الجوالة بين المطرقة والسندان

علي الداؤودي

 

القرار الوزاري رقم 1/1989 بشأن لائحة تأسيس عشائر الجوالة والجوالات وتنظيم نشاطها والوضع الذي آلت اليه، والمرسوم السلطاني رقم 10/1975م لقانون تنظيم الحركة الكشفية بالسلطنة الذي أصدره المغفور له السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه، قد دعمت وساندت من عاشوا تلك الحقبة الطويلة من التغيرات الملحوظة مع النهضة، وبذلوا قصارى جهودهم للارتقاء بالمستوى المشرف والمتميز الذي سطّره التاريخ للحركة الكشفية العمانية ضمن الدول العربية والعالمية والسباقة في نشاط الحركة لتكون ضمن مصاف الدول التي أسست منظومة لمراحل الحركة الكشفية.

 

إلا أنّ المراسيم والقرارات الوزارية التي صدرت في مصلحة الحركة الكشفية بالسلطنة، باتت شبه معدومة وبالأخص في مرحلة الجوالة والمرسوم السلطاني رقم 41/2007م جاء بالمفاجأة الكبرى لعشائر الجوالة والجوالات بالسلطنة لتكون بين المطرقة والسندان؛ وبالأخص مرحلة الجوالة والجوالات المُشكّلة بالأندية الرياضية والأهلية، التي جاءت صادمةً للواقع الذي تمر به هذه الحركة لمرحلة الجوالة والجوالات، فلو تفكرنا بصدمة هذه العشائر المشكلة بالأندية الرياضية والأهلية، وبحثنا عن الأسباب الذي جعلتها بين المطرقة والسندان سنجد أنها تعاني من ضياعها بين التقسيمات الإدارية والفنية والمالية وبالأخص الوضع المادي لها وكذلك عدم قدرتها على ممارسة الأنشطة الخاصة بمنهجها بالشكل الصحيح، وقلة اعتماد البرامج والمخيمات والمعسكرات الداخلية التي تختص بها مع الجهات المعنية والإشرافية والمنظمة لها، واكتفوا بالرد على هذه الإشكاليات لهذه المرحلة بترديد عبارة "لا توجد موازنة مالية كافية من الوزارة" ، وأما رد الجهات المسؤولة عن ضم هذه العشائر حسب التقسيمات الخاصة بهيكلتها الادارية فيه فمشابه لرد الجهات الإشرافية لمرحلة الجوالة والجوالات.

ولكن إذا ما نظرنا في القرار الوزاري رقم 1/1989 بشأن لائحة تأسيس عشائر الجوالة والجوالات وتنظيم نشاطها، المذكور أعلاه، المادة رقم (6) فهي أصبحت معدومة التطبيق لدى كل الأندية الرياضية والأهلية والجمعيات والكليات والجامعات التي تضم عشائر الجوالة والجوالات؛ وهي بدورها أصحبت تتهرب من مسؤوليتها في هذا الجانب (الدعم المالي) بحجة أنّها لا تملك الموازنة المالية الخاصة بها، أو في بعض الأحيان عدم امتلاك المقر والإمكانيات والتجهيزات لعمل وتنظيم العشائر المشكلة تحت مظلتها، والمادة جاءت صريحة وواضحة في نصها: (يجب أن تتوفر للموافقة على تأسيس عشيرة الجوالة والجوالات الشروط الآتية..... ) وتضمنت الشروط تتبع المادة كالتالي: (يرفق بطلب التأسيس ما يلي: 2/بيان الإمكانيات التي ستوفرها الجهة المذكورة للعشيرة من حيث المقر والقادة والمشرفين والإمكانيات البشرية والدعم المادي للعشيرة وغير ذلك من الإمكانيات والتجهيزات اللازمة للعشيرة ونشاطها....) إلا أنّه في الواقع الحالي قد انعدم تطبيق هذه المادة تمامًا ولم تتم متابعتها ولا معرفة أحوال العشائر من قبل الجهات المشرفة لها ولا المنضمة تحت مظلتها.

مع العلم أنّ كافة الجهات التي قامت بتأسيس العشائر في الماضي أو الحاضر تم إعلامها بالشروط والنقاط التي كان من الضروري توفيرها للعشائر، فمنهم من قام بتوفيرها وساهم في إثراء النشاط وإنجاحه (وهم القلة ولا تكاد تذكر)، ومنهم من هدمها وألغاها تماما، الأمر الذي أدى إلى انهيار العشائر تدريجياً والإساءة إلى أهدافها الحقيقية وتوجيهها إلى السعي خلف توفير الدعم المادي لها بأي طريقة، والذي أدى إلى عصف العديد من العشائر بين الشرق والغرب ودخولها في دوامات لا مخرج منها.

وهناك بعض العشائر تعاني من هيمنة بعض إدارات الأندية أو الجمعيات التابعة لها؛ وبالأخص في تنظيم وصرف الدعم الذي توفره العشائر بجهودها حسب القوانين والأنظمة المقررة، واعتبار هذا الدعم من ضمن حقوق الصندوق المالي للنادي أو الجمعية وصرفها في أمور وبرامج النادي دون أنشطة العشائر، والسؤال هنا موجه للجهة المشرفة والمنظمة لعشائر الجوالة والجوالات، أين الرقابة على هذه العشائر؟ أين التنظيم لهذه العشائر؟ أين المتابعة لهذه العشائر؟ ما هي واجباتكم تجاه هذه العشائر قبل حقوقكم؟

ولسان حال العشائر في الأندية والجمعيات والجهات التابعة لها تسأل: ما هو المسار القانوني لنا كي نرتقي بهذه الحركة بالمستوى المشرف للسلطنة وتخليد إنجازات الكشاف الأعظم - طيّب الله ثراه؟.

تعليق عبر الفيس بوك