متى تنتهي أزمة تسريح العمانيين؟

 

 

 

< هناك استخفاف من بعض الشركات بحقوق العمال العمانيين فيما يتعلق بتسريحهم وفصلهم فجأة ودون سابق إنذار

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

قبل حوالي أربع سنوات ونيف من الآن، نشرتُ مقالًا حول نفس الموضوع الذي هو بين أيديكم "أزمة تسريح وفصل العمانيين تعسفيا من شركات القطاع الخاص"، وكان حينها المقال يتطرَّق حول شركات المقاولات العاملة داخل مناطق الامتياز النفطية تحديدا.

وبعد هذه المدة التي هي ليست بالقصيرة، الظاهر أنَّ الحال مثلما هي عليه، لم تتغير، وأصبحت بعض هذه الشركات لا تراعي للنفس البشرية أي معنى ولا للعِشرة المهنية مذهبًا، والهدف بالطبع مادي بحت؛ ففي سبيل المادة يفعلون ما يشاؤون حتى ولو قطع الأرزاق، وكما قيل قديما في المثل الشعبي: "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، وإن كان بعض علماء الدين يُغالطون هذه المقولة بحجة أنَّ قطع الأعناق أشد عند الله من قطع الأرزاق؛ فالنفس البشرية تبقى أهم من المال، وإنما العرب قديماً كانت تُمثل القصص فيما بعد بأمثلة شعبية يتداولها العامة تحمل معاني ومغازي عديدة.

ولو رجعنا لصلب الموضوع في مقالنا، نجد أنَّ هناك استخفافًا من بعض الشركات لحقوق العمال العمانيين فيما يتعلق بتسريحهم وفصلهم فجأة ودون سابق إنذار، بل حتى دون النظر لحالهم المؤسف جراء التزاماتهم العائلية والمالية، والأمثلة على ذلك عديدة، والشواهد كثيرة، وآخرها فصل وتسريح عدد كبير من العمانيين باختلاف وظائفهم من إحدى الشركات العاملة في القطاع الخاص، والعدد الذي تمَّ ذكره ليس بالعدد الهين.

الغريب في الأمر أن تلكم الشركات جعلت الأزمة الاقتصادية شماعة لتسريح وفصل أولئك الموظفين وكأنهم نسوا وتناسوا، أو أنهم قد تغافلوا عن وجه عمد، أنَّ أغلب العقود الخاصة بهم قد أبرمت قبل بدء الأزمة يعني باختصار أنَّ خزائنهم قد مُلئت سلفاً، وأن ما ذُكر لا يعدو كونه أعذاراً واهية باطلة، والدليل تعيين عدد من الوافدين مكان العمانيين المُسرَّحِين يعني باختصار أنَّ الهدف مادي بحت لا غير، وبدوره كان الاتحاد العام لعمال السلطنة متابعًا هذه الأزمة، و كان دوره ملموسًا وجهد مقدرًا في حدود إمكانياته، ومن المفترض أن يكون لوزارة القوى العاملة دور أكبر وأقوى مما هو حاصل حاليا؛ من حيث إيجاد الحلول والمرئيات، ووضع خطة لمعالجة هذه الأزمة معالجة نهائية، والسعي لسن تشريعات وقوانين تحمى المواطن العماني في القطاع الخاص، وإحلال العمال العمانيين مكان الوافدين، أو تعويضهم التعويض المجزي في حال انتهاء عقد الشركة لأي سبب من الأسباب.

... إنَّ التعاضدَ والتكاتفَ بين الجهات الحكومية ذات العلاقة والنقابات العمالية أصبح ضرورة ملحة لمنع ما يحصل؛ خشية تفاقم الأمر وتحولها لظاهرة قد تؤثر على هذا القطاع الحيوي، والذي هو غير ناقص أساساً؛ فالوضع الاقتصادي العالمي مقلق وهو بدوره ينعكس على اقتصادنا المحلي، وبلا شك فإنَّ ما يحدث سيكولوجيًّا قد يؤثر على المجتمع والأسرة؛ مما سيكون له تأثيرات مباشرة غير محمودة العواقب فيما بعد، لا سيما إذا علمنا أنَّ حالات التسريح والفصل التعسفي قد زادت عن حدها في الآونة الأخيرة، وهناك الكثير من القضايا في أروقة المحاكم، فينبغي هنا إلزام الشركات أينما كان تخصصها بعدم تسريح العمالة وفصلهم ما دامت تستفيد من استمرارية تعاقدها مع الحكومة، ولكن من أين لها الالتزام وهي تعلم تمام العلم أنَّ قضايا الفصل التعسفي تستغرق في المحاكم سنوات عديدة، وحينها يكون المواطن قد ضج ومل وضجر، ويحكم له بعدها بتعويض مالي بسيط. ولهذا السبب، نجد أنَّ هناك ضحايا كُثر من الفصل التعسفي والتسريح؛ فالشركات لا تتوانى ولا حتى تتردد من ذلك، طالما تدفع الفتات لهم كتعويض... نتمنَّى سرعة معالجة هذه الأزمة التي قد تعصف بمستقبل العديد من أبنائنا وإخواننا العاملين في بعض شركات القطاع الخاص.

وأرى أنه حان الوقت للتعجيل بإصدار قانون العمل الذي طال انتظاره؛ فعسى أن يكون هو المنقذ ويمثل حبل النجاة للعمانيين الذي يعانون في القطاع الخاص أيما معاناة من قبل بعض الشركات التى أصبحت تلعب في الميدان كيفما تشاء وترغب، وأتمنى جل التمني التدخل بحزم وشدة من قبل مجلس الوزراء الموقر ومجلس الشورى، حتى لو استدعى الأمر إيقاف هذه الشركات عند حدها، والتوصية بإغلاقها نهائيا، وفرض غرامة كبيرة عليها لتكون عِبرة لغيرها من الشركات؛ فمن ليس فيه خير لعمان وشعبها، لا خير لعُمان فيه.