أكد أن مواكبة الثورة التكنولوجية رسخت ارتباط القارئ بالجريدة على مدار الساعة

حاتم الطائي: "الرؤية" حلم تحقق بالصبر والكفاح.. وسنواصل التحليق في فضاء الإعلام

 

◄ الإعلام بحلة جديدة كان الفكرة التي نسعى لتطبيقها

◄ المطبعة كانت التحدي الأول.. وخلال عامين سجلنا أرقاما قياسية

 

 

من المُعتاد ألا تتحدث الصحافة عن نفسها، فهي كما يعرف عنها "مهنة البحث عن المتاعب"، لكنها دائما ما تكون متاعب تمنح الشعور بالسعادة وتجاوز الحديات. وفي احتفال "الرؤية" بمرور 10 سنوات على صدور عددها الأول، يحق لنا استثناء تلك القاعدة، لأنَّ هناك الكثيرين ممن ينتظرون أن تتحدَّث "الرؤية" عن نفسها في يوم استثنائي لذكرى يوم ينظُر إليه صانعه على بُعده الزمني وكأنه كان بالأمس القريب.

الحوار مع صاحب الفكرة والرؤية التي تحقَّقت، هو حوار مع عُماني شاب وإن غزا الشيب رأسه، فهو لا يزال يحلم ويعانق حلمه بقوة، ويواكب كل جديد في العالم.. وعندما وافق بعد جهد جهيد على أن يروي لنا جانبا من حكاية الحلم الذي يراه يتحقق، كان يتحدث بروح هذا الشاب المغامر، ويذكر كيف تحدَّى العالم بفكرته وحماسه في خضم أزمة مالية عالمية هوت بمؤسسات أرضًا، وأرسلت بجرس إنذار لأخريات، غير أنَّ الحماس والإيمان بالفكرة تغلب على "الهواجس"، لتنطلق "الرؤية" وتكبُر في عامها العاشر وهي الآن منظومة إعلامية متكاملة الأركان.

وإلى نص الحوار...

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

 

< كيف نبعت فكرة إصدار جريدة يومية؟ ولماذا اخترت لها اسم "الرؤية"؟

- مع بداية الألفية الثانية، كُنت قد أسست لـ3 مجلات شهرية لاقت نجاحا كبيرا؛ الأولى كانت مجلة "الرؤيا" وتهتم بالأسرة والمعيشة وأحدث صيحات الأزياء، والثانية هي مجلة "أوتو عمان" المتخصصة في عالم السيارات، والثالثة كانت مجلة "النجم" الرياضية، ومنذ صدور الأعداد الأولى لهذه المجلات، استقبلها القراء بشغف كبير، وكانوا يترقبون صدورها للاطلاع على ما تقدمه من محتوى صحفي مختلف، لكن دائما كان يراودني حلم بأن نُصدر صحيفة يومية، أكثر فاعلية وقدرة على تقديم نموذج إعلامي مميز للقراء. وفي العام 2007، بدأت التخطيط لإصدار جريدة يومية، وربما لم تكن الملامح والاسم واضحين، لكن مع البحث والاستعداد والتخطيط المناسب أدركت أن أفضل اسم هو "الرؤية"، لأنني أؤمن جدا بأنه إذا كانت لدينا رؤية في هذه الحياة، لاستطعنا أن نعيش حياة منتجة وكريمة، ولتمكنا من تجنب الكثير من المشكلات.

