عصا موسى!

 

وليد الخفيف

 

هناك من يعتقد خطأ، أنَّ كومان هو حجر العثرة أمام تطور الكرة في عمان، أو أنَّه كل المشكلة ومحورها الوحيد بعد فقدان لقب الخليج.. فبجرة قلم رصاص ليس حبرا يرحل كومان ويأتي غيره.. وعبر اجتماع لدقائق أو لسويعات يعفى جهاز فني وإداري بالكامل وتسند المهمة لغيره.. فالمشكلة ليست في الإقصاء أو التعيين إنما تكمن في متخذي القرار لهذا وذاك.

فإن كنت متيقناً أن كومان جزء من المشكلة، ورحيله بات واجب النفاذ، فمن الإنصاف أن يرحل رفقته كل من قفز من السفينة التي هوت غارقة، متنصلاً متهربًا من المسؤولية متبعاً سلم الطوارئ، فهو مسلك المنتظر لأصحاب العمل المنقوص غير المشفوع لا بعلم سديد، ولا بإدارة فصيحة، بل مستند لتزكية من أهل الثقة، وتنحية لأهل الكفاءة مع بعض الغرور المُختلط ببحث عن الحظ إثر غياب المشروع والهدف والأدوات.. فلم يكن أحدهم واثق الخطى يمشي ملكًا..

فعفوا إذا أحدث لغوكم الطنين في آذان جمهور سئم المبررات.. فكومان في رقعة الشطرنج ما هو سوى قطعة بيدق ذي حركة واحدة للإمام ولا يعود للخلف بلا أنياب، فبات متاحاً أمام المطالبين بالتضحية بجسمانه قاصدين تنجية أصحاب الحركات الواسعة.. ولكن حركاتكم المكشوفة لطالما أغرقت من يُحاول المسير على حواف المربع الأبيض والأسود في عيون البسطاء،.. فلم يعد أحدٌ في انتظار ما يفضي إليه قرار اجتماع الأحد، فاجتماعكم لم يغدو مرتقبا.. فرحيل كومان أو جهازه لن يغير من أمر المنظومة المتهالكة أحشاؤها بالأمراض المزمنة شيئاً.. فدواء التطوير لن يخرج من صيدليتكم الجوفاء ذات الأرفف المُتراكم على جنباتها تراب التقليد ويدرس في أروقتها قواعد التخطيط.. فيا عزيزي المشجع: اشرب دموعك واجرع مرها عسل، يغزو الشموع حريقا وهي تبتسم..

وأعتقد أن لسان الجمهور لاتحاد الكرة بعد العودة من الدوحة هو:

كم خاب ظني بمن أهديته ثقتي.. فأجبرتني على هجرانه التُّهمُ.

‏أما كومان لمعاونيه بعد تصريح مساعده ونفيه فيقول: كم صرت جسرًا لمن أحببته فمشى على ضلوعي وكم زلّت به قدم.

الآن أصبح كومان ضعيفاً!.. الآن أصبحت المشكلة في الجهاز الفني!.. الآن أنا لست مسؤولا عن عمل المنتخبات! أليس هو كومان الذي أشهرتم أسحلتكم من أجل الدفاع عنه في اجتماعكم ضد النائب الأول! أليس هو الجهاز المعاون الذي أعتقد بعضهم أنه يحمل درجة مالية تخول له البقاء في منصب مساعد المدرب حتى بلوغه سن التقاعد! بضاعتكم ردت إليكم فاقبلوها.

إن إخفاق المنتخب الأول جزء من إخفاق مستدام لمنتخب الشباب الذي بات بلوغ نهائيات آسيا حلما مستعصيا أمامه! فهل من معلن عن تحمله لثمن الفوضى التي تعتري الأولمبي لسنوات؟ ! من منكم يتحمل تردي تصنيف المسابقة المحلية آسيويا؟ وإخفاق أنديتنا خارجيا؟ أين جديدكم الذي أتيتم من أجله؟ أين الرؤى التي صدرها المتاجرون وألبستكم لباس المنقذين؟ أسمع بعضكم يلقي باللوم على الإمكانات المادية، ولكن هل تعلمون أن قليلا مما تحصدون دون عناء كافٍ لتحقيق الأمنيات.. فالاهتمام واضح في تنامي الدعم وتسارع مشروعات البنى الأساسية في كل ربوع السلطنة.. وقصة المكآفات دليل.. فالمشكلة تتمثل في حسن إدارة الأموال قبل قيمتها..

ولعل محاولة سحر أعين الناس، وتحويل أنظارهم عن بيت القصيد إلى هامش الحكاية التي لم ترو كامل فصولها لم تؤت أكلها هذه المرة.. فعصا موسى لم يلتفت إليها الأغلبية رغم أنهم ألقوا بألف منها أو يزيد..فإن أرادوا إصلاحا فعليكم بتنحية متبرعي التطبيل.. لتدشنوا عهدا جديدا ركيزته الأولى الكفاءة.. فالأندية نقطة الانطلاق، والتجديد في التعامل مع مختلف الملفات محور أصيل، أما ملف المراحل السنية فاستثمار الغد المشرق.. ولا مناص أن نتخذ من الشفافية شعارا يلامس الواقع.. والتغيير منهج يشهد بجودته الجميع.