"فايننشال تايمز": معركة جديدة حول استقلال اسكتلندا

ترجمة- رناعبدالحكيم

ترى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن ثمة معركة جديدة حول استقلال اسكتلندا تلوح في الأفق، وذلك بعد أن أيد البرلمان البريطاني اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي قدمها رئيس الوزراء بوريس جونسون، ووضع البلاد في طريقها لمغادرة الاتحاد في 31 يناير المقبل، وأصبح من الواضح الآن أن مستقبل المملكة المتحدة سيعود لصدارة المشهد مع حلول العام الجديد.

وقال الحزب الوطني الأسكتلندي، الذي حقق مكاسب انتخابية هذا إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تغيير مادي في التركيبة الدستورية للمملكة المتحدة؛ إذ يريد تصويتًا جديدًا على الاستقلال، ويجب أن يدعم مؤيدو الاتحاد القضية لبقائها.

وتضيف الصحيفة صفقة الخروج التي قام بها جونسون، تمنح نيكولا ستورجيون زعيمة الحزب الوطني الأسكتلندي المزيد من الحجج لدعم موقفها الانفصالي. وأكدت ستورجيون مقترحاتها الرامية إلى تمكين اسكتلندا من البقاء في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وعلى النقيض من ذلك، تم تجاهل الاتحاد الجمركي.

بيد أن الأوضاع الاقتصادية لا تصب في صالح الاستقلال، حيث كان خام برنت عند مستوى 100 دولار للبرميل قبل استفتاء 2014، واليوم عند مستوى 65 دولارا، وهذا يجعل من الصعب للغاية على اسكتلندا تمويل نفسها دون تلقي التمويل الكبير لميزانيتها من حكومة المملكة المتحدة. وأظهر الاستعراض السنوي للمصروفات والإيرادات الحكومية في اسكتلندا أنها واجهت عجزًا نظريًا في الميزانية قدره 7% في 2018 و2019، حتى بعد تضمين حصة من إيرادات نفط بحر الشمال. ومن شأن الخروج الذي يستهدفه جونسون أن يقلل العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالجوانب التجارية. وإذا انفصلت اسكتلندا بعد ذلك وظلت في الوقت نفسه داخل الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيخلق حدودًا صلبة بينها وبين إنجلترا، مما يتسبب في مزيد من الأضرار الاقتصادية.

وترى الصحيفة أن رئيس وزراء المملكة المتحدة محق في رفض دعوات ستورجيون لإجراء استفتاء جديد العام المقبل، فيما أن حصة الحزب الوطني الأسكتلندي البالغة 45% من الأصوات الاسكتلندية في الانتخابات العامة لا تكفي لمنحها الاستقلال. ومن المؤكد أن الحزب يدرك أن الاستفتاء في العام المقبل ليس مرجحًا ولا مستحسنا، لكن يأمل أن يؤدي الرفض المتكرر من جانب جونسون إلى دعم تصويته في انتخابات البرلمان الاسكتلندي عام 2021. ومع ذلك، يجب أن تعمل الحكومة جاهدة لكسب قلوب وعقول الأسكتلنديين.

ونقل رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون سلطات إضافية إلى اسكتلندا بعد عام 2014، بما في ذلك معدلات ضريبة الدخل، ولكن الهيكل يحتاج إلى مزيد من الإصلاح. وطلبت ستورجيون المزيد من التنازلات، بدءا من السيطرة على امتيازات السكك الحديدية الاسكتلندية والبنية التحتية إلى الإعفاءات من قانون المملكة المتحدة الذي يحظر برامج مكافحة الهيروين المقترحة في جلاسكو وهذا لن يكلف لندن الكثير.

وترى الصحيفة أنه يجب استخدام بريكست أيضًا كفرصة لإعادة توزيع المسؤوليات داخل المملكة المتحدة. وهناك العديد من الصلاحيات التي ستتم إعادتها من بروكسل في مناطق تم نقلها؛ يخشى القادة الأسكتلنديون من "الاستيلاء على السلطة" من وستمنستر.

إن ضمان حصول اسكتلندا على الصلاحيات التي يحق لها، لا سيما في مجال الزراعة ومصائد الأسماك، ينطوي على تعقيد الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقات تجارية مع المملكة المتحدة، على سبيل المثال ، مع الولايات المتحدة. ومع ذلك قد يكون ثمن إنقاذ الاتحاد.

وأكد الصحيفة دعمها القوي للمملكة المتحدة باعتبارها واحدة من أنجح صور الوحدة السياسية في التاريخ، لكن الحجة القائلة بأن خروج بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يغير الوضع الدستوري أمر مشروع.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة