التضامن والتكافل والتراحم

 

الأزمة غير المسبُوقة التي يمرُّ بها العالم الآن، تُعِيد للأذهان مشاهد التحولات التاريخية في مسيرة الإنسانية، والتي ربما قرأنا عنها في كتاب، أو شاهدناها في فيلم وثائقي، لكنَّنا لم نتخيل يوما أنها ستكون واقعا نحياه، نئن من ضغوطه القاسية، ونصرخ من تقلباته، ونصارع من أجل البقاء.
"كورونا" فيروس لا أكثر، لكنه أشد فتكًا من القنبلة النووية، التي لرُبما لو كانت أسقطتها إحدى الدول النووية على أخرى، ما كان ليحدث الدمار الهائل الذي نراه من حولنا، إنها معركة الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، معركة بلا سلاح أو ذخيرة، لا جنود تعتلي الدبابات، ولا طائرات تخترق حاجز الصوت وترسل قنابلها من السماء، هي معركة شبحية، نواجه فيها عدوا خفيا، لا نراه، ولا نستطيع الإمساك به، لكننا في المقابل نستطيع أن نحدَّ من قدراته، وأن نشل حركته، وأن نقضي عليه بالتكاتف والتضامن في تنفيذ التعليمات، وأهمها التباعد الاجتماعي، والحد بأقصى درجة من الاختلاط مع الآخرين.
... إنَّ التحدي الأكبر في مُواجهة كورونا، ليس فقط اتباع التعليمات الاحترازية، لكن أيضا في التراحم بيننا، الآن البعض لا يجد قوت يومه، وآخرون مُهدَّدون بالفصل من وظائفهم، وهؤلاء في أمسِّ الحاجة لمن يحن عليهم ويرحمهم، من بعد رحمة رب الأرض والسماء.

تعليق عبر الفيس بوك