أين أنت من المسؤولية وقت الأزمة؟

أين أنت من المسؤولية وقت الأزمة؟

 

 

بتول بنت علي العبدوانية *

* رائدة أعمال

Batool.abduwani@gmail.com

على ضَوء المُستجدات الحالية، فإننا لا يُمكن مُقارنة الحجر الصحي العام بأي أوبئة أو أزمات أَعْلَن عنها العالم سابقا، وبحسب ما صرَّحت به الدول العظمى هذه المرة بأن جائحة كورونا تختلف تماما عن سابقتها من الفيروسات في انتشاره السريع، وعدم توافر مصل العلاج إلى الآن مما تسبَّب في شل كثير من دول العالم، وقد أدى انتشاره إلى عواقب لا يُمكن قياسها، ليس فقط بالنسبة للحكومات، بل للأفراد والشركات على مُختلف مُستوياتها. وعلى الرَّغم من قيام بعض الحكومات الموثوق بها، بإظهار قيادة فعَّالة في إدارة الأزمات، وتقييم المخاطر، وتوعية شعوبها للحد من انتشار هذا الفيروس الوبائي، إلا أنَّها ما زالت تُعاني من عدم استيعاب شعوبها أنَّ العلاج الوحيد له هو عَدم الاختلاط بشكل مباشر مع حاملِي الفيروس أو المصابين به لفترات، لرُبما تتعدَّى أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وإيمانا منها بمسؤوليتها التامة تجاه شعوبها، ارتأت اتخاذ قرارات حظر التجوال على شعوبها لإلزامهم بالمكوث في بيوتهم لحين إشعار آخر من قِبلهم، خلقت نوعا من الأمان الذي يتطلَّعون إليه، إضافة إلى استنادها لمبدأ الشفافية في عرض الوضع العام، وطرح إستراتيجيتها وآلياتها في كيفية تعاملها مع العواقب الاقتصادية المتوقعة فيما بعد الأزمة.

في حين وجود الكثير من الحكومات تهاونت مع تقييم مخاطر سرعة انتشار الفيروس، وتماطلتْ بشكل أو بآخر في اتخاذ التدابير اللازمة؛ مما انعكس سلبًا على شعوبها بسرعة تجاوزت افتراضتهم وحساباتهم؛ فآلت ترصد يوميًّا أعداد كبيرة من الوفيات من مختلف الفئات العمرية، وتتنظر الإعانة والإغاثة للخروج من الوضع المزري إنسانيًّا.

ومن الحكومات التي أفصحتْ عن نظريتها في التسليم بالتضحية فيما يقارب بـ60% من إجمالي مُتوقع المصابين ليفسح المجال للفيروس بالموت لتعود الحياة إلى الأرض، وهذا ما لا تُحمد عقباه، فأين من القيم والمواثيق الدولية التي سطَّرت لحفظ حقوق الإنسان والبيئة، أم أن هذه النظرية أحدثت لأسباب سياسية واقتصادية، واتخاذهم من الحروب البيولوجية أهدافا غير مفصوحٍ عنها إلى الآن. فالوباء في تفاقُم مستمر، وشئنا أم أبينا فكُلنا مُحاربون لهذا الوباء، والمسوؤلية وقعتْ على عاتقنا كشعوب وأفراد.

ومن هنا، وعلى الصعيد المحلي، يأتِي دَور الأفراد وأصحاب المشاريع القائمة في البلاد، أن يُظهروا مسؤوليتهم تجاه المجتمع المحلي والمجتمعات العالمية؛ وذلك من خلال تواصُلهم الصحيح مع أفراد أسرهم وموظفيهم وعملائهم ومورِّديهم؛ سواء تواجدوا على أرض الوطن أو خارجها؛ للمساهمة في الحد من التوتر العام الذي يسود العالم.

والسؤال الذي يطَرح نفسه هو: كيف يُمكن للفرد المسؤول أو لرائد العمل استثمار هذه الأزمة بشكل رائع والتعامل معها بإيجابية؟

من وجهة نظري الشخصية أنْ يثقَ الفردُ المسؤول ويؤمن بأن الأزمة وإن كانت عالمية المدى لن تستمرَّ إلى الأبد؛ وذلك من خلال اتباع منهجية واضحة في عمله وتعاملاته؛ فهو لا يزال ولا تزال شركته في مجال الأعمال التجارية وخطوته الأولى تبدأ في إقراره للمشكلة، ووجب أن تكون أولويته كفرد مسؤول التواصل مع أفراد العائلة والموظفين والعملاء والشركاء، إبداء المبادرة في أنه على استعداد لمساعدتهم ومساعدة الآخرين، موضحا لهم كيف سيبدو التعامل والعمل معهم وأعلامهم عن وجوب تثقيف أنفسهم عن طبيعة الفيروس وتبعات الأزمة والاستشعار بالمخاطر، ومعرفة خطوط الأمان الصحية المنشودة، والوعي بما يجب اتباعه من إجراءات احترازية أثناء الحجر المنزلي أو الحجر الصحي العام، ومن الضروري أن يعمل على خلق اتصال مفتوح من خلال تفعيله لقنوات التواصل الاجتماعية والمتاحة في جميع الأوقات، مُبديا تعاطفا معهم عن بُعد، ليتلقوا فيها جميع المعلومات الإلزامية المتعلقة بالنقاط المهمة لخلق وضمان بيئة عمل مهنية وآمنة ومسؤولة بالمنزل بشكل خاص؛ لتفادي إحجامهم عن تحمُّل المسؤولية، وهذا بالطبع سيسمح له ولشركته الحفاظ على التواصل السلس في تشكيل اتصالاته مستقبلا، ويبقيه مُنفتحا حول التحديات المقبلة وكيفية التعامل معاها.

فوجب تذكير نفسك وأفراد عائلتك وزبائنك وعملائك وشركائك بهذا، مع استمرارك في مشاركة إنجازاتك أو إنجازات شركتك بطريقة متعاطفة ودبلوماسية وملهمة بأن ما هو قادم سيكون الأفضل. إضافة إلى تفهُّمك وتقديرك لأنَّ عادات الأفراد والعملاء والمستهلكين قد تغيَّرت بشكل سريع في هذا الوقت، ووجوب أن تضع كل تفكيرك في خلق إستراتيجيات جديدة بقيم جديدة للمحتوى الذي تود أنْ تتعامل معه، ولربما تكون فريدة من نوعها لتتناسب مع التغيرات المتسارعة كالتسويق الإلكتروني، والتعليم عن بُعد، وطرح البرامج الافتراضية التفاعلية؛ حيث يُمكنك تقديم المساعدة من خلال تعليقاتك وخبراتك العملية مصقولة بلهجتك الخاصة؛ فالناس الآن في أمسِّ الحاجة لتلمُّس التعاطف في هذا الوقت أكثر من أي وقت مَضَى؛ فعلى سبيل المثال مارِس مهنتك كمعلم وطبيب ومحاسب بشكل افتراضي، وشارك رؤيتك وتوجهاتك حول ما يجب فعله وما إلى ذلك، ولتعمل على خلق رسائل مخصصة لعائلتك وموظفيك، ورسائل لعملائك المحتملين بكيفية الوصول إلى الأدوات المجانية المتاحة على المنصات الإلكترونية العالمية، والبحث عن الشراكات المناسبة في هذا المجال للإيجاد حلول لمعالجة العواقب المتوقعة ما بعد الأزمة الراهنة.

وفي الختام.. وأنت كقارئ: ما هي إجابتك عن السؤال المطروح؟

ودمتم بأمن وسلام...،

تعليق عبر الفيس بوك