كرة القدم.. رسالة محبة

 

محمد العليان

 

باتت كرة القدم لغة الشعوب حول العالم.. فهي لعبة يمارسها ويهواها وينفعل ويفرح ويحزن مع أحداثها الجميع؛ الكبير والصغير، لا تفرق بين مجتمع وآخر، يتساوى فيها الجميع من الشرق إلى الغرب، العالم من شماله إلى جنوبه.. غنيه وفقيره؛ تهواها وتحبها الأغلبية إلى حد الهوس والجنون.

ومن مفارقات كرة القدم أنّ هذ الساحرة المستديرة تظل طول عمرها تجري وتلهث دون أن تدري أنّ كل العالم والمحبين لها يجرون ويركضون ويلهثون خلفها؛ وكرة القدم، أشهر رياضة ولعبة على سطح الكرة الأرضية، إنّها جنون العشق، إنها معشوقة الجميع. ارتباطها بالإنسان وبالبشرية غريب جدًا من منطلق حب التحدي والرغبةً في النصر، يركلها الشباب إشباعا لقوته ومهاراته. كرة القدم جمعت كل طبقات المجتمع، يمارسها ويستمتع بها في المدن الكبيرة وفي الأحياء السكنية الغنية والأحياء الشعبية حتى الفقيرة، ومثال على ذلك البرازيل، فأشهر لاعبي العالم خرجوا من الأحياء الفقيرة في البرازيل، وفتحت لهم الطريق إلى الثراء والغنى؛ فأكثر لاعبي كرة القدم كانوا فقراء وبعد كرة القدم أصبحوا أغنياء.

لكن اعتبرها الكثيرون خاصة في العالم العربي وفي بعض دول العالم أنها مضيعة للوقت والجهد، إلى أن اكتشفوا أنّها تجلب المال والشهرة أكثر من حكام الدول وما يتقاضونه من رواتب وامتيازات، وأصبح لاعبو كرة القدم أيضا أكثر شهرة وظهورا من الجميع وحتى المسؤولين في الدول الكبيرة.

إنّها كرة القدم تعطي من يعطيها، تجمع الكل وتلعب دورًا أساسيًا سياسيًا ودبلوماسيًا بين الدول وتعيد العلاقات والدفء بين المتخاصمين، وتجمع وتفرق الميول والتعصب بين جماهير الدولة، حيث تتجمع الجماهير صفا واحدًا عندما يلعب منتخبها الوطني في أي دولة في العالم ويكون الولاء لمنتخب الوطن فقط.

إن كرة القدم هي وسيلة وغاية في نفس الوقت لتجميع العلاقات بين الدول واللاعبين وكل منظومة كرة القدم.

كما أن كرة القدم تلعب دورا مهما بارزا وقويا؛ إذ استخدمتها بعض الحكومات والدول لإلهاء الشعوب وإبعادهم عن السياسة والمشاكل. وتعد كرة القدم واجهة حضارية وإعلامية وسياحية وتسويقية لدول العالم حيث تدر المليارات من العملات النقدية؛ خاصة عندما تستضيف أي دولة بطولة كبيرة كبطولة كأس العالم، ويتجه الجمهور والمشجعون من كافة أقطار العالم إلى السياحة الرياضية لكرة القدم للدولة المستضيفة، وأيضا انتعاش اقتصاد الدولة، وكذلك تصبح الدولة المستضيفة محل اهتمام إعلامي كبير.

لقد أصبحت كرة القدم لدى الدول المتطورة علما وصناعة وثروة مالية كبيرة، ولم يعد فقط مفهومها أن تُركل وتمارس بالقدم، بل أصبحت تلعب بالعقل قبل القدم، وتساهم في الأعمال الخيرية والتطوعية، ورفد اقتصاد الدول واللاعبين والمدربين وكل الأجهزة المصاحبة. إنها تحسن معيشة اللاعب، وتنعكس عليه وعلى أسرته وأقاربه وحتى قريته أو مدينته على وجه العموم.