وخلال ذلك العام، بدأت التخطيط لهذا العمل، وكنت أعلم أنني سأواجه مجموعة من التحديات أمام هذا المشروع الكبير والطموح الذي يهدف لخدمة وتطوير الإعلام العماني، خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية، وكذلك عدم وجود مطبعة صحفية متاحة لطباعة الصحيفة؛ حيث كانت المطابع القائمة مملوكة للصحف الثلاثة التي تصدر بالفعل في ذلك الوقت، لكن مع كل هذه التحديات كنت على أتم الجاهزية والاستعداد للبدء في إخراج "الرؤية" إلى النور في العام 2008، لكن كما يعلم الجميع، كان 2008 عام الأزمة المالية العالمية التي زلزلت العالم، وعندما كنت أقرأ وأتابع ما ينشر من أن هذه الأزمة ستستمر لسنوات، وأن دولا واقتصادات عديدة ستنهار.. وكل هذه الصورة المتشائمة، ألجمت قليلا من حماسي لإصدار الجريدة، لكن بعد شهور قليلة أدركت حقيقة تأثر السلطنة الضئيل للغاية بالأزمة المالية العالمية، وهو ما أعاد لي جذوة الحماس والنشاط للبدء من جديد.

 

< ولماذا بدأت "الرؤية" صحيفة اقتصادية وهو مجال يراه البعض أصعب في الوصول لجمهور واسع؟

- بالفعل، منذ البداية قرَّرت التركيز على الجانب الاقتصادي، وكانت "الرؤية" هي أول جريدة اقتصادية عمانية متخصصة؛ وذلك لأنَّ عمان كانت تشهد طفرة في مراحل نهضتها المباركة، واستدعت التطورات مواكبة إعلامية للمشاريع الاقتصادية الكبرى في السلطنة، وتمكن القارئ من العلم بما يحدث على أرض بلاده من جوانب التنمية الاقتصادية ليكون بحق شريكا فيها.

ومن هنا، جاءت الرؤية كوسيلة جديدة تحمل الكثير من الطموح والكثير من الآمال الكبيرة لتقديم الأفضل للقارئ العماني، ومن يومها الأول وحتى الآن، نحرص على أن تكون الرؤية جريدة تحترم عقلية القارئ، وتستشرف المستقبل، وتنطلق نحو آفاق جديدة من خلال قراءات وتحليلات وأرقام بلغة جديدة، وكان التحدي الحقيقي في العمل هو البحث عن هذه اللغة التي كان يحتاجها المجتمع العماني مع التطورات التي حدثت من انتشار التعليم وغيرها من تنمية؛ فكانت "الرؤية" هي الثمرة الجديدة لكل ما عملنا عليه خلال العقود الماضية.

 

< وماذا عن بقية التحديات: المصاريف، توفير الكوادر المؤهلة... وغيرها؟

- التحديات كانت كبيرة بالطبع، وأهمها كان التحدي المالي لأن التكاليف كانت باهظة للغاية، وكنت بحاجة لمطبعة ولم يكن ذلك متوفرا نتيجة للاستثمار الكبير الذي يتطلبه شراء مطبعة كما أسلفت، إضافة لأهمية توفير الكادر الوظيفي المؤهل الذي تتطلبه جريدة تصدر يوميا، ونحن هنا نتحدث عن دوائر متخصصة في التحرير والصياغة والتدقيق والتصميم والتوزيع...وغيرها، ثم كان تحدِّي الاستمرار والنجاح في ظل منافسة التقنيات الجديدة. لكنني أؤمن بأن التحديات لا تتوقف، والناجح هو من يرى في الأزمة فرصة، ويعلم أن التحدي إما أن يبث اليأس في النفس أو يزيد فيها الإصرار على النجاح، وكان طريقنا هو تحطيم التحديات والمرور من فوقها سالمين.

