تواكب مراحل التطور والتقدم وتضاهي الجيوش الحديثة تدريبا وتسليحا

قوات السلطان المسلحة.. السياج المنيع والحامي العتيد لمنجزات النهضة المباركة

 

مسقط - العمانية

حظيت قوات السلطان المسلحة باهتمام خاص من قبل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- ومنذ انطلاقة مسيرة النهضة العمانية الحديثة، واكبتْ قوات السلطان المسلحة كافة مراحل التطور والتقدُّم لتقوم بواجباتها النبيلة في حمل أمانة الدفاع عن الوطن، والذود عنه: برًّا وجوًّا وبحرًا، وحراسة لمكتسباته وحماية منجزات نهضته المباركة.

وكان جلالته -رحمة الله عليه- يُؤكد في كل المناسبات على اهتمامه الخاص والراسخ بأهمية تطوير قوات السلطان المسلحة وتحديثها، لترقى إلى الجيوش الحديثة تدريبًا وتسليحًا؛ فكان بعد التزود بالإيمان القوي بالله العزيز القدير، فإنَّ هذه القوات تزوَّدت بالعلم والتدريب والتسليح، لتصبح كما أراد لها جلالته -طيب الله ثراه- ومن أقوال جلالته في هذا الشأن: "إننا نولي دائمًا اهتماما خاصًّا لبناء قواتنا المسلحة على أسس حديثة، وقد بذلنا في ذلك جهدًا كبيرًا إلى أن وصلت -والحمد لله- إلى مستوى يعتز به كل عُماني، وإنه ليهمنا اليوم أن نؤكد عزمنا على القيام بجهود أكبر للارتفاع بهذا المستوى إلى مكانة رفيعة ومقدرة لا يستهان بها؛ وذلك بإعدادها وتسليحها ‏وتطويرها كمًّا وكيفًا بكل ما يمكنها من أداء واجبها الوطني المقدس بكفاءة أكثر، وإننا لنغتنم مناسبة احتفالنا بالعيد الوطني المجيد لنتوجه بالتحية والتهنئة إلى قواتنا المسلحة الباسلة بجميع قطاعاتها وتشكيلاتها؛ تعبيرا عن اعتزازنا وتقديرنا لاستعدادها المتميز، ويقظتها الكاملة للذود عن تراب الوطن، والسهر على أمنه بكل جدارة وإخلاص، كما نتوجه بالتحية والتهنئة إلى مختلف أجهزة الأمن لتفانيها في أداء واجبها الوطني النبيل بكل الحرص على خدمة المجتمع وتأمين راحته في كافة أرجاء البلاد".

وتعد قوات السلطان المسلحة أحد الشواهد العظيمة لمنجزات النهضة الحديثة بفضل الرؤية الحكيمة والنهج السامي لجلالة القائد الراحل -طيب الله ثراه- انطلاقا من دورها الجسيم الذي تضطلع به، وستبقى دائما متمسكة بالعهد تحمي تراب الوطن الغالي، وتذود عن مقدساته الطاهرة؛ حيث تخطو بثبات وفق منظومة متكاملة الأركان، تشمل جودة الأداء والتدريب العالي، والتطوير الممنهج، والاقتناء المخطط وفق الحاجة للأسلحة والمعدات، وإنجاز المشاريع الوطنية الطموحة إلى جانب تأهيل منتسبيها لتكون دائما وأبدا الداعم الرئيسي لجهود التنمية الشاملة في البلاد، والحامي العتيد لمنجزات نهضتها الشامخة.

وشكَّل الكادر البشري في قوات السلطان المسلحة موضعَ التقدير ومحل الاهتمام ومحط الرعاية من قبل جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه- باعتبارهم الثروة الحقيقية والمكوّن الأساسي الأهم في منظومة خطط التطوير والتدريب والتسليح في قوات السلطان المسلحة بأسلحتها الرئيسية: الجيش السلطاني العماني، وسلاح الجو السلطاني العماني، والبحرية السلطانية العمانية، إلى جانب الحرس السلطاني العماني؛ لتكون المحصلة قوات حديثة التنظيم والتسليح تضمُّ بين صفوفها كافة عناصر منظومة الأسلحة المشتركة، وأصبح منتسبوها البواسل قادرين -وبكل كفاءة- على استيعاب التعامل مع أحدث العلوم التقنية العسكرية من تقنيات حديثة في شتى المجالات.

وحرصتْ السلطنة على تكامُل المنظومة العسكرية انتهجت خططًا لتزويد قوات السلطان المسلحة بمعدات وأسلحة متطورة من دبابات، وناقلات جند مدرعة، ومنظومات صاروخية، ومدفعية وعربات مدرعة، وطائرات مقاتلة ونقل وعمودية، كما زودت هذه القوات بمختلف أنواع السفن خاصة سفن الإنزال والزوارق المتطورة دعمًا للدور الوطني الجسيم الذي تضطلع به قوات السلطان المسلحة، إلى عمليات التطوير والتأهيل المستمرة لأسلحة الإسناد التي تمكنها من القيام بواجبها الوطني على أكمل وجه.

