العالم السيبراني.. لمن؟!

 

فاطمة بنت محمد البلوشية

في ظلِّ انفتاح الفضاء العالمي فيما بات يعرف بالعالم السيبراني، والذي لا يكترث للحدود السياسية المرسومة على خارطة العالم، تعد الرقابة على ما يتم تداوله عبر هذا الفضاء معضلة حقيقية، وقد سيطرت هذه المعضلة على أوراق العمل والنقاشات التي دارت في مؤتمر الأمن السيبراني الخليجي الثاني بدولة الكويت الشقيقة، والذي عُقِد في نوفمبر 2019.

مثال ذلك: التعرض لحادثة أثرت كثيرا على المجتمع الكويتي؛ حيث تمَّ تداول خبر قصف منشآت نفطية كويتية خلال العام؛ مما تسبب في إقلاق راحة الشعب في تلك الفترة، والتأثير على السكينة العامة، وقد قام المختصون بالأمن السيبراني بدولة الكويت بمتابعة مصدر تلك الشائعات، وتبين وجود حسابات خارجية تعمل على بثها. والغريب أنَّ الجهات الرسمية لم تقم بإصدار أي بيان رسمي لتهدئة روع الشعب وتبيان حقيقة الموقف الذي لا يعدُو كونه أخبارًا مُفبركة من جهات خارجية. وأيضا تم التطرق إلى الروبوتات الموجهة، والتى لا شغل لها غير بث الشائعات في هذا الفضاء السيبراني؛ مما يشكل تهديدًا على ثقة المواطن والمستثمر وجميع الفئات ذات العلاقة بموضوع الإشاعة، إضافة لعرض تقارير تثبت تزايد معدل الهجمات السيبرانية على دولة الكويت؛ حيث تشير التقارير إلى أنَّ دول الخليج هي مقصد أغلب عمليات الهجوم السيبراني.

والمتابع للشأن المحلي بالسلطنة يلحَظ تزايد انتشار أخبار وشائعات بين الفينة والأخرى تقلق الراحة وتجعل المواطن في حيرة بين أن يصدق أو يكذب ما يتم نشره عبر قنوات التواصل الاجتماعي. والذي غالباً ما يكون مصدره من خارج الحدود؛ حيث لا يوجد ما يردع هذه الفئة من بث هذه الأكاذيب من خلال هذا الفضاء المفتوح إلى الآن. وعلى صعيد ما يتعلق بالهجمات السيبرانية، يوجد ارتفاع لمعدل الحوادث الأمنية السيبرانية بالسلطنة حسب تصريح وزارة التقنية والاتصالات في الأسبوع الإقليمي للأمن السيبراني بالمنطقة العربية والذي تم عقده في اكتوبر 2019م. حيث بلغ عدد الحوادث الأمنية المعلوماتية عام 2018م 2334 حالة. في حين بلغ عدد محاولات الهجمات الإلكترونية في الفضاء السيبراني العُماني ما يقارب 432,978 هجمة، إضافة لـ71,472 هجمة على المواقع الإلكترونية العُمانية.

والواضح أيضا أننا لسنا الوحيدين الذين لديهم أحداث مشابهة، فقط طالعتنا جريدة "الوطن" قبل أيام، بخبر عن الاتحاد الأوروبي؛ حيث طالب رئيس البرلمان "تشكيل قوات أوروبية خاصة لدرء الهجمات السيبرانية"؛ حيث -كما ذكر المصدر- إنَّ الاتحاد الأوروبي يخطو أولى خطواته لتأسيس لواء أوروبي لدرء الهجمات السيبرانية؛ وذلك ضمن إطار التعاون العسكري فيما بينهم؛ فلماذا لا تحذو الدول الخليجية حذوهم، وتعمل على تشكيل لواء مماثل لحفظ المنطقة مما يراد بها عبر ما يبث من شائعات مغرضة، وحمايتها من الهجمات التي تهدد البُنى التقنية للدول؟

الملاحَظ أنَّ نوعية الاختراقات متعددة، بعضها عن طريق فيروسات أو روابط تحملها، والأخطر هو الاختراق الفكري، وإنْ لم يتم التصدي لمثل هذه الاختراقات، فإنه من غير المتوقع أن تتوقف من ذاتها؛ في ظل عدم وجود تشريعات فاعلة مجرِّمة لمثل هذه الأفعال بجميع دول العالم تراعي اختلاف حيز حرية التعبير لكل دولة.

تعليق عبر الفيس بوك