فنجاء ينشّط ذاكرته

 

أحمد السلماني

ليلة بألف ليلة تلك التي عاشتها قرية فنجاء الصاخبة يوم أن احتفت بنجوم جيلها الذهبي في كرة القدم، القرية التي تندس بين الجبال في جغرافيا صعبة أبى شبابها الانطواء والاستسلام لجبروت رواسيها فانفجر"ديناميت" طاقاتهم الإبداعية ليسطروا ومنذ فجر "نهضة قابوس المُعظم" ملاحم الإنجازات الرياضية،"منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر" وما بدل أبناؤهم تبديلا، ليعلنوا عن نادي فنجاء، الرقم الصعب واللوغاريتمي المستعصي في كرة القدم العُمانية، هو نادي السلطنة بأسرها وتألم الجمهور العُماني عندما غاب لعقدين من الزمان في غياهب جب "دوري المظاليم"، لكنهم في فنجاء دائماً ما "ينبشون" ويفتشون في ماضيهم الناصع ألقاً ونجومية ليبعثوه مُجدداً، وهذا ما حدث مساء الجمعة الكبير عندما احتفل النادي بمرور 30 عاماً على أول إنجاز كروي إقليمي للسلطنة، يوم أن صدموا المنطقة وقلبوا قواعد رياضة كرة القدم الخليجية التي كانت تعتبر فرق ومنتخبات السلطنة مجرد رقم يتذيل جدول ترتيب البطولات، لكن طالب هلال ورفاقه يومها ترجموا رؤية ورغبة المغفور له بإذن الله السيد سامي بن حمد إلى واقع كروي أعاد تشكيل خارطة كرة القدم الخليجية بتتويجهم بلقب كأس الخليج للأندية، "إلا أنَّ الأجل وافاه قبل بلوغ الأمل" ليكمل مسيرة الإنجاز أخوه السيد خالد بن حمد ويعود هو وبعثة الفريق من المنامة متوجين بالكأس ومتجهين بها أولاً إلى صلالة الأصالة ومن ثم استقبلتهم جماهير السلطنة قاطبة في مسقط العامرة يتقدمهم مؤسسو النادي العريق.

ثلاثون عامًا مرَّت على الإنجاز التاريخي الأول لكرة القدم العُمانية والذي لم يتكرر بعده على مستوى مشاركات أنديتنا الخارجية بسجلها المتواضع والمؤلم، وانتظرنا 20 عاما لنبتهج مجددًا ونحقق كأس الخليج في مسقط، اللقب الذي جاء بإرادة عُمانية خالصة من قمة الهرم إلى الجماهير الوفية والتي سطرت ولا زالت تسطر ملاحم الوقوف خلف منتخباتنا وأنديتنا، عندما أسست ثقافة ونمطا جديدا في التشجيع وتحفيز اللاعبين في الملعب احتذت بها جماهير المنطقة وتبنتها وتنازلنا عنها نحن وعدنا لنمط "الأعراس والزار" للأسف وما زاد الطين بلة نقل برنامج "صدى الجماهير" التلفزيوني لصورة نمطية هزلية للمشجع العماني لا نرتضيها كونها تتعارض و"سمت الشخصية العُمانية".

وعودة إلى الحفل الأنيق والمبسط الذي أقامه نادي فنجاء لنجوم جيله الذهبي وبعثه لهم من جديد بهدف تنشيط الذاكرة بعد استقطابهم جميعًا سواء المتواجد منهم على أرض السلطنة أو خارجها في لفتة جميلة ومبادرة رائعة قلَّ نظيرها عرفاناً لهم بإنجازهم الفريد يومها وبعث طاقات جيله الحالي للسير في دروب المجد التي سطرها أسلافهم قبل 30 عاماً، كما وأنَّ المبادرة تفتح الباب على مبادرات مُماثلة من الأندية واتحاد الكرة والوزارة لعمل كرنفالات الاحتفال بنجوم نحتوا أسماءهم بماء الذهب في تاريخ الكرة العمانية ولكنهم ذهبوا مع الريح.