 

< لم تتوقف الجريدة عند حدود العدد اليومي، ونشر الأخبار، بل ابتكرت "إعلام المبادرات".. فكيف جاءت الفكرة؟ وكيف تتطور؟

- أدركتْ "الرؤية" منذ بداياتها أن عليها أن تقدِّم كل جديد للمجتمع العماني والإعلام الوطني، ومن هنا انبثقت في البداية فكرة تعزيز الحوار المجتمعي والإعلام التفاعلي، فبدأنا بمجموعة من الندوات كإحدى المبادرات التي دشنتها الجريدة في عام 2010، ثم زادت وتيرة هذه الندوات المتخصصة التي يشارك فيها متخصصون حسب الموضوع الذي تناقشه، وحظيت هذه الندوات الموسعة بنجاح كبير تجلى في طرح العديد من الأفكار التي تبناها المجتمع والوزارات والهيئات والحكومة بشكل عام، وبلغت هذه الندوات أوجها في العام 2011؛ حيث قدمنا 48 ندوة في عام واحد، وهذا رقم قياسي، والفضل يعود لفريق "الرؤية" الذي تحمل العبء، على الرغم من أنه فريق صغير العدد نسبيا، لكنه تحمل ذلك من خلال تفعيل الندوات الحوارية المجتمعية، ومن ثم تولدت فكرة أخرى جديدة، وهي "جائزة الرؤية الاقتصادية"، بهدف تحفيز أصحاب الأعمال على المزيد من الإجادة، وتلاه المنتدى الاقتصادي الذي تخصص في مناقشة المواضيع التي يطرحها المتخصصون والخبراء من خلال لقاء مباشر وبمشاركة الحضور.

ومن خلال هذه المبادرات وطرح المزيد منها، انطلقت فكرة "إعلام المبادرات"، وهو ببساطة الإعلام المبادر المتفاعل مع طموح وأحلام المجتمع ومتطلبات كل مرحلة؛ فأطلقنا مجموعة من الجوائز والمنتديات والمؤتمرات التي تناقش بشكل موسع قضايا وأفكارًا تتعلق بقطاعات معينة، إضافة لإطلاق مبادرة جديدة تعد الأولى من نوعها وهي "مكتبة السندباد المتنقلة للأطفال"، والتي تُعنى بوصول الحق في القراءة لكل طفل في ربوع السلطنة، عبر التنقل المستمر بين الولايات.

 

< بات لـ"الرؤية" منصات إعلامية متعددة.. اشرح لنا هذا التنوع؟

- خلال السنوات الأخيرة، وتماشيا مع متطلبات الإعلام الجديد والتطور الذي حدث بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن أبدا لنغفل هذا الجانب، بل دخلنا عالم الإعلام الرقمي وأصبحت "الرؤية" متواجدة وبقوة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهو ما مكَّننا من أن نُتيح للجمهور معرفة الأخبار على مدار الساعة.

واستفادةً من منجزات الثورة التكنولوجية، أطلقنا "صوت الرؤية"، وهي أول إذاعة رقمية تواصل بث برامجها على مدار الساعة، كما استفدنا من التقنيات الحديثة من خلال إطلاق "الرؤية TV" التي تواصل بث برامجها ونقل الأحداث بالصوت والصورة عبر موقع يوتيوب، ونقدِّم في ذلك خدمة نقل الأحداث على الهواء من خلال خدمة "الرؤية مباشر".

ومن المؤكد أننا في مرحلة انتقالية نشهد فيها الانتقال إلى الإعلام الرقمي تماشيا مع ما يحدث في العالم من حولنا، وسنعمل جاهدين على هذا الانتقال خلال الفترة المقبلة؛ من خلال تعزيز حضورنا على وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير الموقع الإلكتروني الذي سيخرج بحلة مغايرة مع مطلع العام الجديد، والكثير مما نعد له لجمهورنا خلال الفترة المقبلة.

وأود أن أختم بالتأكيد على أنه لا يزال أمامنا الكثير من التحديات التي تواجهنا في طريق تعزيز نمونا، لكن ما يسهم في تخطي هذه التحديات هو يقيننا بأن الإعلام له دور كبير عندما يتخطى الرؤية الضيقة للإعلام بأنه مجرد ناقل للخبر، والنظر إلى دوره كصناعة، وبذلك يستطيع أن يتطور ويحلق في آفاق وفضاءات أرحب.

تعليق عبر الفيس بوك