يوم الرحيل والبيعة

 

 

علي بن سليم برياء

 

خيَّم الحزنُ على كل القلوب حين وأفتنا مقادير الغيوب ونُكّست الأعلام إجلالاً وإكراماً وأُعلن الحداد حزناً وأسى وتوافدت الوفود احترماً وتقديراً لمراسم العزاء مُعربين عن خالص التعازي وصادق المواساة للعائلة المالكة، وللشعب العُماني، وللأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع في وفاة حكيم الأمة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - مؤسس نهضة عُمان الحديثة الذي حكم خمسين عاماً بهدوء وحكمة ورقي ورحل عن عمر ناهز 79 عاماً بهدوء دون ضوضاء وزعزعة إلى جوار ربه.. بكته القلوب قبل العيون رحل والجميع راضون عنه، فقد كان لعُمان مدرسة من الحكمة والعلم والمعرفة ورمزاً للحاكم العادل الأمين لشعبه ووطنه.

رحلت يا قابوس السلام والعالم يبكيك بعد أن أتممت مسيرة التنمية والإنجازات والعطاء والبناء، أفنيت عمرك ووهبت حياتك لخدمة وبناء عُمان والمواطن وكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، وقد أسفرت سياسته الحكيمة التي يشهد لها القاصي قبل الداني منذ نصف قرن اتسمت بالحكمة والرزانة والهيبة والهدوء والاستقرار والبناء. إنّ هذه الصفات جميعا نجدها ماثلة في أعمال السلطان قابوس ومنجزاته، كما نجدها منحوتة في وجدان العمانيين الذين اشتركوا مع السلطان في حلم بناء عمان الحديثة.

سيظل الحادي عشر من يناير ذكرى يسودها الحزن والأسى في ذاكرة العمانيين، والذي خيّم على سماء السلطنة حينما أتي الناعي بغتة كادت الأكباد من الحزن تذوب في رحيل قابوس السلام باني عُمان العصرية فالمصاب جلل ولكن نحن راضون ومتمسكون بالإيمان بالله تعالى وبقضاء الله وقدره وبما كتبه الله، وهذا أمر الله قال تعالى في كتابه العزيز (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) صدق الله العظيم.

فقد بايع العمانيون جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد - حفظه الله ورعاه - على السمع والطاعة بناءً على وصية السلطان الراحل الأب والمعلم جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمة الله علية فمن اختاره السلطان هو خير خلف لخير سلف ونُعاهد الله والوطن والسلطان بأن نعمل من أجل قيادته الحكيمة ونسير على النهج العُماني الحكيم، وماضون دون شقاق أو فتن وأن نُحافظ على ما أنجزه.

ودعنا بالأمس عزيزاً واليوم نستقبل عزيزاً وفق الرؤية والنظرة الثاقبة التي تعودنا عليها ورسمها قابوس المجد والسلام - رحمة الله عليه- وما شاهدناه في عملية انتقال ولاية السلطة في الأيام القليلة الماضية من سلاسة ويسر وهدوء وعن رضا وتوافق تام بين الأسرة الحاكمة تم خلال ساعات. كان مظهرا يبعث في النفس الاطمئنان على مستقبل هذه البلاد وأننا في أيدٍ أمينة.. حفظ الله جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المُعظم ورحم الله فقيدنا وأبونا الحكيم السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور تغمده الله بواسع رحمته

  اللهمّ أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار.

تعليق عبر الفيس بوك