أوروبا تجمد اقتصادها من أجل مكافحة فيروس كورونا

ترجمة - رنا عبد الحكيم

مِثل مركز الإعصار.. انتقل مركز بُؤرة الفيروس التاجي "كوفيد-19" من آسيا إلى أوروبا؛ مما أدَّى لزيادة عدد الإصابات والوفيات، إلى جانب الأضرار الاقتصادية - حسبما ذكر تقرير لوكالة بلومبرج الإخبارية.

وبعد أسابيع قليلة من الفوضى بدا فيها قادة المنطقة غير قادرين على إيجاد استجابة مشتركة للأزمة -التي ضربت الرعاية الصحية، وثقة المستهلك والأسواق المالية في وقت واحد- شكلت نهاية هذا الأسبوع نقطة تحول.

وأعلنت فرنسا وإسبانيا عن خطوات شديدة القسوة، مُماثلة لتلك التي اتخذتها جارتها إيطاليا الموبوءة بالفيروس، والتي قطعت بالفعل عدة خطوات أخرى في فرض حظر على تحركات المواطنين. وتخطط ألمانيا لإغلاق جزئي للحدود، وحظرت النمسا التجمعات لأكثر من خمسة أشخاص. تفسر ضرورة الصحة العامة الحاجة إلى خنق اقتصاد منطقة اليورو وسرقة الحريات الأساسية من المواطنين، لكن التهديد الحقيقي للغاية  وهو الركود الاقتصادي الضخم يعني اختبارًا آخر يلوح في الأفق للحكومات: الحاجة إلى التحفيز المالي لتخفيف تأثير الضربة.

والسؤال هو: ما إذا كان بوسع أوروبا أن تتَّخذ "كل ما يلزم" من إجراءات لتعويض العواقب الاقتصادية، وفرض الحجر الصحي على عشرات الملايين من الأشخاص؟

وما بدأ هذا العام من أنه ضرب للسياحة وسلاسل التوريد العالمية التي تمرُّ عبر الصين، فمن المرجح أن يُؤثر الآن على جميع القطاعات. وتشير التقديرات إلى أنَّ إجراءات إغلاق إيطاليا قد أثرت على نشاط السياحة والنقل بنسبة 90%، وتجارة التجزئة بنسبة 50%، وإنتاج المصانع بنسبة 10%، وفقًا لخبير الاقتصاد الحكومي الإيطالي السابق لورنزو كودوجينو. ويتوقع الاتحاد الأوروبي أنْ ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للكتلة بنحو 1% هذا العام.. إنَّ استبدال تفشي الفيروس بالركود والمزيد من الضغوط على الخدمات العامة يبدو مؤلمًا.

ومن الأمور المشجِّعة أن الزخم وراء خطط الإنفاق في حالات الطوارئ -فيما يبدو- آخذ في النمو. وتتطلَّع الحكومة الفرنسية إلى ضخ أكثر من 30 مليار يورو (33.4 مليار دولار)، تغطي البطالة الجزئية والضرائب وضمانات الدولة للقروض التجارية الصغيرة. ويأتي هذا بعد تعهُّد ألمانيا بدعم الشركات عبر بنك الدولة KfW، وخطة إيطاليا لإنفاق 25 مليار يورو. كما تعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم مليار يورو كضمانات قروض عبر بنك الاستثمار الأوروبي. وقد ينتهي الأمر بأكبر تهديد للاستجابة الفعالة للأزمة عبر المحيط الأطلسي، وليس من بروكسل؛ إذ ليس هناك أمل كبير في أن يؤدي اتصالا هاتفيا جماعيا بين قادة مجموعة السبع إلى تقريب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الدول الأوروبية التي اتهمها بنشر الفيروس، والذي يزعم أنه تحت سيطرة "هائلة" في الولايات المتحدة.

وإذا فشل منحنى العدوى في تسوية الأزمة على النحو المأمول مع مرور الوقت؛ فمن الصَّعب أن نرى دور الوعود الانتخابية بمزيد من المال في تهدئة الناخبين في الداخل أو الأسواق المتوترة.. ففي الوقت الحالي، وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض التفاؤل في حالة الكآبة التي يمر بها العالم؛ فقد اختارت أوروبا تجميد اقتصادها من أجل التعافي من الفيروس.

تعليق عبر الفيس بوك