، والبطالة المرتفعة، وفقدان الدخل كلها عوامل تؤجج القلق المالي، والذي قد يؤدي بدوره إلى ردع الأشخاص اليائسين عن العمل، من اتخاذ الاحتياطات الكافية ضد انتشار المرض". وتابع: علاوة على ذلك، على أرض الواقع فالعدوى وبائية عالمية، وعندما يقتصر انخفاض الطلب على دولة واحدة، تنتشر الخسارة جزئيًا في الخارج، في حين أن الطلب على صادرات الدولة لا ينقص كثيرًا، ولكن هذه المرة، لن يعمل صمام الأمان الطبيعي هذا، لأن الركود يهدد جميع البلدان تقريبًا، يبدو أن الكثير من الأشخاص يفترضون أن القلق المالي ليس سوى نتيجة ثانوية مباشرة لأزمة كوفيد 19؛ أي أنه رد فعل منطقي تمامًا للوباء. لكن هذا ليس صحيحا تماما.

وقال شلير: "قد تتوسط ظاهرة القلق المالي في سوق الأوراق المالية بظاهرة يسميها عالم النفس بول سلوفيتش من جامعة أوريجون وزملاؤه "التأثير الإرشادي"، عندما ينزعج الاشخاص عاطفيًّا بسبب حدث مأساوي، يتفاعلون مع الخوف حتى في الظروف التي لا يوجد فيها سبب للخوف". وتابع: "وقد يكون من المنطقي توقع انخفاض سوق الأوراق المالية من جائحة المرض، ولكن ربما ليس انهيارًا في الحجم الذي شهدناه مؤخرًا. إذا كان هناك اعتقاد واسع النطاق بأن العلاج يمكن أن يحد من شدة وباء كوفيد 19 في غضون أشهر، أو حتى أنه سيستمر لمدة عام أو عامين، فإن ذلك قد يشير إلى أن مخاطر سوق الأسهم ليست كبيرة لفترة طويلة. يمكن للمرء أن يشتريها ويعلقها وينتظر".

وأشار في مقاله إلى أن عدوى القلق المالي تعمل بشكل مختلف عن عدوى المرض. وتغذيها جزئياً الأشخاص الذين يلاحظون انعدام الثقة لدى الآخرين، وينعكس ذلك في انخفاض الأسعار، ورد الفعل العاطفي للآخرين على الانخفاض. وأضاف شلير: "تحدث فقاعة سلبية في سوق الأسهم عندما يرى الناس انخفاض الأسعار، ويحاولون اكتشاف السبب، ويبدأون تضخيم القصص التي تفسر الانخفاض. ثم تنخفض الأسعار في الأيام اللاحقة، ومرة تلو الأخرى. وتخلق مراقبة الانخفاضات المتتالية في أسعار الأسهم شعورًا قويًا بالأسف لأولئك الذين لم يبيعوا، إلى جانب الخوف من أن المرء قد يبيع ويخسر".

واختتم شيلر مقاله بالقول إن التنبؤ بمستقبل سوق الأوراق المالية في وقت كهذا أمر صعب. وللقيام بذلك بشكل جيد، علينا أن نتنبأ بالتأثيرات المباشرة على الاقتصاد نتيجة جائحة كوفيد 19، وكذلك جميع الآثار الحقيقية والنفسية لوباء القلق المالي. الاثنان مختلفان لكن لا ينفصلان".

تعليق عبر الفيس بوك