المُقنَّعون

 

سلطان بن سليمان العبري

Sultan12444@gmail.com

يتحول سعيد يومياً، وعلى مدار نحو شهر من كل عام لشخص مجهول، نكرة، جسد ميت يمشي، بلا ملامح أو تفاصيل.

ففي عصر كل يوم، يتوجب عليه أن يرتدي قناعًا لشخصية شهيرة هو وبعض الشبان والشابات، ممن تتلخص مهمتهم في إدخال البهجة والسرور في نفوس الأطفال وذويهم ممن يؤمون المهرجان بحثاً عن تسوق أو متعة اكتشاف حضارات وثقافات أخرى.

تويتي، توم وجيري، النمر الوردي وشخصيات كثيرة يحبها الأطفال على شاشة التلفاز، وبأيام المهرجان قد يكونون على موعد مع رؤيتهم مجسدين في شخص سعيد وغيره ممن يتحتم عليهم التواجد والمرور بين الزوار ليضفوا رونقاً وبهجة وقد لا يتركون أي انطباع وراءهم، لكن ماذا عن سعيد!

آخر الليل وبعد ساعات من الوقوف أو المرور في شوارع المهرجان، سيترك لقدميه حرية "النقع" في الماء بعد أخذ حمام بارد، ليخفف ما أصابهما من احتقان جراء تجمع الدم فيهما، لكن ماذا عن الجسد وتحديداً، موضع الرأس فيه.؟

     يرضى سعيد أن يعيش في الظل بعدما واتته فرصة الظهور للأضواء والشهرة، ليحصل على قوت يومه مضحياً بحبه للشهرة مُقابل الحصول على أجر ولو مؤقت، فأحواله المادية صعبة وعليه أن ينقذ عائلته من العوز والفقر.

تحول سعيد إلى شخص آخر، في شهر بل في ساعات قليلة من أجل الحصول على المال، في وقت يتحول فيه أشخاص كثر لشخوص ترتدي أقنعة كثيرة وتظهر غير الذي تبطن والعكس، يرتدون أقنعة ليخفون عنَّا حقيقتهم وزيف نواياهم وخبث مقاصدهم، فهم يتلونون كما يتلون سعيد لكن، هو مؤقت وهم دائمون .. لكن الأكثر أسفا والأشد إيلاماً حين يوقعون الآخر في براثن حبهم وصدق مقصدهم، حين يظهرون له الوجه الخفي المُقنع الذي يرتدونه حين يتحدثون، ويزيلونه حين يعودون لحقيقة أنفسهم، لكن ماذا عن خديعتهم لعائلاتهم ؟؟

وماذا عن خديعتهم لخالقهم، دون أن يعرفوا أنه كاشفهم وأنه يؤجلهم إلى يوم الحساب، عندها لن تنفعهم أقنعتهم الزائفة، التي ستسقط كما سقطت آلاف التماثيل، التي يبنيها الناس ويعبدونها دون أن يدروا أنَّ ريحا عاصفة أو زلزالاً وبركاناً يمكنه أن يودي بتماثيلهم التي زرعوها في صحراء فكرهم الضحل إلى الهاوية، فكيف بمن هو أقرب إلينا من حبل الوريد. 

تعليق عبر الفيس بوك