◄ ضرورة إجراء مراجعات دورية ومستمرة للنظم والسياسات المطبقة في المؤسسات
◄ دعوة المؤسسات إلى سرعة الاستجابة للمتغيرات والمستجدات التكنولوجية
الرؤية - خاص
ناقشت الباحثتان مدرين بنت خميس بن سعيد المكتومية والباحثة مريم بنت محمد بن سليمان البلوشية رسالة ماجستير في الإدارة العامة بالكلية الحديثة للتجارة والعلوم بعنوان "أثر تطبيق إدارة الجودة الشاملة على تطوير مفهوم وظائف إدارة الموارد البشرية.. دراسة ميدانية على المؤسسات الحكومية العمانية"، وذلك تحت إشراف الدكتور أحمد اسماعيل المعاني.
وخلصت نتائج البحث التي تمّ التوصل إليها من خلال الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات؛ وهي: أن إدارة الجودة الشاملة لن تؤتي ثمارها بدون وجود العنصر البشري؛ إذ إن العنصر البشري يعد من أهم العوامل التي تحدد نجاح أو فشل تطبيق إدارة الجودة الشاملة، ولذلك من الضرورة بمكان أن يكون لدى العاملين في المؤسسات الحافز والدافع والرغبة في تبني هذا المفهوم وتطبيقه واعتماده كأسلوب عمل دائم. ولعل من أهم العوامل التي تحقق هذا الحافز والدافع لدى العاملين؛ هو: إشراكهم ومنحهم القوة والسلطة لاتخاذ القرارات، والعمل على استمرار إدارات المؤسسات الحكومية العمانية بتحليل نقاط القوة والضعف للبيئة الداخلية والفرص والتهديدات للبيئة الخارجية، من أجل وضع الاستراتيجيات والأهداف العامة لها ووضع الاستراتيجيات لإدارة الموارد البشرية بحيث تكون منسجمة مع الاستراتيجيات المؤسسية، وتعزيز المفاهيم المتعلقة بممارسات إدارة الموارد البشرية ومبادئ إدارة الجودة الشاملة، وإعداد الأدلة الإرشادية والبرامج التوعوية التي تكفل إحاطة المديرين والعاملين بقيم الشركة وأهدافها وكافة المعلومات المتعلقة بتكوينها وأنظمتها الإدارية، وفرص التقدم والنمو الوظيفي وتوضيح الالتزامات والواجبات الوظيفية.
مراجعات دورية
ووصلت النتائج إلى تبني منهجيات واضحة تضمن إجراء مراجعات دورية ومستمرة للنظم والسياسات المطبقة في المؤسسات الحكومية العمانية في مجال ممارسات إدارة الموارد البشرية لغايات تطويرها بما يتلاءم مع المستجدات العلمية والتكنولوجية، بما يتوافق مع مبادئ إدارة الجودة الشاملة، واهتمام إدارات المؤسسات الحكومية العمانية بوضع استراتيجية مدروسة بعناية عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة، من خلال حرصها على تطوير إدارة الموارد البشرية، بحيث تؤدي مختلف وظائفها بما يتوافق مع متطلبات الجودة الشاملة مع التأكيد على أهمية العاملين كأهم أصول للمؤسسة.
ودعت الدراسة إلى العمل على تبني برامج شاملة لتطوير وتنمية قدرات القيادات في الصفين الأول والثاني في المؤسسات الحكومية العمانية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من تجارب المؤسسات الحكومية العمانية الرائدة في هذا المجال، كما أنّ نشر ثقافة الجودة بين العاملين وتحفيزهم لا يكفي لتطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة أو لنجاح تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة، بل لا بد من تدريب العاملين على كيفية تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة.