واهتمَّت المنظومة العسكرية بالخطط وبرامج تأهيل القوى البشرية بما يتواكب والمكانة العلمية والتدريبية التي وصل إليها الجندي العماني، الذي أصبح قادرًا على التعامل مع التقنية الحديثة بكل حرفية وإتقان بفضل الرعاية والاهتمام اللذين أولاهما جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- لقوات جلالته الباسلة ومنتسبيها الأشاوس في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة.

وشهد سلاح الجو السلطاني العماني -خلال مسيرة النهضة العمانية الحديثة- نقلة نوعية على كافة الأصعدة التي يُعنى بها السلاح؛ مما جعله قوة جوية حديثة التسليح والتنظيم بما زود به من طائرات ومقاتلات حديثة ومعدات متطورة وقوى بشرية مؤهلة قادرة على صون منجزات النهضة العمانية الشاملة، وفق منهج مخطط مدروس.

وعزَّز سلاح الجو قدراته بالطائرات المتنوعة؛ منها: المقاتلة وطائرات النقل اللوجستية، والطائرات العمودية، ومنظومة الدفاع الجوي؛ مثل: بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات والرادارات، وطائرات التدريب والمشبهات التدريبية.

وأبرم سلاح الجو السلطاني عدة اتفاقيات لمواجهة تحديات ومتطلبات المستقبل، ورفع قدراته التسليحية بإدخال أحدث التطورات التقنية العسكرية لنظمه، إلى جانب ما يملكه السلاح من قواعد جوية مزودة بالتجهيزات اللازمة للقوة الجوية الفاعلة والقادرة على العمل في مختلف الظروف.

وشهدتْ البحرية السلطانية العمانية العديد من الإنجازات والتطوير، وتضمُّ أسطولًا مزودًا بالأجهزة والمعدات ذات قدرات تسليحية متطورة، إضافة لتشكيلة من زوارق السطح المعروفة بسفن المدفعية، والسفن الصاروخية السريعة، وسفن الإسناد والتدريب والشحن والمسح البحري (الهيدروغرافي)، التي تقوم بحماية الشواطئ العمانية، وتأمين مياهها الإقليمية والاقتصادية، ومراقبة العبور البحري الآمن للسفن وناقلات النفط عبر مضيق (هرمز)، وتأمين النقل البحري لوحدات قوات السلطان المسلحة على امتداد سواحل السلطنة، وإسنادها للعمليات الدفاعية، وحماية مصائد الثروة السمكية، ومهام الإسناد للعمليات البرمائية المشتركة وعمليات النقل البحري.

ويتمتع كوادر البحرية السلطانية العمانية بتأهيل عالٍ ليكونوا قادرين وبكفاءة على التعامل مع التحديات التي تواجههم أثناء أداء مهامهم الوطنية. واستمرارا لتحديث أسطول البحرية السلطانية العمانية، وبتوجيهات سامية من لدن جلالة السلطان المغفور له -بإذن الله تعالى- قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمة الله عليه- خلال السنوات القليلة الماضية تزويد البحرية السلطانية العمانية بالعديد من السفن الحديثة ضمن مشروع (خريف)؛ هي: (الشامخ، والرحماني، والراسخ)، وانضمام سفن ساحلية ضمن مشروع (الأفق)؛ وهي: (السيب، وخصب، وشناص، وسدح)، كما انضمت سفينتا الدعم والإسناد (المبشر والناصر) ضمن مشروع (بحر عمان).

 وحظي الحرس السلطاني العماني كبقية أسلحة قوات السلطان المسلحة بالرعاية والاهتمام الساميين من لدن جلالة القائد الراحل السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- حتى وصل إلى مستوى عالٍ من الكفاءة والقدرة القتالية بما يضمه من وحدات مشاة وإسناد مزودة بالأنظمة والمعدات والأجهزة المتطورة، إضافة إلى الوحدات التعليمية والفنية والإدارية. وقد أولى الحرس السلطاني العماني أهمية كبيرة لعمليات التأهيل والتدريب؛ حيث تمَّ وضع خطط التدريب اللازمة بما يتماشى ومتطلبات التعامل مع المعدات المتطورة التي زود بها.

وتقدم خيالة الحرس السلطاني العماني عروضًا متنوعة في الفروسية وسباقات قفز الحواجز في مختلف المناسبات الوطنية والعسكرية ومراسم التخريج. وتنفذ وحدات الحرس السلطاني العماني عددًا من التمارين التعبوية على مدار العام، إضافة إلى المشاركة في مسابقات الرماية السنوية، كما يشارك الحرس السلطاني العماني في التمارين العسكرية المشتركة مع أسلحة قوات السلطان المسلحة الأخرى، إلى جانب مشاركة فريق القفز الحر التابع للحرس السلطاني العماني في العديد من المحافل الإقليمية والعالمية.

وتعدُّ الخدمات الهندسية بوزارة الدفاع أحد أسلحة الإسناد الرئيسية لقوات السلطان المسلحة؛ حيث تقوم بدور حيوي كبير من خلال توفير الدعم الفني والهندسي في التمارين العسكرية، وتوفير وإدامة الخدمات الضرورية مثل المياه والطاقة الكهربائية، وشبكات الصرف الصحي ومرافق البنية الأساسية في المعسكرات والقواعد والمنشآت العسكرية، إضافة لوضع التصاميم والإشراف على المشاريع الإنشائية وأعمال الصيانة، وصيانة البنى الأساسية والمرافق المختلفة، وتصميم وتنفيذ الطرق الداخلية في المعسكرات، وشق بعض الطرق في محافظات السلطنة المختلفة، مساهمة من وزارة الدفاع في جهود التنمية الشاملة بالبلاد.

وتعدُّ الخدمات الطبية للقوات المسلحة بالجيش السلطاني العماني إحدى ثمرات مسيرة النهضة العمانية بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله عليه- حيث تقوم بتقديم الخدمات العلاجية لمنتسبي قوات السلطان المسلحة وعائلاتهم، إلى جانب دورها الكبير في الإسناد الطبي وعمليات الإخلاء، وإسهاماتها التنموية الفاعلة في المجالات الصحية.

ومن ثمرات مسيرة النهضة المباركة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- كلية القيادة والأركان بقوات السلطان المسلحة؛ حيث تمكَّنت من شقِّ طريقها كمؤسسةٍ عسكريةٍ أكاديميةٍ وأصبح لديها سجلٌ حافلٌ بالكثير من الإنجازات، وتشهد الكلية تطورًا إيجابيًا ملحوظًا، وتتقدم بخطىً واثقةٍ نحو تحقيق أهدافها المرجوة؛ فهي تتميز بتنوع معارفها؛ حيث تتابع وترصد كلَّ ما يستجد في العلوم والمجالات العسكرية والقيادية، ليس فقط لإعداد ضباط قادرين على خوض معترك الواجب الوطني بوحداتهم التي يلتحقون بها بعد التخرج، بل أيضا لتنشئة جيلٍ من قادةِ المستقبل. وتمنح الكلية درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية.

أما الكلية العسكرية التقنية، فهي أيضا إحدى ثمرات مسيرة النهضة المباركة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وهي منارة من منارات العلم التخصصية الحديثة؛ لما تمتلكه من إمكانيات وقدرات عالية، حيث المناهج الأكاديمية المتقدمة والكفاءات التدريبية المؤهلة، علاوة على الحلقات التدريبية المتطورة والإدارة الأكاديمية الناجحة.

وتقوم الخدمات الاجتماعية العسكرية برئاسة أركان قوات السلطان المسلحة، بتقديم الرعاية الاجتماعية لضباط وأفراد قوات السلطان المسلحة؛ بهدف إدامة الاستقرار الاجتماعي لهم ولأسرهم من خلال تقديم قروض الإسكان والإشراف على المباني التي يتم بناؤها، إضافة للخدمات والنواحي الاجتماعية الأخرى.

ويعدُّ التوجيه المعنوي مرآة وزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة والناطق الرسمي باسمها، وهو يجسد وظائف الإعلام العسكري المتمثلة في: الأخبار العسكرية، والتوعية والتثقيف بمختلف أنواعه وأشكاله، والتحصين المعنوي والنفسي، ودعم العمليات العسكرية. ويضطلع التوجيه المعنوي بإدامة الروح المعنوية وإبراز الدور الوطني الكبير الذي تؤديه قوات السلطان المسلحة ومنتسبوها البواسل وما بلغته من مستويات عالية في جميع المجالات.

ويعدُّ متحف قوات السلطان المسلحة إطلالة على تاريخ عمان العسكري عبر مراحله المختلفة، متمثلًا في قلعة بيت الفلج التاريخية التي تم بناؤها في عهد السيد سعيد بن سلطان في العام 1845م، ويعد متحف قوات السلطان المسلحة المتحف العسكري الوحيد بالسلطنة، والذي من خلاله يستطيع الزائر الاطلاع على التاريخ العماني العسكري منذ فترة عمان قبل الإسلام إلى عصر النهضة من خلال قاعات المتحف المتعددة، وبما تحتويه من أسلحة وصور ووثائق تاريخية تنقل الزائر إلى تلك العصور ليشهد قصة الانتصارات والأحداث العسكرية التي تحكيها كل قاعة من قاعات المتحف.

وفي إطار التأهيل والتدريب، ينفِّذ مركز الأمن البحري العديد من التمارين الأمنية البحرية بمشاركة أسلحة قوات السلطان المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى والجهات المعنية في هذا المجال من مختلف الدول، ويهدف إلى الاطلاع على مدى جاهزية واستجابة الجهات ذات الاختصاص في عمليات البحث والإنقاذ والإخلاء الطبي، وعمليات مكافحة التلوث الزيتي داخل البحر الإقليمي للسلطنة، ومكافحة التهديدات الأمنية البحرية.

تعليق عبر الفيس بوك