دمعة باكية

تركية البوسعيدية

 

هذا المساء غير عن كل مساءاتي التي تعودت عليها كل يوم، أشعر بضيق ثقيل يكتم أنفاسي أو كأنّ حبلا يلف عنقي،أريد أنأبكي..أصرخ، ما هو السبب؟ لا أعرف ولكنّإحساسي يقول لي بأنّ شيئًا كبيرا سيحدث حتما ما، تذكّرت طائر الشؤم الذي يقف على جدار بيتنا منذ يومين يصيح ولا يسكت؟ وأنا أتشاءم من زعيقه، لا حول ولاقوة إلا بالله من هذا الذي أصابني. أحيانًا صداع..أحيانا غثيان..أحيانا عدم تقبل الآخر.. وأحيانًا أحب العزلة؛ كل هذه كانت بداياتاستقبال خبر هزّ كياني وزلزل الأرض؛إنّه العاشر من يناير وما كنت أحسب أنّ الخبر عدو لي ولمسائي.

كنت نائمة عندما جاءني خبر وفاة سلطاني وتاج رأسي، فكأنّي سمعت الخبر وأنا في حلم بدأ يحطم كياني، ويعصر قلبي، ويهد عظامي؛ حتى تيقّنت أنّ الخبر حقيقة وقعت على أرض عمان فزلزلت كيان أمة، فأخذت أصرخ وأصرخ حتى فقدت وعيي..

شعب يغلي، اهتزّ كيانه على حاكم ليس ككل الحكام، عظيم وهل العظماء يموتون؟ قائد، وهل هناك قائد قاد دفة وطن بكل تشعباته وطوائفه وتحدياتهإلا قابوس.. ؟! حمل فكرا، وبنى إنسانا، وعمّر وطنا، وآخى شعبا تحت راية الأمن والأمان والسلام،والحب والوفاء والمواطنة.. ألّف بين شعوب الأرض فكان مُصلحًا حين ردّ المظالم، وسامح من أساء إلى شخصه ووطنه،ما أجمل التاريخ حين يسجل لحظات حب كانت مدتها خمسين عامًا؛ ونحن نشرب من رحيق السعادة والعيش السعيد، والأمن، والحياة الهانئة تحت ظل سماء دافئة، وأرض رحبة، وحب لا يقاس بزمن ومكان إلابقلب من ولد في أرض كريمة؛ بناها بحب، وعاش فيها بحب ووفاء؛ ذلك قابوس الذي سيظل في قلوبنا وطنا ممتدا ما حيينا..

غفر الله لك، وأسكنك مساكن الرحمة، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة.. يا من تسكن قلوبنا ومشاعرنا،حتى السماء بكت لفراقك والأرض بكت حين فقدت خطواتك فيها.

في عام1992 حلمت بصاحب الجلالة ينزل من سيّارته وكانت طويلة سوداء اللون، وكانت هناك مجموعة من الناس تصطف على جانبي الشارع في انتظاره، وكنت أقف أنا ووالدي يرحمه الله. وعندما نزل جلالة السلطانقابوس من سيّارته كان يلبس دشداشة بُنية، وعندما لمحني من بعيد ناداني على جنب بعيدا عن الناس، فقال لي أمرت لك بمبلغ بسيط،ابدئي به تجارة؛ ومن خلال التجارة تستطيعين أن تبني بيتا. وبالفعل في اليوم الثاني وبالتحديد عند الساعة 8 جاءني اتصال من جهة معينة، يقول فيه المتصل:"مولانا أمر لك بمبلغ".. فرحت كثيرا بالمبلغ، وبنيت بيتي، وتذكرت ذلك الحلم السعيد..

الله يرحمك يا سيدي ويا تاج رأسي في جنات النعيم.

تعليق عبر الفيس بوك