تقاعس ترامب عن مواجهة "كورونا" سيتسبب في كارثة صحية بأمريكا

ترجمة - رنا عبدالحكيم

مع ظُهور أوَّل حالات لكورونا، كانت رُدود الأفعال على تفشي الفيروس التاجي من قبل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مُتناقضة بشكل واضح، وفقًا لصحفية "ذا جارديان" البريطانية.

وتصرَّفت إحدى الدول بسرعة وبقوة للكشف عن الفيروس وعزله، وبذلك احتوت الأزمة إلى حد كبير، والدولة الأخرى ارتعشت وتماطلت، وأصبحت غارقة في الفوضى والارتباك، وتواجه الآن حالة طوارئ صحية ذات أبعاد مروعة.

كان رد فعل الولايات المتحدة مُتقاعسا. فبعد يومين من التشخيص الأول في ولاية واشنطن، ظهر دونالد ترامب على الهواء على قناة CNBC وتفاخر: "لقد تمَّ التحكم فيه تمامًا. إنه شخص قادم من الصين. سنكون على ما يرام".  وفي ست أسابيع، أصبحتْ الولايات المتحدة في صدارة جدول الدوري العالمي للفيروس التاجي وتخطت الصين. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن منحنى الحالات لا يزال يرتفع بشكل حاد.

وقال رون كلاين -الذي قاد المعركة ضد الإيبولا في العام 2014- أمام لجنة جامعة جورج تاون، مؤخراً: "ستتم دراسة استجابة الولايات المتحدة لأجيال كمثال كتابي على جهد فاشل وفاسد، وما حدث في واشنطن كان إخفاقًا ذا أبعاد لا تصدق". وقال جيريمي كونينديك -الذي قاد استجابة حكومة الولايات المتحدة للكوارث الدولية في USAid من العام 2013 إلى 2017م- لصحيفة الجارديان: "إننا نشهد في الولايات المتحدة واحدة من أعظم إخفاقات الحوكمة الأساسية والقيادة الأساسية في العصر الحديث".

وفي تحليل كونينديك، كان لدى البيت الأبيض جميع المعلومات التي يحتاجها بحلول نهاية يناير للعمل بشكل حاسم. وبدلاً من ذلك، قلل ترامب مرارًا وتكرارًا من حدة التهديد، وألقى باللوم على الصين لما أسماه "الفيروس الصيني"، وأصر زورًا على أن حظر السفر الجزئي على الصين وأوروبا هو كل ما يتطلبه الأمر لاحتواء الأزمة. وعلى الرغم من أنَّ قرار السماح للمختبرات الخاصة والحكومية بتوفير الاختبارات قد زاد من تدفق مجموعات الاختبار، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال متخلفة بشكل صارم عن كوريا الجنوبية، التي أجرت أكثر من خمسة أضعاف عدد الاختبارات للفرد، وهذا يجعل التنبؤ بمكان ظهور النقطة الساخنة التالية بعد نيويورك ونيو أورليانز شبه مستحيل.

واقترح ترامب خفضًا بنسبة 16% في تمويل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في 10 فبراير، بعد 11 يومًا من إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة على كوفيد 19، وقبلها بنحو سنتين، وحسب مسؤول حكومي صرح لصحيفة الجارديان: "كان هناك تآكل في الخبرة، والقيادة المختصة، على مستويات مهمة من الحكومة".

وأظهرت إدارة الغذاء والدواء (FDA)، التي تنظم الاختبارات التشخيصية، وستتحكم في أي علاجات جديدة للفيروس التاجي، نقاط ضعف. وأشارت الوكالة مؤخرًا إلى أنها تدرس إمكانية وصف دواء الملاريا للكلوروكين لمن يعانون من الفيروس التاجي، رغم عدم وجود دليل على أنه سيعمل، وبعض المؤشرات على أنه يمكن أن يكون له آثار جانبية خطيرة.

وكما قال مسؤول كبير سابق: "لقد خضعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للضغوط السياسية واتخاذ قرارات تتعارض تمامًا مع العلوم الحديثة، وفي 30 يناير بينما كانت منظمة الصحة العالمية تعلن حالة الطوارئ العالمية، قال ترامب: "لدينا خمسة أشخاص فقط. آمل أن يكون كل شيء رائعًا".

وفي 24 فبراير، زعم ترامب أن "الفيروس التاجي تحت السيطرة إلى حد كبير في الولايات المتحدة". وفي اليوم التالي، اتبعت نانسي ميسونير مسؤولة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أمراض الجهاز التنفسي، النهج المختلف جذريًّا في قول الحقيقة، محذرة الشعب الأمريكي من أن "اختلال الحياة اليومية قد يكون شديدًا". وغضب ترامب من هذا التصريح غضبا شديدا.

وعند ظهور حالات كثيرة في الولايات المتحدة، ظهرت الكوارث تباعا؛ بدءًا من عدم توافر الاختبارات إلى نقص معدات الحماية الشخصية والأسرة وأجهزة التنفس الصناعي.

وتوسَّل المحافظون إلى ترامب لإطلاق العنان للقوة الكاملة للحكومة الأمريكية بشأن هذه المشكلة الحرجة. وأعطى ترامب إجابته في 16 مارس في جملة ستسجَّل في تاريخ الولايات المتحدة الحديث: "أجهزة التنفس الصناعي، وجميع المعدات حاولوا الحصول عليها بأنفسكم".

تعليق عبر الفيس بوك