لماذا وصفت إيران ترامب بـ"التلميذ المتنمر"؟

باريس- رويترز

قالت إيران يوم الخميس إن ثلاث دول أوروبية انصاعت لتهديدات ”التلميذ المتنمر“ دونالد ترامب عندما قامت بتفعيل آلية تسوية المنازعات الواردة في اتفاق نووي يعارضه الرئيس الأمريكي وهي خطوة قد تقود في نهاية الأمر إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

وأبرم الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 بين طهران وقوى عالمية ويقضي بتخفيف العقوبات المفروضة على إيران مقابل تقليص برنامجها النووي. وانسحب ترامب من الاتفاق في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الأمريكية وأبلغ طهران أنه يريد اتفاقا يفرض قيودا أكبر على البرنامج النووي وأشياء أخرى.

وردت إيران على العقوبات الأمريكية بتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق، وبلغ الأمر ذروته هذا الشهر بإعلانها أنها ستتخلى عن الالتزام بالقيود المفروضة على إنتاجها من اليورانيوم المخصب لكنها تقول إنها تريد الإبقاء على الاتفاق. وفعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا آلية تسوية المنازعات المنصوص عليها في الاتفاق هذا الأسبوع. وقالت لندن إن الوقت حان لإبرام ”اتفاق ترامب“ في حين قالت باريس إنه يتعين إجراء محادثات موسعة. وذكرت صحيفة واشنطن بوست يوم الأربعاء أن إدارة ترامب هددت بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25 بالمئة على الواردات من السيارات الأوروبية إذا لم تتهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران رسميا بانتهاك الاتفاق النووي.

وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر ”تأكد الاسترضاء. الدول الأوروبية الثلاث أسلمت ما تبقى من الاتفاق لتحاشي رسوم ترامب الجديدة. لن يفلح ذلك يا أصدقائي، فأنتم تفتحون شهيته فحسب. أتذكرون التلميذ المتنمر في مدرستكم الثانوية؟“.

وأكد دبلوماسيان أوروبيان أن واشنطن هددت بفرض التعريفات الجمركية لكنهما قالا إن الدول الثلاث كانت قد قررت بالفعل تفعيل الآلية قبل ذلك. وقال دبلوماسي ثالث إن مثل هذه الأساليب الأمريكية ليس من شأنها سوى تقويض الأوروبيين الذين يحاولون ممارسة ضغوط بشكل مستقل. وقال الدبلوماسي ”سواء كانت صحيحة أم لا، فإن تأثيرها يقوض الأوروبيين، لكن ترامب لا يعبأ حقيقة بذلك“. وأضاف ”أما على الجانب الإيراني.. فإن ذلك يثبت أن الولايات المتحدة وحدها هي المؤثرة في هذا الأمر“. وقال الاتحاد الأوروبي يوم الخميس إن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد خوسيب بوريل عقد محادثات مباشرة ”وصريحة“ مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على هامش مؤتمر في نيودلهي.

عودة العقوبات

ويعارض الأوروبيون منذ فترة طويلة قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لكنهم واجهوا تهديدات على مدى شهور لدفعهم لتفعيل آلية تسوية المنازعات إذا لم تلتزم إيران بالاتفاق. وتبدأ الآلية عملية دبلوماسية معقدة يمكن أن تنتهي بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران رغم أن الأوروبيين يقولون إن هذه ليست غايتهم. وقالت الدول الأوروبية لدى تفعيلها الآلية إنها لا تدعم سياسة ”الضغوط القصوى“ التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه إيران وإنها ما زالت تأمل في إنقاذ الاتفاق النووي.

والخلاف النووي هو جوهر مواجهة طويلة الأمد بين إيران والغرب تحولت إلى صراع مفتوح هذا الشهر عندما قتلت واشنطن قائدا عسكريا إيرانيا بارزا في بغداد وردت طهران بضربات صاروخية على أهداف أمريكية بالعراق. وأثناء هذه الفترة من الاستنفار أسقطت إيران طائرة مدنية ووصفت الأمر بأنه خطأ مأساوي، وأثار ذلك احتجاجات مناهضة للحكومة بالداخل. واستمر الغضب أثناء جنازات القتلى.

وردد المشيعون هتاف ”الموت للدكتاتور“ أثناء تشييع اثنين من ضحايا تحطم الطائرة في مدينة سانانداج يوم الخميس وفقا للقطات فيديو نشرت على الإنترنت في إشارة إلى الزعيم الأعلى أية الله علي خامنئي.

وسيلقي خامنئي، الذي يواجه اضطرابات داخلية وضغوطا خارجية، خطبة الجمعة لأول مرة منذ ثماني سنوات. وزادت العقوبات الأمريكية من التحديات التي تواجهها إيران فارتفعت الأسعار مع تراجع قيمة العملة. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب بثه التلفزيون يوم الخميس ”الضغط زاد على إيران لكننا نواصل التقدم“. وأضاف أن إيران تخصب اليورانيوم أكثر مما كانت تخصبه قبل التوصل للاتفاق النووي.

واليورانيوم المخصب يمكن استخدامه في إنتاج رؤوس حربية نووية. لكن إيران تنفي اتهامات غربية بأنها تريد امتلاك مثل هذه الأسلحة وتقول إنها تحتاجه لأغراض سلمية.

وقالت الإدارة الأمريكية إن أي اتفاق جديد يجب ألا يقتصر على برنامج إيران النووي بل لابد أن يشمل كذلك تطوير طهران للصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية حيث تمد نفوذها عن طريق قوات تدعمها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وقالت إيران مرارا إنها لن تجري مفاوضات مادامت العقوبات مفروضة عليها ولا يمكنها التفاوض مع ترامب الذي حنث بالتعهدات الأمريكية بانسحابه من الاتفاق.

تعليق عبر الفيس بوك