حوارية شعرية: طَرِيقُ الْمَــوْتِ*

 

عبد المجيد زين العابدين| تونس

 

*أَنَـــــــــا:

يَا طَرِيقَ الْمَوْتِ يَا رَمْزَ الْفَنَــــــــا  **مَادَهَاكِ الْيَوْمَ جَدَّدْتِ الْعَنَـــــــا؟

قَـْد فَجَعْتِ الْقَــــــوْمَ فِـي أَفْـــلَاذِهِمْ  **فَلَـــذَاتٍ كَــــزُهُورٍ فِي الــدُّنَـى

مِنْ بَنِيـــــــنٍ وَبَنَـــــــاتٍ ذَهَبُــــــوا **لِيَزُورُوا مَــــا حَلَا مِنْ أَرْضِنَا

أَرْوَعَ الْمُدْنِ شَمَالًا هِيَ "عَيْـــــــــــــ**نُ دَراِهِمْ" وَهْيَ أَحْلَى مُدْنِنَــــا

ذَهَبُوا دُونَ مَعَادٍ كُلُّـــــــــــــــــــهُمْ **جُلُّهُمْ رَاحَ إِلَى دَارِ الْفَنَــــــــــا؟

***

 

*الطَّرِيقُ:

اِسْأَلِ الْغَيْرَ وَقُلْ لِي فِي سَـــــــدَادْ: **هَــــــــلْ رَعَانِي وَحَبَانِي بِالْـوِدَادْ؟

مُنْذُ عِقْـــــــدٍ وَعُقُودٍ قَـــــــدْ خَلَـتْ **سَلْهُ قُلْ لِي وَأَجِبْنِي بِاِعْتِــــــــــدَادْ

مَا تَرَاهُ مُسْدِيًــــــــا فِيَّ أَنَـــــــــــــا** خِدْمَةً فِي صَوْنِ مَا بِي مِنْ فَسَـادْ؟

هَلْ رَأَيْتَ الْغَيْرَ يَحْمِينِي بِسُــــورٍ؟ **حَاضِنًا كُلَّ ضُيُوفِي مِنْ تَهَــــــادْ؟

وَاِنْزِلَاقٍ مِنْ أَعَالِ لِسُفُــــــــــــوحٍ**لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مَوْتٍ  قَعْـــــــرَ وَادْ؟

***

 

*أَنَـــــــــا:

يَا طَرِيقَ الْمَوْتِ سَبَّبْتِ الْحَـــزَنْ **كُلُّ نَاسِي كُلُّ أَهْلِــــــــــــــي ذَا يَئِـنْ

أَنْتِ غُولٌ لَا تُحِبِّينَ  الْـــــــوَرَى ** أَنْتِ مَاذَا؟ لَسْتِ   دَرْبًا يُؤْتَمَـــــــــنْ

كُلُّ نَاسِي جَزِعُوا مِنْكِ وَخَافُــوا ** جَزَعـًـــــــا مِنْكِ فَـــــــــلَا أَمْـنَ إِذَنْ

تُونِسُ الْيَوْمَ تَرَاءَتْ فِي  حِـــــدَادٍ** عَقِـــبَ الْمِحْنَةِ بَلْ أَقْسَى الْمِحَـــــــنْ

فَقَدَتْ أَحْلَامَهَا عَبْرَ ثَــــــــــــوَانٍ**إِيهِ يَا غُولًا تَمَادَى فِي الزَّمَــــــــــــنْ

سَوْفَ نَقْلُوكِ إِلَى غَيْرِكِ تَــــــوًّا **فَـــــبِلَادِي عَنْكِ أَضْحَتْ فِي غِـــــنًى

***

 

*الطَّرِيقُ:

أَنَا عَمْدُونٌ طَرِيقٌ أَهْمَلُونِــــــي **تَرَكُونِي دُونَ حِصْنٍ  ضَيَّعُـــــــــونِي

لَسْتُ أُوْلَى بَلْ أَنَا مِنْ بَيْنِ طُرْقٍ **أَهْمَلُوهَا مِثْلَمَـــــا قَـــــدْ أَهْمَلُــــــونِي

سِرْ وَرَاقِبْ إِنْ أَنَا قُلْتُ صَوَابًــا **لَا تَلُومُونِي وَلَكِــــــــنْ اُعْـــــذُرُونِي

سَتَرَى الطُّرْقَ كَمِثْلِـــي تَشْتَكِـي ** مِنْ عُيُوبٍ لَازَمَتْهَا مِنْ قُـــــــــرُونِ

***

 

أَنَا:

اُسْكُتِي الْآنَ وَأَبْدِي طَاعَــــــــــةً**مِثْلَ كُلِّ الْقَـــوْمِ بَانُـــــــــــوا طَيِّعِيــنْ

لَا تُثِيــرِي مُشْكِــــلَاتٍ أَزْعَجَتْنَا**لَا تَكُونِي مِثْـــــلَ شَيْطَــــــانٍ لَعِيــــنْ

إِنَّنَا نَبْنِي نِظَامًا هُوَ حُكْــــــــــمُ ** الشَّعْبِ حُرًّا لَيْسَ يَعنْــوُ لَا يَــلِـــــيـنْ

فَإِذَا جَــــــدَّ مُصَابٌ مِثْلُ هَـــذَا **قُلْتُ إِنَّــــــــــا لِإِلَهِــــي رَاجِعُـــــــونَ 

***

 

الطَّرِيقُ:

لَا تَقُلْ قَوْلَ عُمُومِ النَّاسِ فِينَــــا**لَا تُمَنِّ النَّفْسَ بِالْبَـــــــذْلِ الثَّمِيـــــــــنْ

وَبِمِلْيَـــــــارٍ تُنَاجِي صَمْتَنَـــــا **وَكَأَنَّ النَّقْدَ يُنْسِينَـــــــــــــــا الْأَنِيـــــنْ

لَيْسَ لِلْمِلْيَارِ قَدْرٌ عِنْدَنَــــــــــــا **بَعْـــــــــدَ فَقْـــــــدٍ لِبَنَـــــاتٍ وَبَنِيـــنْ

هِيَ أَحْلَامٌ لِكُـــلِّ الْوَالِدِيـــــــــنْ**وَشُمُـــــوع ٌ لِــجَمِيـــــعِ الْعَـــالَمِيـــنْ  

بَلْ أُرِيدُ الْيَوْمَ مَا يَنْفَعُ شَعْبًـــــــا**وَلَئِـــــــــــــنْ كَانَ قَلِيــــلًا قَــدْ يُعِينْ

لَمْ أَعُدْ أَبْغِي اِنْتِظَــــارًا أَبَـــــدًا **قَـــــدْ كَفَــانِي مَــا عَنَانِــي مِنْ سِنِينْ

لَمْ أَعُدْ أَقْبَلُ تَسْوِيفَ الَّـــــــذِي **قَــــــدْ يُمَنِّي بِالْأَمَـــــــــانِي الْآمِلِيــنْ

........

هامش:

أرْسِلُ إِلَيْكُمْ حِوَارًا شِعْرِيًّا بَيْنِي وَبَيْنَ طَرِيقٍ خَطِيرَةٍ جَدَّتْ فِيهَا أَحْدَاثٌ كَثِيرَةٌ ،وَآخِرُهَا مَا يَلِي: أَبْيَاتٌ فِي شَكْلِ حِوَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَ طَرِيقِ عَمْدُونَ، تَصِفُ حَادِثَةَ اِنْقِلَابِ حَافِلَةٍ سِيَاحِيَّةٍ يَوْمَ الْأَحَدِ غُرَّةَ دِيسَمْبَرَ 2019،تَحْمِلُ عَلَى مَتْنِهَا ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ بَيْنَ رَاكِبِينَ وَرَاكِبَاتٍ مِنْ فِتْيَانٍ وَفَتَيَاتٍ  فِي رَبِيعِ الْعُمُرِ ،وَذَلِكَ فِي رِحْلَةٍ تَرْفِيهِيَّةٍ مُتَّجِهَةٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْدُونَ[= مِنْ مُعْتَمَدِيَّاتِ وِلَايَةِ بَاجَةَ] إِلَى عَيْنِ دَرَاهِمَ

[= هِيَ مَدِينَةٌ تُونِسِيَّةٌ جَبَلِيَّةٌ سِيَاحِيَّةٌ  بِاِمْتِيَازٍ] ،وَقَدْ خَلَّفَتْ مَوْتَى فِي حَصِيلَةٍ جُمْلِيَّةٍ قُدِّرَتْ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَاكِبًا وَرَاكِبَةً وَاِرْتَفَعَتْ إِلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ضَحِيَّةً  ،أَمَّا الْبَقِيَّةُ، فَهُنَاكَ مَنْ غَـــــادَرَ الْمُسْتَشْفَى وَهُنَاكَ مَنْ مَا زَالَ بِهِ  فِي طَوْرِ الْمُعَالَجَةِ.  عُنْوَانُ الْأَبْيَاتِ :                                                              

تعليق عبر الفيس بوك