وداعا للورق

 

سلطان بن سليمان العبري

Sultan12444@gmail.com

**يدس "خلفان" رأسه في دشداشته المبخرة بأجود أنواع العطور  واللبان، طاويا في داخلها مسيرة كلمات تألقت، وسطور تأنقت، خطتها يمناه على سطور جريدة عُمان، وحلقت في سماء المجد. رأسه تطوي كل يوم ذكريات حزينة لا تعود، وسيارته تطوي المسافات من نزوى إلى مسقط بتثاقل من لايريد الوصول الى معشوقته الأولى وحبه الكبير.

** خلفان ومئات الإعلاميين في بلدنا بل وفي العالم أجمع باتوا خانة في مخزن التاريخ والذكريات ومتحف الأيام، بعدما باتت يد التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي تغتال كل يوم، ذكرى حلوة وقلماً ودفتر ملاحظات.

**مطلع الألفية الجديدة أغلق كثير من الصحف الأسكوتلندية والإنجليزية أبوابها على الماضي، ورحلت محملة بدموع عشاق لها، ذرفوا الدموع على الذكريات التي بنوها مع صحفهم المفضلة التي كانوا ينتظرونها – وهم يحفظون عن ظهر قلب خطوات ساعي البريد وهو يضعها بصندوق معلق على بواباتهم – لتشكل قوتهم وزادهم ولقمة معرفتهم اليومية،،الآن، لايكاد يمر يوم إلا ونسمع عن إقفال صحيفة هنا ومجلة هناك. !

**جريدة عُمان مدعومة حكوميا وهي مثل مئات الصحف المملوكة أو المدعومة حكومياً ستبقى تقاوم رياح التغيير ما شاء الله لها أن تقاوم، لكنها وباقي صحف العالم ، لا يمكنها أن تنتزع رأس شاب صغير من النوم على حضن صفحة فيس بوك أو تويتر أو الانستغرام، حيث يمكن لذلك المتصفح الإلكتروني رؤية ما يريد وقتما يريد دون وصاية من صحفي وكاتب وحتى شاعر وأديب ودرس وتعب و اجتهد ليصبح اسماً كبيراً في وقته وزمنه وربما خارج مكانه، وها هو اليوم، ومُعرض مع زملاء و رفاق سلاح القلم والفكرة، الى الزج لعالم النسيان، لعالم التحول من كل شيء الى لاشيء،  حيث يمكن لشهير اليوم على اليوتيوب أو نجم فيس بوك أو انستجرام أن ينال في دقيقة من الشهرة، ما ناله صاحب قيمة وفكر، من الشهرة في عمر كامل .. فقطار التقنيات السريعة يمضي أسرع منه، والعم "جوجل" ومستر" فيس بوك" والأخت "انستغرام" يمكنها أن توصل المعلومات بغض النظر عن جودتها ودقتها بشكل أسرع من توصيل طلبيات الطعام ب"الديليفري" حيث يمكن للوجبات السريعة أن تنسينا طعم الشواء والقابولي وحتى "القاشع والعوال" وغيرها، طالما باتت خطوات إنسان اليوم أسرع بالقدمين بدلاً من مشاركة العقل والروح أيضا.

 

تعليق عبر الفيس بوك