كرة الطائرة.. مشروع تفوق رياضي

 

أحمد السلماني

كان لي شرف تلبية دعوة كريمة من مجلس إدارة اتحاد كرة الطائرة لحضور وتغطية ختام بطولة درع الوزارة، والذي جمع بين ناديي السيب والكامل والوافي، ولم تُحسم إلا بالشوط الخامس لمصلحة الأول، في دلالة كبيرة على قوة المنافسة بين الفريقين، وأنهما استحقا أن يصلا عن جدارة واستحقاق، بعد أن تمكنا من تجاوز عقبات كبيرة من أندية أخرى لم تكن بالصيد السهل هي الأخرى.

النهائي كان غاية في القوة والإثارة والندية، وبراعة اللاعبين وحماسهم، وارتقى كثيرا بالحضور الجماهيري اللافت، خاصة جمهور نادي السيب، الذي أكد -بما لا يدع مجالا للشك- أنَّ هذه المؤسسة إنما هي قيمة مُضافة عالية بالرياضة العمانية، وكم أتمنَّى أن تحذو باقي الأندية حذوه من حيث وضع إستراتيجية للنهوض بمواردها، وتنشيط برامجها، وتفعيل أكبر للعبات، وهو ما سيصبُّ في خانة تطور الرياضة العمانية وقدرتها التنافسية.

والحقيقة أنَّ المستوى العالي للبطولة، والظهور الراقي للفريقين، وقبل ذلك قوة التنافس بين الأندية على بطولة دوري الأولى ودوري الثانية، فضلا عن الحضور المؤثر والمتطوِّر لناديي السلام والسيب في البطولة العربية، كلها مؤشرات تقول بأنَّه من الممكن توسيع قاعدة اللعبة وتطوير المسابقات إذا ما حظيت هذه اللعبة بجزء أكبر من الاهتمام والدعم وبعض الأفكار خارج الصندوق.

جهد كبير لاتحاد اللعبة في إظهارها بهكذا حلة جميلة تبشر بالخير، ولكن ما مدى الجهد المبذول من قبله في توسيع قاعدة اللعبة التي تقلصت كثيرا في العقد الأخير، بعد أن كانت تمارس بشكل واسع في الأندية والقرى والفرق الأهلية ومؤسسات القطاعين العام والخاص والمدارس وخاصة الأخيرة؛ إذ مازلت أذكر في مدرستي الإعدادية وفي بداية ثمانينيات القرن الفائت، ملعبًا للكرة الطائرة كما باقي الرياضات، واليوم اختفت لتُشيَّد مكانها فصول دراسية.

الحقيقة المُرة أنَّ هناك عددًا محدودًا لا يتجاوز الـ12 ناديا مُفعَّلة للعبة الكرة الطائرة من أصل 44 ناديا، وربما يضاف إلى هذا العدد ناد هذا الموسم ويختفي اثنان، وهناك آندية كانت ذات باع كبير باللعبة، ثم اختفت رغم أن تكاليف ومصاريف التشغيل بها أقل بكثير من كرة القدم التي تأكل الأخضر واليابس من الموازنات، فضلا عمَّا تخلفه من مديونيات تصيب الأندية بالشلل، وحسنا فعل نادي مصيرة حينما برز في الكرة الطائرة يقينا من إدارته بأنها الممكن في عالم تطغى فيه لغة المال.

هنا.. أضع بين يدي اتحاد الرياضة مقترحا ربما يُسهم في اتساع قاعدة اللعبة وتطورها، وقد يقفز بها إلى آفاق أرحب من المنافسة على المستويين الإقليمي والقاري وحتى الدولي، تيمُّنا بالتجربة الإيرانية القريبة منا، والتي أوصلت البلد لكأس العالم ليقارع منتخبات الصفوة في الكرة الأرضية.

قد يرى اتحاد الكرة الطائرة دعوة كافة المؤسسات بالقطاعين العام والخاص والقطاعات العسكرية والأندية ومؤسسات التعليم العالي والخاص والمدارس والفرق الأهلية للدخول في منافسات دوري عام، ولا بأس أن تتم الاستعانة ببطولة "شجع فريقك" على مستوى الولايات، والفرق المتأهلة تلعب على مستوى المحافظات ومنها إلى مسقط للعب مباريات بدوري مفتوح حتى يصل للنهائي أفضل فريقين، ومن هذه السلسلة يتم اختيار أفضل اللاعبين لتمثيل منتخباتنا الوطنية، وتستعين بهم الأندية في مشاركاتها الخارجية، هنا سنضمن توسيع وانتشار قاعدة اللعبة وزيادة متابعيها ومحبيها، وتفاعلا كبيرا من قبل المؤسسات للظهور إعلانيا ودعائيا، وتفتقا هائلا لمكنون المواهب وتنشئتها وزيادة فاعلية قدرتها التنافسية، وكل ذلك بأقل التكاليف إذ إنَّ ديمومة هذا النشاط والمسابقات ستتم من قبل المؤسسات المشاركة وبمبالغ بسيطة.

عدا ذلك، فإنني أعتقد جازما أنَّ اللعبة لن يلامسها أدنى تغيير، وسنظل في دوامة قلة الإمكانيات والدعم وتقلُّص لقاعدة اللعبة، وانحسارها لضعف إمكانيات الأندية؛ وبالتالي حرمان شريحة واسعة جدا من المواهب من الظهور وضمور قدرتها التنافسية.