ترجمة- رنا عبدالحكيم
منذ خمسة أشهر، أجهض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مفاجئ خططًا لإبرام صفقة مع جماعة طالبان الأفغانية، مشيرًا إلى هجوم أسفر عن مقتل جندي أمريكي في أفغانستان.
وبحسب افتتاحية صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقد عاد الاتفاق إلى الواجهة مرة أخرى، مع إضافة: "فترة سبعة أيام تبدأ يوم السبت"؛ حيث يتعين على كل من طالبان والقوات الأمريكية الامتناع عن القيام بهجمات هجومية كبرى. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إنه إذا تم توقيع الهدنة الجزئية، فسيتم توقيع اتفاق السلام في 29 فبراير، وستبدأ المفاوضات بين الأفغان بعد فترة وجيزة على "وقف شامل ودائم لإطلاق النار ووضع خارطة طريق سياسية مستقبلية لأفغانستان". وفي الوقت نفسه، ستبدأ واشنطن في خفض عدد القوات الأمريكية.
ويصف المسؤولون الحاليون وبعض المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة تلك الخطة بأنها أفضل فرصة للسلام منذ سنوات عديدة. وتأمل واشنطن بوست أن يكون هذا هو الحال، لكن يصعب الحكم على الصفقة؛ إذ إن العديد من شروطها لم يتم الكشف عنها. وينفي المسؤولون الأمريكيون تقارير بوجود ملاحق سرية متعددة في الاتفاق المرتقب. لكن يجب عليهم الإعلان عن جميع التفاصيل قبل التوقيع.
وتظهر التقارير الإخبارية والمصادر المطلعة على سير المفاوضات أن الولايات المتحدة تلتزم بخفض مستوى القوات الأمريكية في أول 135 يومًا من الاتفاق إلى 8600 جندي، من المستوى الحالي البالغ حوالي 13000 جندي. وخلال ذلك الوقت، تنوي طالبان التبرؤ من تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى وبدء مفاوضات مع السلطات الأفغانية، بما في ذلك مسؤولون حكوميون وزعماء آخرون. وإذا أوفت الولايات المتحدة بهذه التعهدات، فسيستمر الانسحاب؛ وبحسب ما ورد التزمت الإدارة بالانسحاب الكامل بمرور الوقت.
ويعترف المسؤولون بمخاطر عدم بدء عملية السلام. لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت قيادة طالبان يمكنها بالفعل السيطرة على آلاف المقاتلين الذين يقاتلون تحت رايتها. تواجه الحكومة الأفغانية مشاكلها الخاصة بعد انتخابات رئاسية متنازع عليها بشكل مرير، والتي رفضت النتيجة المعلنة لها - إعادة انتخاب الرئيس أشرف غني - من قبل خصمه الرئيسي.
وإذا أمكن التغلب على هذه العقبات، فقد تركز المحادثات على وقف دائم لإطلاق النار، وهو إنجاز بارز محتمل في دولة كانت في حالة حرب منذ 40 عامًا. لذلك، قد تطالب طالبان بتشكيل حكومة انتقالية، والتي ستشرف على مراجعة الدستور. ولكن الفجوات بين الجانبين واسعة النطاق: في حين يقول بعض قادة طالبان إنهم يقبلون الآن حق المرأة في التعليم والعمل ، فإنهم لا يبدون أي استعداد للحفاظ على النظام السياسي الديمقراطي.
ويقودنا ذلك إلى أكبر نقاط ضعف الاتفاق وهي عدم وجود صلة بين التسوية السياسية الأفغانية والانسحاب النهائي للقوات الأمريكية. وبحسب ما ورد يصف الملحق الانسحاب والتزامات طالبان بمكافحة الإرهاب ومحادثات السلام ووقف دائم لإطلاق النار بأنه "مترابط". لكن الانسحاب الأمريكي الكامل قبل أي تسوية من المرجح أن يؤدي إلى حرب أهلية جديدة، وربما إلى دكتاتورية طالبان المتجددة.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن إدارة ترامب محقة في اختبار رغبة طالبان في وقف القتال، والانفصال عن القاعدة والتفاوض بحسن نية مع الحكومة الأفغانية. ويقول القادة العسكريون إنهم يستطيعون الإدارة بمستوى القوات الأدنى بعد الانسحاب الأولي. لكن ترامب يجب أن يكون مستعدًا للدعوة إلى وقف الانسحاب إذا لم ينفذ المتمردون الاتفاق. وقد يؤدي اندفاع الولايات المتحدة نحو الخروج من أفغانستان في عام الانتخابات الأمريكية إلى تحقيق فوائد سياسية على المدى القصير، لكنه سيتسبب في كارثة استراتيجية.