"الرؤية" تنفرد بترجمة تقرير "إمبريال كوليدج لندن" حول "دور التدخلات غير الصيدلانية في الحد من وفيات الفيروس"

قمع "وباء كورونا".. الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق مع عدم توافر اللقاح

◄ التدابير غير الصيدلانية تشمل الحد من التواصل بين السكان وتطبيق التباعد الاجتماعي

◄ "استراتيجية التخفيف" تعمل على إبطاء انتشار الوباء وليس إيقافه

◄ "التخفيف" تستهدف حماية الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة

◄ "استراتيجية القمع" تهدف إلى كبح تفشي الفيروس مع توفير الرعاية الصحية

◄ إغلاق المدارس والجامعات يستلزم ضمان إنتاج اللقاح في أسرع وقت ممكن

◄ القمع سيكون ضروريا على البلدان القادرة على تنفيذ الضوابط المُكثفة المطلوبة

◄ قمع الوباء الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق حاليا

◄ آثار اجتماعية واقتصادية عميقة مع تطبيق استراتيجية "قمع الوباء"

◄ عدم تفعيل الإجراءات الاستثنائية سيودي بحياة 510 آلاف بريطاني و2.2 مليون أمريكي

ترجمة- رنا عبدالحكيم

كشف تقرير أعده فريق الاستجابة التابع لجامعة "إمبريال كوليدج لندن"، عن نتائج صادمة في حالة عدم السيطرة على تفشي وباء كورونا "كوفيد-19"، وقال إنه إذا لم تُفعِّل الحكومات والأفراد إجراءاتها لإضعاف قوة الفيروس والحد من سرعة انتشاره- بما في ذلك إجراءات مثل غلق المدارس والجامعات ومنع التجمعات وفرض الحجر الصحي والتزام الأفراد بالتباعد الاجتماعي- وظل الوضع غير منضبط بقوانين خاصة، فسوف يموت 510 آلاف في بريطانيا، ونحو 2.2 مليون في الولايات المتحدة.

ويرصد التقرير برئاسة نيل فيرجسون، "دور التدخلات غير الصيدلانية في الحد من وفيات فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والطلب على الرعاية الصحية". وتنفرد "الرؤية" بترجمة هذا التقرير الصادر عن إمبريال كوليدج لندن وهي الجامعة البحثية المرموقة في لندن بالمملكة المتحدة، والمتخصصة في العلوم والطب والهندسة وإدارة الأعمال.

وبحسب التقرير فقد كان التأثير العالمي لفيروس كوفيد-19 عميقًا، كما إن التهديد الذي يمثله على الصحة العامة هو الأخطر مقارنة بفيروسات الجهاز التنفسي، منذ وباء إنفلونزا H1N1 عام 1918. وكان هذا التقرير هو ما اعتمد عليه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في قرارته خاصة استراتيجية "مناعة القطيع"، والتي واجه بسببها عاصفة من النقد.

يقول التقرير إنه في حالة عدم وجود لقاح لـ"كوفيد-19"، يتعين على الجميع إعادة تقييم الدور المحتمل لعدد من تدابير الصحة العامة، والتي تسمى التدخلات غير الصيدلانية، والتي تهدف إلى تقليل معدلات التلامس بين السكان وبالتالي تقليل انتقال الفيروس. وفي النتائج المعروضة في التقرير، قام الخبراء بتطبيق نموذج تحفيز دقيق تم نشره مسبقًا على بلدين: المملكة المتحدة (بريطانيا العظمى على وجه التحديد) والولايات المتحدة. ويستنتج التقرير أن فعالية أي تدخل واحد في العزل الصحي من المرجح أن تكون محدودة، مما يتطلب الجمع بين التدخلات المتعددة ليكون لها تأثير كبير على انتقال العدوى.

وحسب التقرير، ثمة استراتيجيتان أساسيتان ممكنتان: (أ) التخفيف، وتركز على إبطاء انتشار الوباء وليس بالضرورة إيقافه، للحد من ذروة الطلب على الرعاية الصحية مع حماية الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض شديدة من العدوى. والهدف هنا يتمثل في استخدام مؤشرات توفر الرعاية الصحية (مثل اللقاحات أو الأدوية، إذا كانت متوفرة) وليس لوقف انتقال العدوى تمامًا. والعمل على الحد من الأثر الصحي للوباء، على غرار الاستراتيجية التي اعتمدتها بعض المدن الأمريكية في عام 1918، والعالم بشكل عام في أوبئة الإنفلونزا أعوام 1957 و1968 و2009. ففي وباء عام 2009، على سبيل المثال، كانت الإمدادات المبكرة للقاح تستهدف الأفراد الذين يعانون من حالات طبية في الأساس، مما يعرضهم لخطر الإصابة بأمراض أكثر شدة. وفي هذا السيناريو، تتراكم مناعة السكان من خلال الوباء، مما يؤدي إلى انخفاض سريع في نهاية المطاف في أعداد الحالات وانتقال العدوى إلى مستويات منخفضة.

