الدبلوماسية العمانية تواصل إرساء قيم السلام في المحافل الدولية

إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني يضيء 2019 بنور التسامح والتعايش العماني

الرؤية - مريم البادية

مثّل تدشين مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني" الحدث العماني الأبرز على الساحة العالمية في عام 2019، عندما كشفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن تلك الوثيقة السامية البالغة الأهمية، والتي جاءت تنفيذا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- لتكون بمثابة إعلان عالمي يدعو للتآلف والتسامح والعيش المشترك بين البشر، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم الدينية والعرقية، وبما يضمن إرساء قواعد السلام والرخاء.

وعلى مستوى السياسة الخارجية العمانية، يمكن القول إنّ الدبلوماسية العمانية التزمت خلال العام 2019 بما أرساه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- من مبادئ راسخة وقواعد أصيلة تعكس الهوية العمانية وتُبرز الثوابت الوطنية، التي ترتكز في جوهرها على مبادئ احترام السيادة الوطنية وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، في إطار الرؤية السديدة للمقام السامي والساعية إلى بناء عالم يسوده التسامح والتعايش والتآلف والمودة، بجانب قيم العدل والسلام والخير للجميع.

وبرز التأكيد على هذه السياسات خلال 2019 في أكثر من محفل دولي، في مقدمتها ما أكد عليه معالي يوسف بن علوي بن عبدلله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في كلمته أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عندما قال: "انطلاقاً من إيمان بلادي بّأن الحوار والمفاوضات هما أنجع الوسائل لحل الخلافات، فإننا نؤكّد دائماً على أنّ سلطنة عُمان ودول أخرى تبذل جهوداً مشتركة ومساع خيّرة لدعم المبادرات الإقليمية والدولية التي من شأنها المساعدة على تحقيق السلام ونشر ثقافة الأمن والاستقرار في المنطقة". وذكر بن علوي أنّ استمرار الحرب في اليمن أدّى إلى وضع مأساوي إنساني، مشددا على دور السلطنة في دعم كل الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي في اليمن. كما رحب بالتوافقات السياسية السلمية التي تم التوصّل لها في السودان، ومشيرا إلى أن السلطنة تدعو جميع الدول للتعاون البنَّاء واحترام خطوط الفصل الملاحية.

ومن منطلق الحرص العماني على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، أكّد معاليه في ذلك الخطاب أنّ قيام الدولة الفلسطينية المستقلة يعد من الضروريات الاستراتيجية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وتأكد ذلك مجددًا عندما شارك معاليه في نسخة منتدى دافوس المنعقدة في البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية، إذ تطرق معاليه إلى القضية الفلسطينية وشدد على موقف السلطنة الثابت والراسخ والداعم لهذه القضية. وأشار معاليه إلى أنّ هذه الأسس تدعو إلى ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وأن تعيش في أمن وسلام، مؤكدا معاليه أنّ السلطنة تدعو دائمًا إلى أهمية الحوار والتفاوض الجاد الذي ينشده أصحاب الحق في القضية الفلسطينية، لذلك ستستمر جهود السلطنة في هذا الاتجاه.

دور السلطنة في رأب الصدع الخليجي، كان بارزا وبقوة خلال العام 2019، وتجلى ذلك من خلال الجولات التي أجراها عدد من كبار المسؤولين في الدبلوماسية العمانية، ففي محاضرة ألقاها معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية ضمن فعاليات اليوم الجامعي بجامعة الشرقية في ولاية إبراء، قال معاليه إن هناك جهودا قائمة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الخليجية، بجانب جهود دولة الكويت الشقيقة، مشيرا إلى أن السلطنة على يقين بأنّ هذه الجهود ستصل إلى حلول تعمل على حل الخلاف. وقد شدد البوسعيدي في تلك المحاضرة على موقف السلطنة القائم على الدعوة للحوار والعمل من أجل مصلحة المنطقة والمحافظة على البيت الخليجي متماسكا وقويا. وأعرب معاليه عن أمله في أن تكلل تلك الجهود بنجاح  المساعي التي تقوم بها السلطنة وغيرها من الدول الشقيقة في المنطقة في هذا الشأن.

حضور عماني لافت آخر على الساحة العالمية، كان من خلال مشاركة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة في أعمال القمة الثامنة عشرة لقادة دول وحكومات حركة عدم الانحياز والتي عقدت في العاصمة الأذربيجانية باكو، وقد ناقشت القمة جملة من القضايا العالمية وتلك التي تخص منطقة الشرق الأوسط، ومنها القضية الفلسطينية، إلى جانب ودور الأمم المتحدة والسلم والأمن الدوليين.

وبعيدا عن السياسة، كانت للسلطنة بصمة واضحة في مسيرة العمل الدولي، حيث شاركت السلطنة في المؤتمر الخامس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي عقد في العاصمة الإسبانية مدريد. ومثل السلطنة في ذلك الحدث العالمي البارز معالي محمد بن سالم التوبي وزير البيئة والشؤون المناخية، الذي أكد أن الآثار السلبية للتغيرات المناخية قد أصبحت واقعا لا جدال فيه وقد أثبتت التقارير العلمية وبخاصة تلك الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ العلاقة الوطيدة بين تلك الآثار وزيادة تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي منذ بداية الثورة الصناعية وحتى وقتنا الحاضر، حتى أصبح تغير المناخ يهدد جميع دول العالم بتأثيرات غير مسبوقة كزيادة الأعاصير المدارية المدمرة وذوبان الجليد وموجات الجفاف وما يصاحب ذلك من تاثيرات كبيرة على الاقتصاد والسكان وزيادة هشاشة النظم البيئية والمناخية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة