صُنّاع الشائعات

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

يتفنن كثير من هواة صناع الشائعات هذه الأيام إلى نسج قصص من الخيال عن الوباء الذي اجتاح العالم (كورونا كوفيد 19).

فقد تنوعّت الشائعات التي لا تُعرف الغاية منها، هل هي بداعي الشهرة في السبق الصحفي والتباهي بنقل كل جديد وإن كان كذباً وافتراءً، أم أنّه مرض أصيب به البعض وأصبح آفة ابتليت بها المجتمعات العربية.

فهناك من يروّج في تهويل عدد المصابين بالمرض في السلطنة ويشكك في جهود وزارة الصحة، واللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19).

وأيضاً الترويج بنفاذ السلع التموينية أو ارتفاع أسعارها مما أصاب الناس بالذعر والهلع رغم طمأنة الحكومة الرشيدة بكفاية مخزون الاحتياطي الغذائي لعدة أشهر قادمة.

وقد نشرتُ يوم الإثنين الماضي تغريدة على حساب تويتر قلت فيها "‏كثُرت الشائعات عبر الواتساب ومواقع التواصل، والأمور في تزايد.

وأنا على يقين أنّ عددا من مروّجي الشائعات في قبضة العدالة، ولكن ستستمر الشائعات ما لم يتم الإعلان عنهم عبر وسائل الإعلام ليكونوا عبرة لمن تُسوِّل له نفسه نشر الشائعات المتعلقة بمرض كرونا كوفيد 19".

 فالترويج عن أعداد المصابين المبالغ فيه بالمرض، ونفاذ كمية المخزون الغذائي، والترويج للعلاجات الشعبية تضر وتقوض كل الجهود القائمة لمكافحة هذه الجائحة.

والغريب في الأمر أنّ هذه الشائعات تجد آذاناً صاغية من بعض الفئات من المجتمع رغم ظهور عدد من المسؤولين عبر شاشات التلفاز وعبر مختلف وسائل الإعلام لإيضاح حقيقة الوضع في السلطنة، والجهود المبذولة للحد من انتشار الوباء وتقليل الخسائر الناتجة عنه.

فقبل يومين تحدث معالي الدكتور أحمد السعيدي وزير الصحة في لقاء متلفز في برنامج "معاً لسلامتك" أكد فيه معاليه أنّ حالات الإصابة المؤكدة في سلطنة عُمان قد بلغ 167 حالة، تماثلت منها للشفاء 29 حالة.

من بين هذه الحالات 23 حالة فقط موجودة في المستشفيات، أمّا بقية الحالات فهي في الحجر المنزلي.

وقال معاليه إنّ عدد الأشخاص الموجودين في الحجر المنزلي في السلطنة تجاوز 12640 شخصا، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين يخضعون للحجر المؤسسي ألفي شخص.

وأشار معاليه إلى نقطة هامة وهي أنّ الحجر المؤسسي للأسف أسوأ من الحجر المنزلي بالنسبة لنقل الفيروس، حيث أشار معاليه إلى أنّ التقيّد بالحجر المؤسسي لم يكن كما يجب، بمعنى أنّ هناك اختلاطا كبيرا وتواجدا في أماكن لا يجب أن يكون فيها اختلاط.

وقال معاليه إنّ الحجر المنزلي أفضل باعتبار أنّ الشخص سيخشى على صحته وعلى صحة أسرته.

وحمّل معالي الوزير الجميع المسؤولية الأخلاقية والوطنية والدينية التي تتطلب حماية الآخرين.

وهذا ينطبق أيضاً على مروّجي الشائعات بتحملهم المسؤولية الأخلاقية والوطنية والدينية.

ومن هنا يسرني أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى الادعاء العام بالسلطنة؛ والذي أشار عبر حسابه في تويتر قبل يومين إلى صدور حكم بالسجن والغرامة 1000 ريال في قضية نشر شائعات تتعلق بمرض كورونا، كما أشار إلى ضبط 9 أشخاص من ناشري الشائعات والتحقيق معهم وحبسهم احتياطياً.

كذلك أشار الادعاء العام إلى أمر هام وهو ورود بلاغ عن عدم التزام بعض المعزولين مؤسسياً بإجراءات العزل، الأمر الذي قد يؤدي إلى إيداع المخالف في الحبس الاحتياطي تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني.

وأشار الادعاء العام إلى إصدار مذكرات بإلقاء القبض على 11 متهما خالفوا إجراءات العزل المنزلي.

وهذا الإجراء الأخير كفيل بإعطاء درس لمن تسوّل له نفسه اختراق الحجر المؤسسي لما تسببه هذه التجاوزات إلى انتشار المرض من خلال العدوى ونقله إلى الآخرين.