حديثهم مع التغيير وأفعالهم غير ذلك

 

طلال البلوشي

قد يبهرك ما تسمع من مداخلات وأنت تحضر مناقشة في إحدى غرف الاجتماعات أو فيما يعقد من مؤتمرات وملتقيات، بما تحمله تلك المداخلات من اتجاهات إدارية حديثة تبشر بنقلة كبيرة على صعيد العمل، فذاك يحدثك عن النموذج السنغافوري وتركيزه على رفع كفاءة الموظفين وآخر عن النموذج الكوري الجنوبي الداعم لاستخدام أقصى حدود التكنولوجيا في مؤسساتهم، وينقلك شخص ثالث مستعرضا تجربة اليابان في تبسيط الإجراءات والتخلص من جميع ما لا يشكل قيمة للعميل، لتستفيق من نشوتك فور خروجك من تلك القاعة، عندما تجد من استبسل في استعراض تلك الاتجاهات الحديثة وهو متمسك بشدة بمدرسته الإدارية القديمة – غالباً ما تكون المدرسة البيروقراطية – في كافة ممارساته، الأمر أشبه بالشخص الذي يرفض التخلص من أي شيء من مقتنياته العتيقة فتجد جزءًا كبيرًا من بيته وقد تحول إلى مخزن للأشياء عديمة الجدوى، وسبب احتفاظه بها لا يتعدى أمر فقدانه للشجاعة للإقرار بعدم جدوى الاحتفاظ بتلك الأشياء، قد يكون الأمر مقبولا إذا ما كان المرء يرغب في تحويل بيته إلى متحف، لكن الأمر المرفوض تمام الرفض أن يحول المسؤول المؤسسة التي يتولى إدارتها إلى متحف للممارسات الإدارية القديمة.

وكمحاولة لتفسير هذا النوع من التناقض بين القول والممارسة، نجد أن الأمر قد يكون متعلقا بأن هؤلاء الأشخاص مع التغيير في صورته العامة، لكن عندما ينزلون إلى المستوى التفصيلي المرتبط بجزئيات عملهم، يشعرون بصعوبة كبيرة في التفريط بأي إجراء يمارسونه، وكأن حذف أو تغيير ذلك الإجراء سيؤدي إلى كارثة، كون أن تنفيذ الأعمال بأسلوب جديد يخرجهم من منطقة الراحة.

هؤلاء الذين يختلف قولهم عن ممارساتهم أمر إقناعهم بالتغيير غاية في التعقيد، لأنه لو كان الشخص منهم يصرح برفضه للاتجاهات الإدارية الحديثة الداعمة للتغيير، فبإمكانك أن تحشد له من البراهين عن جدوى التغيير ما يدفعه إلى الإقتناع بذلك، لكن ما عسانا أن نفعل مع من هو مقتنع أو أنه يتوهم أنه مقتنع ويظهر ذلك في كل أحاديثه ومناقشاته، وممارساته مختلفة تمام الاختلاف؟!

لذا وجب أن تتخذ الجهات العليا موقفا حازما تجاه هذا النوع من المسؤولين، فتدفعهم إلى برهنة مدى اقتناعهم بالتغيير على صعيد الممارسات لا الأقوال فقط، لعلها تنجح في تغييرهم، لتجنب أن يكون خيار استبدالهم الخيار الوحيد.

 

تعليق عبر الفيس بوك