صحار التاريخ والزيارة الكريمة

 

أحمد ناصر الفارسي

قام حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بزيارة كريمة إلى مدينة صحار العريقة، تحفه عناية الله، ودعاء أبناء شعبه الوفي، الذين اصطفوا على طول الطريق؛ الذي مرَّ به الموكب الميمون لجلالة السلطان المُعظم، معبرين عن فرحتهم بمقدمه الميمون، ومجددين الولاء والبيعة لمقامه السامي الكريم.

لاشك أنَّ جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله- وهو يقوم بهذه الزيارة التاريخية والمهمة لمدينة صحار العريقة، إنما يسير على خطى مؤسس عُمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- في حرصه على الالتقاء بأبناء شعبه الوفي، والاستماع إلى مطالبهم، وتلبية احتياجاتهم، وهي سنة حسنة، وشأن موجود في تاريخنا الإسلامي العظيم.

إنَّ اختيار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أعزه الله- صحار كأول وجهة في زياراته لربوع الوطن العزيز، له دلالاته التاريخية العميقة، والاقتصادية والصناعية المهمة، فصحار العريقة هي العاصمة القديمة لعُمان، وهي مدينة تمثل رمزا وطنيا بارزا في تاريخ عُمان العريق، فقد ارتبط ذكرها بمؤسس الدولة البوسعيدية الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي -طيب الله ثراه- الرجل الذي خلص عُمان من الغزو الأجنبي، ووحد الصفوف تحت كلمة الحق، وأعلى من راية الوطن العزيز، فشاع صيته، وبايعته القبائل العُمانية بكل صدق وجدارة إماماً ليحكم عمان من عام 1744 إلى 1793، ولا تزال هذه الأسرة الكريمة والعريقة تحكم عُمان بكل كفاءة واقتدار، ينشرون العدل والأمن في ربوع الوطن العزيز.

وتُعد مدينة صحار من أقدم وأعظم المدن على ساحل الخليج العربي، بإجماع المؤرخين والجغرافيين القدامى، ومن بين المؤرخين الذين تحدثوا عن صحار المقدسي الذي قال عنها: هي قصبة عُمان وليس على بحر العرب مدينة أكبر منها، أما الفارسي صاحب كتاب "حدود العالم" فقال عنها: "إنها سوق الدنيا كلها، لمكانتها التجارية العالمية الكبيرة، وعلى صعيد العصر الإسلامي"، تفاخر صحار ويحق لها الفخر، باستقبالها مبعوث رسول الله صلى عليه وسلم، الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، وفي التاريخ الحديث، اشتهرت بقلعتها الشامخة، والتي تكسرت على أبراجها هجمات الغزاة، ورجعوا خائبين، وفي القلعة أيضاً مخازن للذخيرة والبارود، تستخدم لصد الأعداء القادمين من جهة البحر، وتحتضن ساحتها؛ ضريح الإمام السيد ثويني بن سعيد بن سلطان –طيب الله ثراه- ولا تزال القلعة شامخة بكبريائها في وجه الزمن.

واليوم أصبحت صحار التاريخ والبطولات، وفي ظل النهضة المباركة، التي أرسى قواعدها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ويواصل مسيرتها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله ورعاه- منطقة مُهمة للسلطان، فبمينائها الضخم الواعد، دخلت عُمان مرحلة الصناعات الثقيلة، وهو ميناء مخصص للتنمية الاقتصادية والصناعية على وجه الخصوص، وقد بلغ حجم الاستثمارات في ميناء صحار عدة مليارات من الدولارات، وبه أيضاً مصفاة صحار، ومصنع الألمنيوم، ومصنع عمان بروبلين، ومجمع البتروكيماويات، وغيرها من المشاريع العملاقة. بالإضافة إلى أن الميناء والذي يرتبط بشبكة طرق حديثة مع الدول الشقيقة المجاورة، استطاع جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال شركات عالمية مرموقة مثل "إل جي" الكورية و"كان" الكندية و"داو" الأمريكية لإقامة مشروعات وصناعات معدنية وبتروكيميائية بالتعاون مع الشركات الحكومية العُمانية.

ختاماً نقول إن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي يسير في رعاية شعبه وخدمة وطنه، على خطى مؤسس نهضتنا الحديثة- رحمه الله- لهو خير خلف لخير سلف، فقد أعده السلطان قابوس- طيب الله ثراه- إعدادا مهما لخلافته في الحكم، فهو تولى مناصب سياسية وقيادية مهمة؛ بدءًا من وزارة الخارجية العمانية؛ مرورا بالشباب والرياضة، ووصولاً إلى وزارة التراث والثقافة، ورئيساً للجنة الرؤية المستقبلية لعمان 2040، لكي تتراكم كل هذه الخبرات، في شخصه ومقامه الكريم؛ وتمتزج مع الرؤية الثاقبة والحكمة والهدوء، مما يبشر عُماننا الغالية وأهلها الكرام، بمنهج راسخ للسلام والأمن والأمان، وعهدا من الرخاء والنماء والازدهار بإذن الله تعالى.

تعليق عبر الفيس بوك