إعادة التمحور خلال الـ90 يومًا المقبلة

 

 

بتول علي العبدوانية *

Batool.abduwani@gmail.com

باتت مسألة تعافي اقتصاديات دول الخليج مشروطة بتعافي الدول الاستهلاكية للبترول والغاز وهي الصين واليابان وأوروبا وأمريكا.. فهل بإمكانهم إعادة التمحور بناءً على تحليلات منهجية من خلال إدارتها للأزمة الصحية الراهنة؟! وحتى تعيد تمحورها بشكل صحيح، ستكون بحاجة إلى ثلاثة أمور؛ هي: التركيز على التخلص من الأزمة الصحية وتداعياتها المالية معا، والتعلم من تجارب دول العالم من حولها، والتي تعتبر تجربة عالمية، ومراقبة ماذا يحدث!! فالاتحاد الدولي للنقل الجوي قدَّر خسائره من بداية السنة إلى الآن بما يقارب الـ30 مليار دولار؛ منها: 200 مليون دولار تقديرها لخسائر شركات الطيران الخليجية، وحسب ما ورد من أخبار فإنَّها تتوقع خسائر لربما ستصل إلى ما يقارب 65-110 مليار دولار. في حين قدرت المملكة العربية السعودية خسارتها السنوية من السياحة الدينية بما يقارب الـ13 مليار دولار. مبالغ هائلة تتحدث عنها الدول والمنظمات الدولية. أما آن الوقت للحكومة لاحتساب الخسائر المتوقعة بالقطاعات الرئيسية: قطاع النفط وقطاع النقل والطيران وقطاع السياحة وقطاع التجارة، والإفصاح عنها ليتسنَّى للمواطن الفرد وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة أن يُعِيدوا التفكير في أوضاعهم المالية، وليأخذوا نَفَسا عميقا، ويفكروا ويقيموا خسائرهم، وإن لزمهم الأمر التراجع عن قراراتهم أو تأجليها، فلتكن بهدوء وتأنٍ بناءً على تحليلات منهجية أيضا.. أليس هذا من حق المواطن؟ فالصدمات ستساعدنا على تمحور اقتصادنا، بل وشفافية الأرقام ستعين الشعب على تجنُّب الهلع والإحباط العام وتداعياته السلبية. فماذا لو اتَّخذت حكومة المملكة العربية السعودية قرارها بزيادة إنتاجها من البترول وإغراق السوق النفطي في المرحلة المقبلة في ظل تراجع الطلب من الدول المستهلكة، حتمًا سيتسبب ذلك في كارثة لا تُحمد عقباها، حسب ما يرى لخبراء الاقتصاد الذين هم أقرب إلى تلمس واقع الأزمة. فحينها لن تجدي إستراتيجيات الحزم الحالية التي تعمل عليها الحكومة نفعا للفترة المقبلة. فاستباق الحكومة والتجار والقطاع المصرفي والتمويلي -لا سيما البنوك- في ضخ الأموال بشكل منهجي واضح من الآن، والعمل على تفعيل أوجه صرف المبادرات التعاونية والحزم المصرفية بشكل يتناسب مع الأضرار المالية المتوقعة خلال الستة أشهر المقبلة على غرار الدول الأخرى، يتطلب ضبط النقفات والمصروفات التشغيلية وإن كنا نلتمس أثرا منه على المدى القريب فواقعا يعتبر حلا على المدى البعيد.

 فإعادة التمحور تعنِي شيئا واحدا وهو التكاتف المحلي في أن تتلمَّس الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص والتجار المسار الأنسب من بين العقبات المالية التي تواجهها في الطريق إلى التعافي من هذه الأزمة. والسؤال الذي يطرح نفسه: أين المملكة العربية السعودية من التكاتف الإقليمي؟ وهل ستتخذ قرارًا بزيادة الإنتاج النفطي ليتسنَّى لها تعويض خسائرها كدولة مستقلة عن الإقليم؟ وهل ستلعب الصناديق السيادية الخليجية دورا في فك تداعيات هذه الأزمة، أم أنَّنا نصبح ونمسي ونقول إننا لا نزال في بداية الأزمة، ولم يحن الوقت للنظر بهذه الاحتمالات؟ أسئلة ترواد المواطن الخليجي أينما كان؟ وللحديث بقية.

ودمتم بأمان...،

* رائدة أعمال

تعليق عبر الفيس بوك