بوتين يشعل حرب أسعار النفط.. والشركات الأمريكية أولى الضحايا

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أثارَ فلاديمير بوتين ما يُمكن أن ينتهي به الأمر ليكون أحد أبشع حروب أسعار النفط في التاريخ الحديث، وربما تكون شركات النفط والغاز الأمريكية هي الضحية، وفق تقرير لشبكة "CNBC".

وتعدُّ الخطوة التي اتخذها السعوديون بمثابة انتزاع حصة في السوق، وإشارة عالية لموسكو على أنها ستدخل في تحدٍّ معها. ويأتي هذا الإجراء الدرامي استجابةً لاجتماع أوبك المثير للجدل في النمسا يوم الجمعة، والذي فشل في النهاية. وطرح أعضاء أوبك اقتراحًا لزيادة خفض حصص إنتاج النفط بما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا، ورفضت روسيا هذا الاقتراح.

ومنذ ثلاثة أسابيع فقط، فرضت إدارة ترامب عقوبات على شركة روسنفت النفطية العملاقة لنقل النفط الفنزويلي. ويعتقد وزير الخارجية مايك بومبيو أنها تشارك في مساعدة فنزويلا على بيع النفط. كما أنَّ روسيا تدعم نظام مادورو بشكل فعال، ويدير روسنفت إيغور سيتشين الصديق المقرب من بوتين.

وإذا ربطنا بين كل تلك النقاط، سنرى أن بوتين يرد على ترامب، والسعوديون -بقيادة وزير الطاقة والأمير محمد بن سلمان ولي العهد- يردون على بوتين. ويشتعل عمال النفط والغاز الأمريكيون والمستثمرون في منتصف هذه المعركة الملحمية بسبب الأنا.

ويخفِّف فيروس كورونا بالفعل من الطلب العالمي على النفط، وتراجعت أسعار النفط الخام بنسبة 30% هذا العام. وتحاول إيطاليا الحد بشدة من حركة السكان في أهم منطقة اقتصادية فيها لمدة شهر، وهي المسؤولة عن حوالي 20% من اقتصاد البلاد. بعبارة أخرى: من الناحية الاقتصادية، تحاول إيطاليا إغلاق إنتاج ولايات كاليفورنيا وأوريجون وواشنطن مجتمعة لمدة شهر.

وهل يُمكن أن يحدث هذا في الولايات المتحدة؟ من غير المحتمل، لكن هناك خطر حقيقي بحدوث ضربة اقتصادية حادة؛ حيث يتباطأ السفر ويطلب من الأشخاص العمل من المنزل. وكأكبر مستهلك في العالم، تستخدم الولايات المتحدة حوالي 20 مليون برميل من النفط يوميًّا. ولذلك حتى التباطؤ الطفيف سيكون له تأثير كبير على العرض والطلب العالميين.

وتواجه الصناعة في الولايات المتحدة هجومًا ثلاثيَّ الجوانب: انخفاض الأسعار، وتحرك المستثمرين من المؤسسات للتخلص من شركات الوقود الأحفوري، وأعباء الديون الهائلة.

ووفقًا لموديز، لدى صناعة النفط والغاز الأمريكية حوالي 86 مليار دولار من الديون المقدرة المستحقة في السنوات الأربع المقبلة؛ 57% من هذه الديون مستحقة الدفع في العامين المقبلين فقط. ومع انخفاض أسعار النفط وتضييق أسواق الائتمان، لن تتمكن العديد من الشركات من إعادة تمويل ديونها أو تمديد الاستحقاقات.

ويرى بعض الخبراء أنه ما لم ينخفض الإنتاج الأمريكي ببضعة ملايين برميل يوميًّا، فيمكن أن ينخفض النفط بسهولة إلى 20 دولارًا؛ الأمر الذي من شأنه أن يسحق قيمة الاحتياطيات الداخلية التي تعمل كأساس للكثير من الديون المضمونة في الصناعة. وستدرك البنوك أنه لم يعد من المنطقي أن تدير أعمالًا بتدفق نقدي سلبي للغاية.

وربما عادت روسيا إلى طاولة المفاوضات، أو ربما تنهار أسعار النفط. ويبدو أنَّ ما يتفق عليه الجميع هو أن صناعة الوقود الصخري وموظفيها ومستثمريها الباقين سيعانون من ألم حاد في المدى القريب. ويُظهِر أحد الأبحاث أن شركات النفط والغاز المتداولة علنا توظف حوالي 700.000 شخص، ولا يشمل ذلك ملايين يعملون في شركات خاصة أو في دائرة الصناعة.

والخطر الأكبر أن يتسرَّب هذا التأثير إلى أسواق الائتمان الأمريكية الأوسع، وقد بدأ فيروس كورونا في التأثير على الاقتصاد أيضا، إذا توقف بضعة ملايين أمريكي عن السفر والتنقل والعمل من المنزل بدلاً من ذلك، لذلك فقد انخفض الطلب على البنزين، مما يزيد الضغط على الأسعار... وفي المقابل، يبدو أن فلاديمير بوتين يبحث عن خريطة تكساس ثم يبتسم!

تعليق عبر الفيس بوك