التكنولوجيا سلاح فعال لمحاربة الكورونا (1- 3)

 

عبيدلي العبيدلي

سيطر الحديث عن فيروس الكورونا، وأخبار متابعة سرعة انتقاله، ومُراقبة محاولات الحد من انتشاره، وأرقام ضحاياه، من مصابين، وقتلى، ومتشافين، على المواد التي تناقلتها بتفاصيل غير مسبوقة قنوات التواصل الاجتماعي. وكما هو متوقع في فترات انتشار الأوبئة، يخلط الغث بالسمين. فسوية مع ذلك المحتوى الذي روج لوسائل التحصن من ذلك العدو الفتَّاك، وطرق تحاشي تلقي العدوى، كانت هناك حملات الترويج لأدوية غير مُجدية. وبين هذا وذلك لم يخلو ذلك من إشارات متباعدة عن دور التكنولوجيا في مساعي التصدي لذلك الفيروس. وتضمنت تلك الإشارات دعوات مُؤيدة لاستخدامها، ومعارضة بشدة تحذر من مغبات الاستعانة بها.

بعيداً عن كل ذلك، كانت هناك إشارات غير مُباشرة، وتلميحات شبه خجولة للدور الذي مارسته التكنولوجيا في الحرب الكونية التي شنها الإنسان مستخدماً ما أصبح تحت يديه من مكونات مُختلفة، تنتسب جميعها لما أصبح يُعرف باسم تقنية المعلومات. ولن نتوقف هنا عند تطبيقات مثل التعليم عن بُعد الذي تفاجأ جميع من استخدمه، أو اضطر تحت شروط الظروف الطارئة التي فرضها انتشار الفيروس، وسبل التحصن ضده، للاستعانة بتطبيقاته، بجدوى ذلك، بل وبكفاءة أدائه.

أوَّل تلك التقنيات كانت الجيل الخامس من الاتصال، أو ما يعرف باسم (G5)، وهي تقنية الاتصالات التي تفوقت فيها الصين على سائر البلدان الأخرى، بما فيها كوريا الجنوبية، كي لا نقول الولايات المُتحدة التي تعتبر متخلفة عندما يتعلق الأمر بهذا القطاع من تقنية الاتصالات. وهناك الكثير من التوصيفات العلمية التي تكشف المميزات التي تتفوق فيها شبكات (5G) على الأجيال التي سبقتها بما فيها الأقرب زمنيًا لها وهي (4G) وكما تتحدث العديد من المصادر فإنَّ أول مميزات هذا الجيل الخامس هي قدرته على توفير "نطاق ترددي عالٍ للغاية بالإضافة إلى اتصالات أكثر موثوقية للهواتف الذكية والأجهزة الأخرى. إذ سيكون أسرع من 4G بمئة مرة على الأقل وقد تصل إلى 1000 مرة، مما سيسمح بتنزيل الأفلام عالية الدقة في ثوانٍ معدودةٍ مثلاً".

وقد اعترفت المفوضية الأوروبية بعلاقة هذا الجيل بالاقتصاد مؤكدة بأنها، "واحدة من أهم لبنات بناء اقتصادنا الرقمي ومجتمعنا في العقد القادم، (مضيفة) أنَّ الجيل الخامس الذي سيسمح للأجهزة بمعالجة حجم هائل من البيانات بأقل قدر من التأخير سيُعزز الذكاء الاصطناعي وكذلك الحوسبة السحابية".

 وما يميز الجيل الجديد من الشبكات عن سواه من الأجيال الأخرى قدرته الفائقة على دعم "كل أطياف الموجات، فعلى عكس الجيل الرابع على سبيل المثال الذي يعتمد على الطيف متوسط التردد سيكون بإمكان الجيل الجديد الاعتماد على كل أنواع الأطياف لتتم تلك العملية على مرحلتين، الأولى ستكون بالاعتماد على الترددات الحالية واستخدام ترددات (تحت 6 غيغا هيرتز) من خلال تثبيت عدد كبير من خلايا WIFI في الأماكن العامة والمأهولة سكانياً. أما المرحلة الثانية فستعتمد على الترددات الأعلى وتستهدف أغلب الشركات دعم ترددات تصل ما بين 18 و24 غيغا هيرتز ".