وأوصت الباحثتان في دراستيهما بالاستمرار في تأهيل وتدريب المديرين والعاملين على كيفية التعامل مع إدارة الجودة الشاملة وتدريبهم على الأدوات التي من خلالها تتم السيطرة على الجودة، إضافة إلى تدريبهم وتنمية مهاراتهم على حل المشاكل من أجل تمكينهم في العمل، وقيام إدارات المؤسسات الحكومية العمانية بإيلاء وظائف إدارة الموارد البشرية الأهمية التي تستحقها لدورها الفاعل في تطوير ممارسات إدارة الموارد البشرية، إضافة إلى زيادة الاهتمام بالعنصر البشري كعنصر مهم من عناصر تقديم الخدمة وأصلا من الأصول الهامة في المؤسسات، إضافة إلى قيام إدارات الموارد البشرية في المؤسسات الحكومية في السلطنة بإجراء دراسات دوريّة للتعرف على نقاط الضعف لبيئتها الداخلية ونقاط القوة والفرص والتهديدات لبيئتها الخارجية، خاصة عندما ترغب المؤسسة في التوسّع في تقديم خدماتها، واستمرار إدارات المؤسسات الحكومية في سلطنة عمان بالاعتماد على معايير واضحة وبسيطة في تقييم أداء العاملين؛ بحيث تكون مرتبطة بالعمل وتنسجم مع أهداف المؤسسة.
التميز المؤسسي
وحثت النتائج المؤسسات الحكومية على الاستفادة من برامج جوائز التميز المتاحة، وتفعيل تطبيقات أنظمة الجودة الشاملة لكافة الأعمال والأنشطة؛ وصولاً إلى تحقيق التميز المؤسسي. إضافة إلى العمل على تعزيز موقع إدارة الموارد البشرية ضمن التنظيم الإداري باعتبارها من الوحدات الرئيسية المؤثرة ولأدوارها الاستراتيجية الفاعلة في إنجاح المؤسسة وأهدافها، واستمرار إدارات المؤسسات الحكومية في سلطنة عمان في التركيز على استخدام معايير محددة لتحديد الأجور، مثل الأداء والجهد والمؤهل والخبرة ومستوى صعوبة الوظيفة، وأن تكون الرواتب المدفوعة للعاملين تتناسب مع الرواتب التي تدفعها المؤسسات الأخرى، ومع المستوى المعيشي العام ومستوى الأسعار السائدة بالسوق، والاهتمام بإعداد استراتيجيات خاصة موجهة إلى استكشاف القيادات الواعدة المبدعة والموهوبة في المؤسسات الحكومية والعناية بها تأهيلاً وتدريباً وتحفيزاً لتكون هذه القيادات على مستوى "المدير العالمي".
تطبيق المبادئ
وأوصت نتائج الدراسة الميدانية باستمرار المؤسسات الحكومية بسلطنة عمان في تبني وتطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة؛ وذلك لما أثبتته الدراسة من أثر هذه المبادئ بتطوير مفهوم إدارة الموارد البشرية، وذلك بالعمل على تجسيد مبادئها لتكون أكثر انغماسا في الثقافة التنظيمية لدى هذه المؤسسات الحكومية العمانية بشكل محوري لتكون سمة من سمات ثقافتها التنظيمية، وكأساس في إنجاح تطبيقها، لأنّ أداء الأعمال يعكس بصورة مباشرة ما يحمله العاملون من قيم، ومعتقدات، وأعراف. إلى جانب اهتمام إدارات المؤسسات الحكومية المبحوثة بالنتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، فيما يتعلق بالتقييم الإيجابي الذي أفرزته نتائجها حول تطوير ممارسات إدارة الموارد البشرية، في ظل تطبيق إدارة الجودة الشاملة والذي ينعكس إيجابيا على مستوى الخدمة المقدمة لعملائها، بحيث يكون ذلك دافعا لها للاستمرار بتقديم خدمات أفضل، والعمل على زيادة الاهتمام بتطوير ممارسات إدارة الموارد البشرية وبشكل مستمر.
وبينت الدراسة أهميّة إدارة المؤسسات الحكومية العاملة في السلطنة؛ وما لم تقم بمتابعة عملية تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة بين الفينة والأخرى، والتأكد من وجود الرغبة والحافز لتطبيق هذه المبادئ؛ فإنّ ذلك يؤدي إلى عدم الاهتمام بتطبيق هذه المبادئ من قبل المديرين، وبالتالي عدم تحقيق المطلوب من هذه العملية.