الاستراتيجية (ب)؛ القمع: والذي يهدف إلى كبح تفشي الوباء وخفض الأرقام إلى مستويات دنيا، والحفاظ على هذا الوضع إلى أجل غير مسمى عن طريق القضاء على انتقال العدوى من شخص لآخر. ويتمثل التحدي الرئيسي لهذا النهج في أنه يجب الحفاظ على مؤشرات توفر الرعاية الصحية والأدوية (إذا كانت متوفرة) - على الأقل بشكل متقطع - طالما كان الفيروس منتشرًا بين البشر، أو حتى يتوفر اللقاح.

وفي حالة "كوفيد-19" يتطلب الأمر على الأقل 12-18 شهرًا قبل أن يتوفر لقاح. علاوة على ذلك، ليس هناك ما يضمن أنَّ اللقاحات الأولية ستكون ذات فعالية عالية، ولتطبيق ذلك يجب على حكومات الدول أن تتخذ إجراءات قد تبدو عنيفة.

ويرى التقرير أن كل سياسة تواجه تحديات كبيرة؛ فسياسات التخفيف المُثلى (وهي الجمع بين العزلة المنزلية للحالات المشتبه فيها والحجر الصحي المنزلي لأولئك الذين يعيشون في نفس الأسرة مثل الحالات المشتبه فيها والتباعد الاجتماعي للمسنين وغيرهم من الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة) قد تقلل من ذروة الطلب على الرعاية الصحية بنسبة 2: 3، وتحد من الوفيات بمقدار النصف. ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي الوباء المُخفَف بفضل هذه الاستراتيجية، إلى تسجيل مئات الآلاف من الوفيات وانهيار الأنظمة الصحية (أبرزها وحدات العناية المركزة) عدة مرات.

وبالنسبة لوضع المملكة المتحدة والولايات المتحدة، ستتطلب استراتيجية القمع الحد الأدنى من الجمع بين التباعد الاجتماعي لجميع السكان، والعزل المنزلي للحالات والحجر الصحي لأفراد أسرهم. وقد يحتاج هذا إلى استكماله بإغلاق المدارس والجامعات، على الرغم من أنه يجب إدراك أن عمليات الإغلاق هذه قد يكون لها آثار سلبية على النظم الصحية، بسبب تنامي التحدي الرئيسي للقمع؛ وهو أن هذا النوع من التدخل المكثف- أو أي شيء فعال بشكل مماثل في الحد من انتقال العدوى- يجب الحفاظ عليه حتى يصبح اللقاح متاحًا (ربما يستغرق ذلك 18 شهرًا أو أكثر)، نظرًا لأنَّ التقرير يتوقع أن ينتقل المرض بسرعة إذا تم تخفيف التدخلات.

ويظهر التقرير أن التباعد الاجتماعي المتقطع- الناجم عن اتجاهات مراقبة الأمراض- قد يسمح بتخفيف التدخلات مؤقتًا في فترات زمنية قصيرة نسبيًا، لكن يجب إعادة تطبيق الإجراءات عندما تزيد أرقام الحالات. وفي حين تتحلى الصين وكوريا الجنوبية بالخبرات الآن، فإن القمع ممكن تطبيقه على المدى القصير، ويبقى أن نرى ما إذا كان من الممكن على المدى الطويل تطبيقه، وما إذا كان يمكن تخفيض التكاليف الاجتماعية والاقتصادية للتدخلات المعتمدة حتى الآن.

ومع تزايد جائحة كوفيد-19، تقوم البلدان بشكل متزايد بتنفيذ مجموعة واسعة من الاستجابات. وتوضح نتائج التقرير أنه سيكون من الضروري وضع استراتيجيات متدرجة ومتعددة من التدخلات، بغض النظر عمَّا إذا كان القمع أو التخفيف هو الهدف الرئيسي للاستراتيجية المتبعة. ومع ذلك، سيتطلب القمع وضع تدابير أكثر كثافة وتعطيلًا اجتماعيًا مقارنة بتطبيق التخفيف. ويعتمد اختيار التدخلات في نهاية المطاف على الجدوى النسبية لتنفيذها وفعاليتها غير المتوقعة في سياقات اجتماعية مختلفة.

وبالنظر إلى أنه من غير المحتمل أن يكون التخفيف خيارًا قابلاً للتطبيق دون إرهاق أنظمة الرعاية الصحية، فمن المرجح أن يكون القمع ضروريًا في البلدان القادرة على تنفيذ الضوابط المكثفة المطلوبة. فقمع الوباء هو الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق في الوقت الحالي. وستكون الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف السياسي عميقة. وتبنت العديد من الدول مثل هذه الإجراءات بالفعل، ولكن حتى تلك الدول في مرحلة مبكرة من الوباء (مثل المملكة المتحدة) ستحتاج إلى القيام بذلك على الفور.

تعليق عبر الفيس بوك