على أن ما تجمع عليه تقارير المؤسسات التي تأخذ على عاتقها تقويم شبكات الاتصالات المستخدمة هو أنَّ "السرعة ليست هي الشيء الوحيد المهم في الصناعة السمعية البصرية"، مضيفة، بالنسبة لهؤلاء العاملين في صناعة الصوت والفيديو، فإنَّ التأخير وكثافة الاتصال وقدرة المرور عبر الشبكات تعد من الفروق المهمة.. سينخفض التأخير إلى 1 مللي ثانية في شبكات 5G، مقارنةً بتأخير 4G الحالي البالغ 50 مللي ثانية".

وحول علاقة الجيل الخامس بالحرب التي نخوضها اليوم ضد تفشي وباء فيروس كورونا، تناولت دراسة صدرت مؤخرًا، قامت بها، بشكل مشترك، الشركة الاستشارية الأمريكية ديلويت وشركة الاتصالات الصينية هواوي طرق دمج الميزات الرئيسية لتقنية الجيل الخامس مع التقنيات الأخرى من أجل تعزيز فعالية الوقاية من فيروس كورونا المستجد والفيروسات الجائحة وعلاجها عن نتائج هامة يمكن للقطاع الصحي الاستفادة منها. كما سلطت الدراسة الضوء حول آفاق جديدة لتحفيز عملية التحول الرقمي لأنظمة الرعاية الصحية استجابة لحالات الطوارئ العامة الكبرى".

وتتضمن الدراسة "تحليلاً لأمثلة السيطرة على فيروس كورونا المستجد وعلاجه في الصين، وذلك من أجل ضمان الوفاء بمتطلبات مختلف الجهات المعنية المتعلقة بالبيانات أثناء حالات الطوارئ العامة الكبرى. وإلى جانب عرض هذه النتائج، تناقش الدراسة كيف تستطيع الميزات الرئيسية لشبكات الجيل الخامس المتمثلة بالاتصال عالي السرعة، والعدد الهائل لنقاط الاتصال، وزمن التأخير المنخفض، ومعدل نقل البيانات السريع أن تتعاون مع تقنيات البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية من أجل تحسين جهود الوقاية من الأوبئة ...  وتطرقت الدراسة في نتائجها التي توصلت إليها فعالية الاتصال وتبادل البيانات كانت ضرورية خلال فحص الأفراد المصابين والسيطرة على تفشي المرض. وتتيح البنية التحتية القوية لشبكات الجيل الخامس أيضاً مراقبة عمليات نقل المرضى عن بُعد والتشخيص المستمر للمصابين، وتدعم التصوير الحراري لرصد العدوى". 

وجاء في تقرير آخر عن الدور الإيجابي الذي تُمارسه شبكات الجيل الخامس في محاربة فيروس كورونا، أنَّ "فعالية الاتصال وتبادل البيانات كانت ضرورية خلال فحص الأفراد المصابين والسيطرة على تفشي المرض الذي تسبب بموت الآلاف في مُختلف بقاع العالم...  (كما) إنَّ البنية التحتية القوية لشبكات الجيل الخامس تتيح «مراقبة عمليات نقل المرضى عن بُعد والتشخيص المستمر للمصابين، وتدعم التصوير الحراري لرصد العدوى. وتوجد استخدامات ثلاثة إضافية لتقنية الجيل الخامس يستفاد منها بعد التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد، وهي دعم منصات مُراقبة الوباء، ودعم مراكز قيادة الكوارث الطبيعية، وتقديم الاستشارات الطبية عن بُعد".

وردًا على بعض ما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي من المخاطر التي ترافق استخدام هذا الجيل من الشبكات، والجدل الذي بات يدور في بعض المواقع الإلكترونية التي حذرت من الآثار الصحية السلبية المترتبة على استخدام الجيل الخامس "خرجت الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع لتفند المزاعم المتعلقة بهذا الأمر. وقالت الهيئة، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من ألمانيا مقرًا لها، إنَّ كافة الادعاءات المتعلقة بإمكانية تسبب التكنولوجيا الجديدة في الأمراض أو تشكيلها لأي خطر محتمل على صحة الإنسان، غير صحيحة".