وصايا قابوسية

 

محمد بن زاهر العبري

 

قال تعالى: "ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".. من منطلق هذه الآية القُرآنية خاطب أعزَّ الرجال وأنقاهم أبناء هذا الوطن، فمجمل الدروس والخطابات التي كانت ترسل للمواطنين بعد رحيل الأب وصايا تحثهم على الحفاظ  على وطنهم، "فعمان ترابها مقدس وأرضها معطاء وشعبها عريق تدفعه إرادة العمل من أجل عزة الوطن وكرامته" (إلى الشعب عبر تلفزيون السلطنة في 26- 11- 1975).

عندما أتصفح الكتاب الذي يحتوي على خطابات صاحب الجلالة طيب الله ثراه، أستحضر وأربط تلك الخطابات وما حوت في مضامينها من نصائح ومن أمثال ومن توجيه إلى الشعب العماني ليكون حارسا أمينا للوطن ومكتسباته وتراثه الأصيل الذي ينفرد بنوعه بين الدول العربية، ليس بالأمر الهين،،،إن المستوى الذي تنعم به السلطنة الآن، لم يتحقق بسهولة ويسر بل تحقق بدماء الشهداء والمخلصين للوطن، لوتأمل الشعب حال البلاد في العام 1970 وعام 2020م، لأدرك واستدرك ماذا حصل وماذا تحقق في سلطنة السلاطين التي أصبحت مضرب مثل بين العالم وتحقيق الأرقام القياسية في استتباب الأمن والاستقرار والسلام كذلك لم يتحقق بسهولة ويسر هناك رجل رحل عن البلاد وهي تنعم بالرخاء والوئام والسلام، فعندما قال السلطان قابوس طيب الله مرقده "إرادة العمل من أجل عزة الوطن وكرامته" كرامة الوطن من كرامة المواطن المخلص فكلما كان المواطن حريصاً على كرامة بيته فهو حريص على كرامة وطنه الذي ترعرع فيه وأكل من خيراته فيجب عليه أن يكون سفيرا لوطنه أينما حلَّ وذهب ويمثله خير تمثيل ويُحافظ على تربته ومقدساته لأنه سبب رئيسي في تحقيق ذلك الأمر المهم في وطنه.

"نحن ملتزمون بهذا النهج الذي يقوم على مناصرة الحق والعدل والسلام والأمن والتسامح والمحبة"، الانعقاد السنوي لمجلس عُمان في 14-11-2006.

سيدي السلطان رحمكم الله يا رجل السلام أنت خير مثال لدول العالم أجمع لمواقفك الإنسانية بين دول العالم بشكل عام ودول العرب بشكل خاص لم تسع يومًا لبث شرارة من الحرب، بل كنت أحد الرجال الذين ينثرون رشات الماء البارد بين نيران الحروب أو شرار المخربين الذين يبحثون عن إثارة الفتن بين الدول فكل المواقف التي سجلها التاريخ أصبحت الآن في رصيد هذه الدولة المعاصرة، التي شيدت لها أساسا متينا بين دول العالم، جعلتها محبوبة بين الجميع ظللتها بظلال حكمتك جعلتها تنعم بالرخاء جعلت شعبك يتجول بين الدول وينادى هؤلاء هم أبناء قابوس الأوفياء الذين لم يسجل لهم التاريخ أي عداوة أو مشكلة بين الأمم ولم تختلط أياديهم بدماء الضعفاء أو المساكين بل كانوا، قوافل الإغاثة لكل جريح ولكل فقير إن قيمة وطنك اليوم أيها الأب الراحل قيمة مخلدة وممكنة بين شعوب العالم بسبب سياستك المتينة، التي جعلت دول العالم تعشق المجتمع العماني المعاصر الذي يجسد روح التآخي والتفاني من أجل رفعة البلاد وعلو شأنها وسوف يظل شعبك على مواصلة نهجكم الميمون، الذي أوصيت به السلطان هيثم أطال الله في عمره، مما لاشك أن المواطنون الأجلاء هم سند وعون لكل سلطان يحكم هذا البلد العظيم.

إن الوصايا القابوسية هي وصية الأب لأبنائه ليحافظوا على الإرث وأن تكون أمانتهم مواصلة العمل بكل إخلاص وتفانٍ من أجل رفعة الوطن، وكل ما نحن عليه اليوم من استقرار وتطور وعمران لم يتحقق بين عشية وضحاها فهذا الرجل سهر من أجلنا ومن أجل وطننا ليصبح كل ما نحن عليه في أرقى المعاني.

"لن يعيب المواطن أبدًا أن يؤدي واجبه لخدمة بلاده من خلال أي من هذه الأعمال الشريفة والنافعة له ولمجتمعه متى توفرت له الفرصه والقدرة على أدائها وإنما الذي يعيبه أن يترفع عنها متذرعاً بأنها أعمال بسيطة"، العيد الوطني التاسع عشر في18-11-1989.

كل الأعمال التي يتوجب أن يقوم بها المواطن ولو في أبسط مما يستطيع هي له صالحة ولوطنه دعامة ومنفعة، إن مسؤولية المواطن تجاه وطنه مسؤولية إخلاص وتفانٍ، فكلما كان الانتماء خالصًا، أنتج وأجتهد في رفعة وطنه.

سيدي السلطان قابوس- رحمكم الله وطيب ثراكم- ستبقى خالداً فينا لن تموت، فأنت الحي بتاريخك وعطائك وأمجادك.

تعليق عبر الفيس بوك