المدرسة القابوسية

محمد بن زاهر العبري

 

المدرسة القابوسية لم تغادرنا قبل أن تمكننا وتهيئنا وتجعل منا الشخصية العمانية ذات الخلق والخلق. شخصية تستمد مبادئها وثوابتها كما أراد لها أعز الرجال وأنقاهم. هذا الإنسان الذي سعى منذ توليه الحكم لبناء البشر قبل الحجر، هذا الرجل الذي قال "عمان أم تحب كل أبنائها والعمانيون كلهم أبناء لهذه الأم الحنون تريدهم جميعا بررة أوفياء".

عمّاذا أتحدث؟ عن إنسان وزع إنسانيته على الدول والعالم.. كل خطاباته كانت تحمل رسالة إلى شعبه وشعوب العالم أجمع بحب السلام والأمان بين الدول وبعضها البعض؛ كان ينشد السلام والوئام على البسيطة جمعاء؛ ما كان يحرص عليه أكثر من غيره هو أن يعيش شعبه براحة بال وطمأنينة وجنّبهم عداءات الدول والحروب وجعلهم يعيشون بطمأنينة طيلة الخمسين عاما.. لم يكن مجرد حاكم أو سلطان.. كان أيضًا الأب الحاني على أبنائه؛ لم يكن يدع شيئا يزعجهم.. كان وكان.. كان يرسل طاقة إيجابية محفزة بمجرد مروره بينهم.. بمجرد أن يرفع يديه ملوحا لشعبه من خلف زجاج المركبة، كان ينشر سلامًا وحبًا قلّ نظيره بين الحكام وشعوبهم.. غاية ما كان يرجوه أن يكون لشعبه شأن بين الدول والعالم.. حقق حلمه بأن يعيشوا سعداء لغد أفضل.

"لقد أثبت العمانيون خلال الحقبة المنصرمة أنّهم يتمتعون بمستوى جيد من الوعي والثقافة والإدراك والفهم في تعاملهم مع مختلف الآراء والحوارات والنقاشات التي تنشد مصلحة هذا البلد ومصلحة أبنائه الأوفياء". (من النطق السامي خلال الانعقاد السنوي لمجلس عمان في 12-11-2012)

نعم يا مولاي.. العمانيون تعلموا الكثير واجتهدوا ليصبح فيهم الطبيب والمهندس والطيار والقاضي وكل المهن التي تحفظ لعمان استقلاليتها واعتمادها على كوادرها ومواردها.. بفضل توجيهاتك انتشرت ثقافة حب العمل الحر وعدم انتظار الوظيفة الحكومية.. زرعت بأبنائك خصالا حميدة، وعززت فيهم القيم ورسّخت بعقولهم ماذا يعني أن يعتمدوا على أنفسهم ويصنعوا لأنفسهم الدرب الصحيح ويعيلوا أسرهم من مصادر دخلهم بكرامة..

فرص التعليم كانت من أساسيات النهضة المباركة والتي يحتاجها الوطن، أنت الذي حوّلت سيوح عمان إلى مراكز علميّة وجامعات ومدارس حيث أصبح العماني الآن يتباهى بنفسه، وينافس دول العالم في شتى المجالات وينافس على المراكز الأولى كل ذلك بفضل الله أن هيأ لهذه الدولة قائدا مثلك، وسوف نواصل مسيرتك التي رسمتها لنا، وسنحافظ عليها كما سلّمتها للسلطان هيثم –حفظه الله ورعاه-.. والذي أوكلته عمان وأبناءها الذين كنت تسهر من أجلهم.

"إنّ أرض عماننا الحبيب وترابها المقدس هو ملك لكل عماني يعيش عليه ويتمتع بخيراته" (من النطق السامي في العيد الوطني الرابع 1974م)

المدرسة القابوسية جسّدت أعظم معاني التسامح والعطاء.. كيف بالإمكان أن نغفل أو ننسى ما قدمته لنا ولعمان.. سنظل ماحيينا نمتدح دروسك لنا على مرّ الزمان وسنعمل ما بوسعنا لتظل عمان وضاءة مشرقة بعطائها لأبنائها وللعالم أجمع.. فنحن أبناؤك الذين نعاهدك على أن نحفظ بلادنا من شر الأعادي.. وسوف نبقى كما عهدتنا أحرارًا حريصين على بقعة وطننا الغالي.

"نؤكد على ضرورة المحافظة على روح التآخي والمحبة التي تسود مجتمعنا العماني بجميع فئاته وتعكس الترابط المتين بين أبناء هذا الوطن في كل أرجائه والوقوف صفا واحدا ضد كل من تسوّل له نفسه محاولة التأثير على هذا الترابط الذي يمثل الدعامة الأساسية لقوة وازدهار بلادنا العزيزة في حاضرها ومستقبلها". (من النطق السامي خلال العيد الوطني التاسع عشر 1989).

هذه هي وصية والدنا قابوس- طيّب الله ثراه- لن نحيد عنها ما حيينا، وسنظل يدا واحدة ولحمة واحدة ودرعا متينا وسدا منيعا من أجل الوطن، مع سلطان البلاد المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-.

"اللهم هذا عهد منا لبلادنا وشعبنا فساعدنا على الوفاء بالعهد وكن لنا وليا ونصيرا"، من النطق السامي خلال العيد الوطني السادس 1976.

تعليق عبر الفيس بوك