وأشارت الدراسة إلى استمرار المؤسسات الحكومية بسلطنة عمان في إيلاء موضوع العلاقات الوظيفية الأهمية التي تستحقها؛ لأنّ ذلك يمثل اهتماما مشتركا بشكاوى وقضايا العمال بين النقابات وإدارات المؤسسات، ومن شأنه حل المنازعات العمالية بين إدارة العاملين عن طريق المفاوضات مع النقابات والاتحادات المهنية.
وأوصت الدراسة الميدانية باستمرار إدارات المؤسسات الحكومية العاملة بسلطنة عمان في إيلاء الاهتمام الكافي عند اختيار الموارد البشرية واستقطابها وتعيينها من حيث نوعية المهارات والخبرات والقدرات التي تحتاج إليها في المستقبل؛ كونها ذات أهمية كبيرة في تطوير ممارسات إدارة الموارد البشرية في هذه المؤسسات الحكومية، واستمرار إدارات المؤسسات الحكومية في تعزيز الوعي والروابط والعلاقات التي تدعم متطلبات عملية تحليل الوظائف ووصفها وتصنيفها على الهياكل التنظيمية للمؤسسات، حول احتياجاتها من الموارد البشرية من حيث العدد والنوعية، لأنّ ذلك من شأنه زيادة كفاءة وفعالية تخطيط الموارد البشرية. والعمل على استمرار إدارات المؤسسات الحكومية في سلطنة عمان بتحديث الخطط الموضوعة لغايات التعيين والتدريب والتطوير والترقية وجعلها مواكبة لاحتياجات المؤسسات المستقبلية من القوى البشرية، حيث إنّ ذلك يعطي دلالات ومؤشرات هامة ويعبر عن ممارسات متطورة لإدارة الموارد البشرية.
وأوضحت الدراسة أنّ عملية التحسين المستمر لجميع الخدمات والعمليات هو روح وجوهر إدارة الجودة الشاملة، فلذلك فإنّ على المؤسسات الحكومية الاستمرار في البحث والتطوير وسرعة الاستجابة للمتغيرات والمستجدات التكنولوجية والتقنية، والذي من خلاله تستطيع هذه المؤسسات الحكومية العمانية مواكبة التطور والتحسين المستمر لخدماتها وتقديم كل ما هو جديد واستمرار إدارات المؤسسات الحكومية العاملة في سلطنة عمان في إيلاء عمليات استقطاب الموظفين الجدد الاهتمام الذي تستحقه، من خلال الإعلان عن الوظائف الشاغرة لديها لاستقطاب واختيار أنسب القوى البشرية للعمل في الشركة.
توجهات مستقبلية
ونادت الدراسة بالاستمرار في إجراء مزيد من البحوث الإدارية في مجال الدراسة الحالية، لإثراء هذا الموضوع من جوانب مختلفة. وتوصي الباحثتان الدارسين والباحثين الآخرين باختيار ممارسة واحدة من ممارسات إدارة الموارد البشرية، وكذلك اختيار مبدأ واحد من مبادئ إدارة الجودة الشاملة، وإجراء دراسات عليها كونها تعد مجالا خصبا لمثل هذه الدراسات المتعمقة، والعمل على إجراء دراسة مستقبلية في نفس القطاع وفي قطاعات خدمية أخرى كدراسة تطبيقية للتأكد من نتائج هذه الدراسة، ومدى ظهور تباين في النتائج. وأيضًا إجراء دراسات وأبحاث تركز على مفهوم جودة الخدمة وقياسه من منظور إدارة المؤسسات الحكومية العمانية على اعتبار أنها تقوم بتصميم وتقديم الخدمة ومعرفة آراء المواطنين. وأيضًا إجراء دراسات وأبحاث متعمقة حول الفجوة في قياس الأداء الفعلي للخدمة والتوقع لهذه الخدمة من منظور المواطنين، إضافة إلى إجراء دراسات وأبحاث تركز على مواكبة التغييرات التي قد تحدث في تفضيلات المواطنين حول إدراكاتهم لجودة الخدمة، ودراسات وأبحاث متعمقة ومتخصصة لكل بعد من أبعاد جودة الخدمة.
