بَيْن الفداء والاستغلال

أنيسة الهوتية

نشكُر حُكومتنا الرشيدة على اهتمامها الكبير للتصدي لجائحة فيروس كورونا، وإقامة لجنة خاصة بأفراد مُتميزين في تتبُّع حالة توغلها والوقاية منها، بحماية الشعب والاستمرار بتوعيته، وأيضا الشكر الجزيل لجنود الوطن من الكوادر الطبية التي تكاتفتْ بقوة، وبذلت جهودها، وسهرت وتعبت لأجل حماية الإنسان أولا، ثم الوطن، وشكَّلوا عملاقا واحدا بقلب واحد ونبض واحد وفكر واحد مُستعد لأن يبقى في واجهة هذه الحرب البيولوجية الغامضة، وكأنهم في جهاد لا يخشون الاستشهاد فيه -حفظهم الرَّحمن برحمته- ونرفع لهم القبعة.

ونشكُر أبناء الوطن الأوفياء الذين رزقهم الله خيرا مباركا، وصبته أياديهم البيضاء وقبلها قلوبهم البيضاء، ووقفوا وقفة ثابتة مع الوطن، منهم من تبرَّع بجزء من راتبه، ومن وفَّر مبانيه للحجر الصحي.. وغيرهم بأساليب أخرى، كل على نيته وحجم رزقه، وهناك من لم يرزقه الله سوى ما يَقتات به، لكنه كان مُستعدا لأن يعمل مع الطواقم الطبية في حال أي طوارئ لا سمح الله، ولهم أجر النية، وهناك من ليس له حتى قدرة التطوُّع البدني، لكنه لا يزال يمتلك سلاح الدعاء والاستغفار لنفسه وللمؤمنين، ويشمل البشرية كلها في دعائه الذي له منه الأجر والثواب.

وبين كل هؤلاء، هناك نفوس خبيثة سوداء غشَّاها الطمع ورفعوا أسعار السلع الطبية من مُعقِّمات وكممات، وهنا لا نتحدث عن الصيدليات التي حماية المستهلك لهم بالمرصاد، ولكن نتحدَّث عن أشخاص مُواطنين ووافدين اشتروا كميات كبيرة من تلك البضائع، وباعوها بأضعاف أضعاف أسعارها؛ طمعًا في المال دون خوف من الله، أو حتى من أن يفتك بهم هذا الفيروس، ويذهب مالهم الذي كسبوه بانعدام ضمير. وللأسف هؤلاء حماية المستهلك لا تستطيع رصدهم أو توقيفهم؛ لأنهم ليسوا أنشطة تجارية مسجَّلة رسميًّا، بل هم أفراد يُمارسون التجارة المستترة، أو مارسوها الآن في فترة الأزمة الحادة لانتشار كورونا.

وما زالو مستمرين للأسف.. وللحفاظ على سلامة المواطن وعدم وقوعه ضحية الاحتيال التجاري هذا يوجب على الجميع إبلاغ الجهات المعنية عن هؤلاء الأشخاص، وإن لم تتدخل حماية المستهلك فإنَّ شرطة عُمان السلطانية ستتدخل أكيد لإنهاء تلك الاحتيالات، وأيضا على وزارة الصحة توفير تلك المواد بأسعار ثابتة للمواطنين حتى لا يقعوا ضحايا للطامعين.

وهناك قلق آخر من مثل هؤلاء المحتالين الطماعين، خاصة بعد قانون إغلاق المحلات ومختلف أنواع التجارات التي توقفت حاليا، وبتوقفها ستسبب بالخسائر لأصحابها وطبعا تعويض الخسائر سيكون برفع الأسعار!! وعلى الجهات المعنية وضع قوانين صارمة من الآن لحماية المواطن قبل أن يقع ضحية الاحتيال أو ما شابه، ولا يجب أن ننسى أن شهر رمضان والعيد على الأبواب، ومع رفع الستار وفتح المسرح المقفول سيتهافت الشعب الذي هو الجمهور المنتَظِر والمنتَظَر لِدَب روح الحركة والنشاط للركود الحالي، خاصة على المستلزمات الاستهلاكية الخاصة برمضان والعيد. يجب على الجهات المسؤولة المتابعة ووضع القوانين الصارمة لكل مخالف.

ومن الآن، بعض تجار السوشيال ميديا قاموا برفع الأسعار يقيناً منهم بحاجة الفرد للغرض الذي لن يجده لا في السوق ولا في المحلات؛ فلابد أنه سيشتريه!

وأقول لكل أم: عيد هذه السنة لرُبما لن تكون فيه زيارات وطلعات؛ فلا تستعجلي وتشتري دراعة أو مخور بـ30 ريالًا وقيمتها الأصلية 10 ريالات! لأنَّ ما يحصل في سوق الإنترنت غير معقول، حجم كبير من الاستغلال في هذه الظروف القاتمة!

وما يحصل الآن، أعاد لذاكرتي بعض المواقف التي حصلت أيام جونو، وحين قام بعض المسؤولين ببيع المؤن التي كانو يستلمونها للتوزيع!..... وللأسف مثل هؤلاء البشر لا ينقرضون.