مولاي المعظم.. أدام الله عليكم العافية

سارة بنت علي البريكية

 

كانت الساعة تشير إلى ما قبل المغيب، وكان الوقت يتأهَّب لمعانقة الغروب، وبدء حضور الليل والعتمة، وكانت السماء وهي في عليائها مُبتهجة سرورا تلتحف سُحُبًا من هنا وهناك، وتتشَّح بغيوم زيَّنها ربي لهذا وذاك، وكانت ليست مثل زُرقة البحر، بل إنَّ اللون الرمادي تبدَّد عليها آخذًا منها مساحات، وكان يظهر عليها الهدوء والصمت الذي لم يكن تسبقه عاصفة، بينما الشمس كان وميضها مفرحًا، وأشعتها كانت تَهَب الدفء من برودة الطقس وهبات الشتاء، وكُنا كلٌّ في محله نكبر ذلك منها بالترحاب، ونحن منغمسون في ممارسة نشاطاتنا وأعمالنا اليومية، ومع هذا التزاحم والتداعي المعتاد، كانت نفوسنا تكبر بالدعاء لسيد عُمان وبانيها، وألسنتنا تلهج به وما فترت عنه أبدا، ولا توقفت مطلقا ولا صاحبها إعياء ولا ضجر، فمرت علينا أيام عصيبة، فيها بكينا كثيرا، وسجدنا كثيرا، وواسينا بعضنا أكثر بكثير، وإذا بالدعوات تُستجاب، ولم يكن بينها وبين رب العباد حجاب؛ فجاءت مُحمَّلة بالخير وبالخبر السعيد، وصارت أحوالنا عقب ذلك أشبه بلحظات العيد، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، على ما أنعمت به من شفاء وصحة على سيد عُمان.

إنه في بلادي عمان لا يهدأ لأصحابها بال إلا وباني نهضتها مُنعَّم بالعافية، ومتمتع بالصحة، ولا تستسيغ عيشا بدونه أو إذا أصابه لا قدَّر الله مكروه عابر، أو إذا مسَّه سَقَم ليس جابرًا -حماه الله- فالحمدلله على هكذا تلاحم، جعلنا صفًّا واحدا خلف قيادتنا الحكيمة، والحمدلله على هذا الحب له أعزه الله دوما وأسبغ عليه مزيدا من العافية.

إنَّ مساء الثلاثاء الفائت الموافق الحادي والثلاثين من ديسمبر من العام المنصرم، عشنا فيه نحن العمانيين أجمل لحظات أعمارنا، حينما حمل لنا ذلك البيان الصادر عن ديوان البلاط السلطاني، بشارة خير وهي أن جلالته -أطال الله في عمره- بخير وفي حال مستقر ويتابع برنامج العلاج المقرر، فشعرنا بميلاد جديد لنا على هذه البسيطة، وتولدت لدينا قناعة بل وترسخت فينا أكثر، بأنَّ القلوب متى ما كانت بيضاء نقية صادقة مخلصة تُفتح لها أبواب السماء.

لا شك أن مِمَّا زاد من بهجتنا وفرحنا وسرورنا مع تحسُّن حالة جلالته -أدام الله عليه الشفاء- أنه لم ينسَ شعبه الوفي على ما أبدوه من مشاعر طيبة ودعوات صادقة، في أن يَمُن الله عليه بالشفاء والصحة والعافية، فقدم لهم شكره الجزيل الوافر الذي أسعدنا وغمرنا، مُعبِّرا من خلاله مولاي المعظم عن حبه لشعبه الوفي المخلص.

لم تُسعفنا الكلمات في التعبير عمَّا جاشت به نفوسنا ونحن نتابع البيان، وأقولها بكل فخر واعتزاز وحب، إنَّ اليوم الذي كان فيه نهاية العام الميلادي ألفين وتسعة عشر، سيُجسَّل بأحرف من نور لأنه أشاع النور، وسيُكتب بمداد من ذهب لأنه للهم ذهب، وسيبقى خالدًا مخلدًا تتناقله الأجيال في حكاياتهم وأحاديثهم وهمساتهم بما أودعه في قلوبنا من فرح كبير عظيم، وبما أسكبه على حياتنا من حياة سعيدة تجددت، مُتطلعين بإذنه تعالى إلى أن لن يُصيبها فيه تَرَح، وأن لا تتعرض فوقه لأي جرح.. فاللهم لك الحمد على ما أنعمت وأوليت وأحييت.

... إنَّ بشائر العام الجديد قد هلَّت علينا بشيء لن ننساه ما حيينا؛ فجلالتكم عَبَرتُم بنا مواطنَ التخلُّف والجهل فكيف لا نحبك، وخضتم بنا طلائع المحن والعسر؛ فكيف لا نكون جُندك الأوفياء، فبسيرنا خلفكم نُلنا المنح، وبحبنا الخالد المتبادل حققنا معا الأهداف والطموحات.

ختاما.. حفظكم الله مولاي المعظم ذُخرا وفَخرا، وأتشرف من هذا المنبر بأن أرفع إلى مقامكم السامي تهانينا القلبية بمناسبة العام الميلادي الجديد، الذي بدأ بفرح عظيم وسرور أعظم عِشْنَاه ابتهاجا بتحسُّن حالتكم الصحية؛ فكلُّ عام مولاي وأنتم في نعيم دائم، وعُمان في أمن وأمان.